الأحد، نوفمبر 25، 2007

خطة" مارشال" الإسرائيلية لتطويرالقدس أم لتعزيز السيطرة عليها ؟؟

راسم عبيدات
....... نشرت صحيفة "هارتس" الإسرائيلية في عددها الصادر يوم الخميس22/11/2007، خبراً مفاده ان بلدية القدس أعدت مشروعاً ضخماً لتطوير القدس الشرقية، ويتضمن هذا المشروع بناء فنادق وإقامة تجمعات تجارية، وأنفاق وبنى تحتية بتكلفة تصل إلى 200 مليون شيكل،ولعل هذا هو المشروع الأضخم الذي يجري الإعداد لتطبيقه منذ إحتلال القسم الشرقي من المدينة منذ أربعين عاماً، وهذا المشروع الذي يستبق مؤتمر "أنابولس"،يأتي لكي يدلل بالملموس ليس للفلسطينين وحدهم،بل ولكل العرب والمسلمين الذين تقاطروا لحضور هذا المؤتمر، ما تفكر وتخطط له القيادة الإسرائيلية، والتي ما انفكت تبيع العرب الأوهام والسراب، والعرب يسارعون إلى تقبل هذه الأوهام وهذا السراب، ويبدعون في تسويقها وترويجها، والتنازلات المؤلمة من أجل السلام، التي يتحدث عنها الإسرائيليين ما هي إلا لذر الرماد في العيون، وما يطمح له الإسرائيليين، هو التطبيع مع العرب مقابل التفاوض، والخطة الإسرائيلية المعلنة لتطوير القدس، هي تأتي في إطار العقلية والرؤيا الإسرائيلية،القائلتين بضرورة تهويد المدينة أرضاً وأسرلة سكانها، لإخراجها من أية عملية تفاوض محتملة، بل قوى اليمين الإسرائيلي المتطرف،رغم أن هذا التوصيف غير دقيق، فالقوى الصهيونية بمختلف ألوان طيفها السياسي، لديها خطوط حمراء مجمعة ومتفقة عليها، بعكس الطرف الفلسطيني والعربي، والذين ليس لديهم لا خطوط حمراء ولا صفراء، حتى وصلت بنا ما يسمى بالعقلانية والواقعية، أن قدم مندوبنا في هيئة الأمم المتحدة رياض منصور، مشروعاً لأعضاء الجمعية العامة، يطالب فيه إعتبار قوى المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حركة حماس في قطاع غزه، قوى ومليشيات غير مشروعة، فاتحاً الباب على مصرعيه،لإسرائيل وأمريكيا وأوروبا لوسم ووصف النضال الوطني الفلسطيني ومقاومته "بالإرهاب"، وما يطبخ ويخفى في القضايا الوطنية الأخرى مثل حق العودة للاجئين الفلسطينيين، أعظم وأشد ضرراً، حيث الحديث عن ترجمة حق العودة إلى الوطن من الغبن والإجحاف التاريخي والحقوق التاريخية إلى مشروع إقتصادي وتجاري، تصل كلفته إلى ما يقارب 90 مليار دولار، أي الشطب الكلي لهذا الحق، والإستعاضة عنه بالتعويض والتوطين، وفيما يتعلق بما يسمى بمشروع"مارشال" الذي تخطط له بلدية القدس، فإن الغرض منه ليس بالمطلق تطوير القدس الشرقية، وبالتحديد الأحياء العربية فيها، والتي تعاني من إهمال وتقصير متعمد في كل الجوانب الخدماتية من بنى تحتيه، والقطاع التعليمي المدمر، وغياب المخططات الهيكيلية والقيود والشروط التعجيزية في مجال البناء، ناهيك عن الخنق والحصار والتضيق في كل شيء وفرض الضرائب بأشكالها وأنواعها المختلفة، والتي لم يعرفها حتى أشد العصور ظلمة وقسوة، وكل ذلك يأتي في سياق خطة ممنهجة ومنظمة، لتفريغ المدينة من سكانها العرب، على إعتبار أن الإحتلال يرى في العرب الفلسطينيين سواءاً في مناطق 1948 أو القدس قنابل ديمغرافية موقوته، وسرطان يجب إقتلاعه بالطرق المشروعة وغير المشروعة، ومن هنا رأينا أن الإحتلال بعد أن أحكم تقطيع وتفتيت المدينة، وعزلها وحصارها عن محيطها الفلسطيني من خلال جدار الفصل العنصري والأحزمة الإستيطانية الطوقية، شرع في خطة جديدة، تقوم على تعزيز الإستيطان وزرعه في قلب الأحياء العربية، مثل سلوان وجبل المكبر وصورباهر وأم طوبا وشعفاط والشيخ جراح وغيرها، وهذه الأحياء الإستيطانية بحاجة إلى الكثير من المشاريع التي تمكن من تعزيز وجود المستوطنيين في هذه الأحياء، وإيجاد شبكة من الطرق الحديثة والمتطورة الموصلة بينها، والمستوطنيين طبعاً فهم اولاد ساره وشعب الله المختار ،وهم بحاجه لكل وسائل الترفيه من حدائق وملاعب وبنى تحتيه ومناطق تجاريه .. الخ ، ولذلك كما قلت في مقالة سابقة، بعد إقامة الحي الإستيطاني " تسيون زهاف" في قلب جبل المكبر، كانت قاذروات المستوطنيين نعمة لإهالي جبل المكبر، حيث مدت شبكات المجاري، والشوارع المؤدية للمستوطنة أصبحت "أوسترادات" وزودت بكل الخدمات، ولذلك الحديث عن خطة "المارشال" والمئتي مليون شيكل، هي من أجل تهويد المدينة وأسرلة سكانها، وتعزيز السيطرة الإسرائيلية عليها، وتفرغها من السكان العرب، وإخراجها من أية مفاوضات مستقبلية.حولها،وتطلب من إسرائيل الإنسحاب منها وتطبيق قرارات الشرعية المتعلقة بها، على إعتبارها مناطق محتلة منذ عام 1967.
والشيء المقلق والغريب أن السلطة الفلسطينية ومعها العرب والمسلمين والذين يكثرون من الخطب والشعارات" والهوبرات" الإعلامية والمؤتمرات حول القدس، لا يقدمون أي دعم حقيقي وجدي لسكان المدينة المقدسة من أجل تعزيز صمودهم وبقائهم على أرضهم، وهناك غياب لأية خطط وبرامج عملية، تمكن السكان الفلسطينيين من مواجهة المشاريع الإسرائيلية والتصدي لها، والمسألة مقتصرة على الهمة والجهد الفردي والمبعثر،غير القادرعلى خلق أية تركمات من شأنها، أن تدير المعركة مع الإحتلال بشكل جدي وقوي، والمقصود معركة السيطرة والسيادة على المدينة المقدسة، حيث نرى أن هناك غياب واضح ومقصود للعناوين والمرجعيات للسكان في الهموم الإقتصادية والإجتماعية، وتضيع الأمور في المسائل السياسية والوطنية،بعد حالة الإنقسام الفلسطينيوما نتج عنه من ضعف داخلي، والمسائل مقتصرة على "الفرمانات" والتعينات لسين أو صاد من قبل الساكنين خلف "المحاسيم"، وفي أغب الأحيان تكون هذه التعينات"والفرمانات" شكلية وأعلامية، وهي تأتي إرضاء لهذا الشخص او ذاك او لحل مشكلة هنا أو هناك، ولعل الجميع منا يذكر الفزعة الأخيرة لمؤتمر القدس الدولي، الذي عقد حول المدينة المقدسة في إستنبول، حيث لم يكن الوفد الفلسطيني موحداً، ناهيك عن ان الفزعة كانت فئوية،ولم يكن هناك إعداد جيد، بل وحتى كان هناك أكثر من موقف ورؤية فلسطينية في هذا المؤتمر، وأقتصر المؤتمر على الخطب والشعارات، ناهيك عن سيطرة روح الفئوية المقيته والعقلية الإقصائية، وأنا أجزم أن الكثير ممن ذهبوا للمؤتمر لم يكن هناك حاجة لذاهبهم أو وجودهم ، وما كلف هذا الذهاب الشعب اللسطيني من اموال صرفت بدون أي مسوغ أو مبرر مشروع، اللهم إلا أنهم ينتمون لهذا اللون السياسي أو ذاك، ومن هنا تأتي أهمية، التحرك الجاد والفاعل من أهل المدينة المقدسة، والإسراع في عقد مؤتمر شعبي، يفرز عناوين ومرجعيات واضحة ومحددة للمقدسيين في همومهم الإقتصادية والإجتماعية، والبعض يرى في المؤتمر الشعبي هذا، كعكة يجب إقتسامها بعيداً عن المقدسيين، وإنتاجاً للأزمات والشخوص السابقة التي أنتجت الأزمة، وإستمرار هذا النهج والرؤيا لن يقود لا لصمود ولا لمواجهة، وآن الآوان للقول الذين يمطرون علينا "فرمانات" وتعينات كفى، والمسألة لم تعد تحتمل، وتعليق الجرس واجب المقدسيين أنفسهم،ودعمهم وتعزيز صمودهم ووجودهم مسؤولية يتحملها، ليس فقط السلطة الفلسطينية، بل وكل العرب والمسلمين.

القدس – فلسطين

Quds.45@gmail.com

ليست هناك تعليقات: