الجمعة، يونيو 05، 2009

القراصنة في أستراليا: بطاقات سفر ونخاسة لبنانيّة

شوقي مسلماني
كاد المريب أن يقول خذوني. وقيل إحلفْ قال: "جاء الفرج". وهذا للتذكير فقط. واسمعوا هذه القصّة: حدّد لبنان يوم السابع من حزيران يوماً للإنتخابات البرلمانيّة اللبنانيّة. وبدأت خطّة دنيئة، فلا يكفي شرقاً وغرباً بيع وشراء الأصوات ـ الضمائر في لبنان المقيم بل يجب أيضاً بيع وشراء الأصوات ـ الضمائر في لبنان المهاجر. وبدأت تزُور سيدني وفود من طرف لبناني محدّد فيها وزراء وفيها نواب وفيها نشطاء وفيها مخاتير متكبّشة بأختام قولوا هي حوافر لو نزلت من شدّة صلابتها على جبال لدكّتها دكّاً. وبدأ افتتاح مراكز لاستقبال كل من يريد أن يبيع صوته ـ ضميره فيوقّع على ورقة تفيد بطلب معلومات هي حصريّة للدولة ويلقى بالمقابل رشوة بإهاب بطاقة سفر ذهاباً وإياباً من أستراليا إلى لبنان ومصروف جيب "بقشيش" وقضاء "يومين حلوين" في فندق و"ما أحلى النزلة على لبنان". وعددهم كبير الذين يحبّون أن ينزلوا إلى لبنان. وفعلاً نزلوا على هيئة "وجبات" من سيدني وبرزبن ومالبورن لكن ليس قبل فضيحتين كم ترمزان إلى كلّ شيء. الأولى: فضيحة الطائرة الماليزيّة والمشهد المحزن الذي وجد الأستراليّون اللبنانيّون في كوالالمبور أنفسهم فيه. والثانية: فضيحة طائرة الإتّحاد التي انفضحت هنا في سيدني من دون حاجة أن تصل إلى ماليزيا. وملأ البوليس الفيدرالي المطار. وتمّ وضع اليد في مشهد محزن على بطاقات سفر أستراليين من أصل لبناني دون غيرهم من خلق الله في مطار يحتشد فيه من كلّ خلق الله. ففي سيدني يعيش أكثر من 120 إثنيّة. وبدأ تحقيق البوليس الفيدرالي مع ممثّلين لممثّلي التجّار الكبار في سوق نخّاسة الإنتخابات البرلمانيّة اللبنانيّة وهم من طرف محدّد تهمّه قضيّة السيادة والحريّة والإستقلال، لكن ولكثرة ما وجدناه يختبئ خلف هذه القضيّة النبيلة بدأ يخامرنا الشكّ. ولكن سرعان ما هم أنفسهم قطعوا شكّنا باليقين. وهل أكثر رمزيّة لهذا اليقين من مكاتب النخاسة ونخاسة الأصوات الإنتخابيّة ونخاسة الضمائر التي هي ذاتها الأصوات الإنتخابيّة؟. فما هي المشكلة؟. هي أن البعض، ولا أتّهم شخصاً بعينه أو مجموعة أشخاص، يستحصل على بطاقات سفر من طريق حقير ويهبها لمن يوقّع على عقد البيع والشراء. وطبعاً لم يستطع هذا البعض أن يهبها لمن وقّع على عقد البيع والشراء من طريق مكاتب سفر ولا أكثر منها يفتتحها لبنانيّو الأصل ذلك لأنّها حذرة فتمّ الإتّصال بمكتب سفريّات يملكه أسترالي من أصل باكستاني أقلّ حذراً وأسوأ حظّاً ومن خلاله يتمّ وهبها لهم، والغاية واضحة وهي تصريف بطاقات سفر "إفتراضيّة" وفي ما بعد يتمّ اقتسام كعكة بطاقات السفر الحقيقيّة.
ومعلوماتنا أنّ الخطّة الدنيئة التي من دون شكّ لا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد بشعار الحريّة والسيادة والإستقلال النبيل بقدر ما تتلطّى خلفه لتمرير عمليّة نصب لم تشهد الجالية اللبنانيّة بتاريخها في أستراليا مثيلاً لها لا شكلاً ولا كمّا ولا نوعاً. ويدافع أحدهم قائلاً حرفيّاً: "هناك مجموعة من المغتربين ذهبت إلى مطار سيدني على مسؤوليّة أحد وكلاء السفر وما حصل أيضاً أنّه قيل لهم أنّهم لا يستطيعون مغادرة سيدني بسبب عدم تسديد أسعار البطاقة كاملاً (وكأنّ البطاقة اندفع من ثمنها شيء!) وربّما اختارت إحدى شركات السفر مكاناً بعيداً عن سيدني في غوسفورد "أ ت ـ A Travel حتى تبعد عنها أي شبهة. نحن كانت تأتينا الأسماء بواسطة الإنترنت (افرحوا يا أحباب بطاقات السفر على متن بساط الريح إلى لبنان للمشاركة بمعارك الحريّة والسيادة والإستقلال صارت أسماؤكم على الإنترنت) لإرسال أصحابها إلى لبنان (أخيراً يا أحباب بطاقات السفر صارت لأسمائكم أصحاب وهذه الأصحاب يتم إرسالها إلى لبنان) ولكنّنا لم نتدخّل بتفاصيل شركات السفر إذ أن هناك مجموعة رجال أعمال في لبنان (طبعاً لم يذكر من هم؟ وأتحدّاه شخصيّاً أن يذكر من هم) ساهمت بتكلفة السفر (إذا ساهمت فيعني أن هناك آخرون ساهموا فمن هم يا ترى؟) أوعزت باختيار هذا المكتب (ولا يشرح لماذا هذا المكتب الذي يملكه باكستاني أقلّ حذراً وأسوأ حظّاً؟ هذا من دون أن نلفت أن المكتب A Travel يقع في غوسفورد على الغولد كوست "الساحل الذهبي" أي على مسافة حوالي 150 كلم من سيدني! وعلى رغم ذلك هو لم يلاحظ التناقض في ما ادّعى فمن ناحية يقول: "ربّما اختارت إحدى شركات السفر مكاناً بعيداًُ عن سيدني حتى تبعد عنها أي شبهة" ومن ناحية معاكسة يقول: "أن هناك مجموعة رجال أعمال في لبنان ساهمت بتكلفة السفر أوعزت باختيار هذا المكتب"! كيف ذلك؟. كيف الذي يهب أموالاً يوعز بمكتب بعيد حتى تبعد عنه الشبهة؟!. وهل صار العطاء في عرف إخواننا، العوذة بالله من الشيطان الرجيم، شبهة؟. إنّه زمن المستقبل الزاهر ومستقبل بطاقات السفر المقرصنة ومستقبل العائليّة والمذهبيّة والطبقيّة والشعوبيّة حقّاً أو ربّما العطاء حقّاً شبهة، فما أدرانا؟ فالذي يتكلّم هو الذي يطيب له أن يقول: "من واجبنا الوقوف إلى جانب لبنان وإلى جانب المؤمنين به سيّداً حرّاً مستقلاً"!! ومرّة أخرى السيادة والحريّة والإستقلال.
آه لو أنّه يستطيع أن يقول هذا الكلام الكبير أمام واحد أو واحدة من الذين تبهدلوا في مطار كوالالمبور الدولي وفي مطار سيدني الدولي، وآه لو يحدّثنا عن معرفته بالمدعو "به" وإذا ما كان "به" فكّر أوّلاً بتمرير بطاقات السفر من سيدني؟ وكيف عندما لم يتوفّق إلى ذلك لسبب سيُعلم يوماً فجأة برز على المشهد مكتب الباكستاني الأقل حذراً والأسوأ حظّاً في غوسفورد على الشاطئ الذهبي بعيداً حوالي 150 كلم من سيدني درءاً "للشبهة"!. أنا لستُ محقّقاً ولا قاضياً، أنا أسأل لئلاّ يقع الفأس في رأس الأسترالي الباكستاني الأصل الأقل حذراً والأسوأ حظّاً، فلا بدّ من لبناني أخذ بيد الباكستاني إلى التهلكة فمن يكون؟. أنا أسأل وأردّد مع الذين "أكلوها" في مطار كوالالمبور الدولي ومطار سيدني الدولي وانفضحوا وانهانوا ولم ينزلوا إلى لبنان ورجعوا إلى بيوتهم مكسوري الخاطر: "حسبي الله ونعم الوكيل"، "سيقع الجاني بشرّ أعماله"، "سيقع المتستّر على الجاني بشرّ نفاقه".
Shawki1@optusnet.com.au

ليست هناك تعليقات: