الأربعاء، يونيو 03، 2009

وشـــــوشة عن أحداث قلقيلية، وأشياء أخرى

سامح عوده
- فلسطين

تناقلت وسائل الإعلام العربية والعالمية بشكل مذهل، ما جرى من أحداث في مدينة قلقيلية قبل ثلاثة أيام مضت، أثناء مداهمة قوات الأمن الوطني الفلسطيني لأحدى الشقق السكنية في المدينة التي كان يختبئ بها مجموعة من حماس، حيث أدى ذلك إلى استشهاد ثلاثة من قوات الأمن الفلسطينية ومقتل ثلاثة من حماس، وأسهبت وسائل الإعلام إسهاباً شديداً في التأويل، والتحليل، فوجدت في الحدث مادة دسمة لتنقل للمشاهد وكأنها فيلم من أفلام " الاكشن " ، وللحق فان دماء الفلسطينيين خيرُ ما يمكنُ أن يقدمَ للقارئ أو المشاهد العربي، تابعتُ الكثير مما نشر، لكن الوقت لم يسعفني حتى أتابع كل ما نشر، أصبتُ بغصة لهول ما نقل، على الأقل فانا أقربُ من مراسلي، ومذيعي، وكتاب، فعلى الأقل أسكنُ المدينة نفسها، مسرح الحدثِ، وهذا ما جعلني مطلع على دراما الأحداث منذُ بدايتها وحتى انتهائها، أما أصحاب وسائل الإعلام تلك، ونجومها، التي وجدت فيما جرى ضالتها، فهم يسكنون في بريطانيا وغيرها من دول أوروبا، أو يتربعون في ترف دول النفط، وفنادقها التي بدأت تغدقُ المالَ على الصحفيين والكتاب من أصحابِ الذمم الخرابِ..!! فمن ذاق طعم الفنادقِ الفارهةِ لا يمكن إلا أن يكون عبداً لاهثاً وراء المادة، ووراء تلك الرفاهية التي وفرت لشراء ذممهم، لم يشاهدُ أولئك القابعون هناك، منظر َ إحدى الصحفيات المشهورات وهي تتوسل تصريحاً صحفياً من أحد المسؤولين في المدينة، ولم تنل ذلك،هذا المشهد على الأقل كنتُ شاهداً عليه، ولو أن تلك الصحفية التي تعملُ في إحدى القنوات النفطية، كانت موضوعية لنقلت هذا المشهد الذي واجهته أثناء إعدادها تقرير عن المدينة..

لقد عرضت وسائلُ الإعلام المشهد في مدينة قلقيلية بشكل غير موضوعي، مرة تحت باب الإصرار على التضليل، ومرة تحت باب عدم نقل المعلومة من مصادرها، فنقلت مشوهة، لذلك حاولَ بعضُ مراهقي الأعلام أن يتخيلوا المشهدَ الذي يريدون، فدسوا خبثهم، ودهاءهم، وكل القذارة التي يمتلكون، وأبحروا بأحبارهم المسمومة، من برجهم العاجي في الدول الرفاه، يتخيلون مشهداً لا يمتُ للواقع بأي صلة، ولأن المقام لا يتسعُ لمراجعةِ ما كتبته تلك النفوس المريضة، لهذا سأكتفي بالإشارة إلى نموذجين .

الأول : كتبُ في اليوم الثاني للحدث، وعبر صفحات القدس العربي، ما كان أشبه بفيلم سينمائي، فيه من الإثارة الكثير، ومن الدجل أكثرِ، فحاولت تلك الأقلام الدنيئة، أن تصف ما جرى بأنه مطلبٌ أمريكي بالقضاء على حماس..!! بدأ بعد لقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع الرئيس الأمريكي أوباما، وحاول تلك الأقلام ألنتنه، أن تنعتَ شهداء قوات الأمن الوطني، بنعوت لا تدلُ إلا على نفسِ كاتبها القبيحة، ولأنهم لم يتقنوا إلا فن الغمز، واللمز، ولأنهم لا يعرفون من الحقيقة شيء، فضلوا أن يكونوا " بالوعةً " لا تنضحُ إلا بما هو نتن ..!!

الثاني: مقال الدكتور إبراهيم حمامي الذي وصلني بالبريد الالكتروني، وفيه من الدجل والتجني على الحقيقة الكثير .. الكثير، فهذا النموذج لم يختلف عن سابقه في القدس العربي، فالسيد حمامي ... حفظه الله بوقٌ معروفٌ لحماس، وهو الكاذبُ الحاقد، والمتجني على الحقيقة دائماً، فتربيتهُ في الغرب، لم تعلمه إلا التطاول على من هم أرفعُ منه شأناً، فدجلُ الكلام وفزلكته، لا يمكنُ أن يغيرَ في الحقيقة شيء...!! لأن خيوط الشمس أقوى من سلاسل الظلام..

ربما كان أصحابُ النموذجين السابقين بحاجةٍ لقراءة المشهد أكثر، ولو كان أصحابُ تلك الأقلام القذرة يعرفون من هو الشهيد حسام الرخ، والشهيد عبد الرحيم ياسين، والشهيد شاهر حنيني " أبو الطيب " المطلوب لإسرائيل حتى لحظة استشهاده، لأدركوا أنهم حتى لو عانقوا السماء بانتمائهم فإنهم لن يصلوا إلى حذاء واحدٍ منهم، لأن " الجعجعة " الفارغة لا تسمنُ ولا تغني من جوع، ولو كان صحيحاً ما كتبتم فقلقيليه المدينة المطوقة بالجدار، ذات البوابةِ الوحيدة التي يتحكمُ بها جنود الاحتلال، وتدخلها قوات الاحتلال معظم الأيام، فأين أولئك المقاومين الذين تستبسلون في الدفاع عنهم، لماذا لم نسمع، ولم نشاهد عن اشتباك لكتائب القسام مع جيش الاحتلال في مدن وقرى الضفة الغربية ؟! ومن سمع ولم ندرِ فليبلغنا ..!! أم أن سلاحهم المخبأ لن يوجه إلا لصدر الفلسطيني ؟! ولماذا هذا التخزين للسلاح في بيوت الله؟! الم تكن إرادة الله هي من تدخلت في الكشف عن متفجرات خزنت تحت احد مساجد المدينة ؟! أسئلةٌ أتركها لهم فربما وجدوا لها إجابات ..!!

للحق المشهد بكل تعقيداته مقلقٌ، وفي التفاصيلِ كثيرٌ من الجزيئيات ، حركة حماس، وأمراء الحرب في غزة، ومن والاهم لا يريدون أن نعبرَ بحلمنا الفلسطيني إلى بر الأمان، فكانت أصوت أخرى نشاز من غزة تحاول أن تدفعَ بالوضع إلى الهاوية، حتى تعيشَ الضفة في الظلم، والظلام، والقتلِ الموجود في غزة، ولان مكرهم وئد في مهده، ففضلت حركةُ حماس أن تروجَ روايتها عبرَ وسائل إعلام العدو الإسرائيلي، إذ لم يجد نائب رئيس بلدية المدينة متنفساً له في التعبير عن أوهامه إلا لصحيفة " معاريف " وصوت إسرائيل الصهيونيين، وهو يعلم علم اليقين، أنه تحت المطرقة، وبالمقابل فان الموقف الرسمي للسلطة ممثلاً برموزها في المحافظة، وقادة أجهزتها، رفضوا حتى الجلوس مع مراسلي تلك الصحيفة، لقناعتهم أن وسائل الإعلام الصهيونية ليست نزيهة، وأن كل ما سوف ينشرُ عبر صفحاتها لن يكون سوى خنجراً آخر يغرسُ في خاصرة الشعب الفلسطيني .

ربنا لا تؤاخذنا بما فعلَ السفهاء منا، انك على كل شيء قدير، هذا لسانُ حال المقهورين، والذين ضاقت بهم سبلُ الحياة ممن ارتضوا أن يعيشوا بسلام .


ليست هناك تعليقات: