الأربعاء، يونيو 24، 2009

رئاسة الإستاذ بري قانونية ولكن غير ميثاقية

الياس بجاني

(وكالة الأنباء الوطنية في 23 حزيران/2009، مؤسس "الانتماء اللبناني" أحمد الاسعد: "نحن نعتبر أن كل صوت شيعي حصل عليه الانتماء هو انتصار بحد ذاته. فالطائفة الشيعية في لبنان اليوم مخطوفة ومأخوذة إلى مكان لا دخل للشيعة به. لذا من صوت لنا في ظل الظروف التي حصلت فيها الانتخابات في الجنوب، صوته يساوي ألف صوت، لأنه صوت رفض أن يخنقه أحد، ولأنه صوت تحدى محاولات الهيمنة، ولأنه صوت واجه الإرهاب، ولأنه صوت سار بعكس التيار، ولأنه صوت لم يخضع للتهديد، ولم يخف من تخوين، ولم يخش تكفيرا". "أن الاقطاع ولى بالفعل، ولكن قريبا سيأتي أيضا دور أخطر أنواع الاقطاع وهو الاقطاع الديني الجديد".)

ما هذا "الفجع" السلطوي والقبلي والإقطاعي الجامح، ألا يكفي الأستاذ نبيه بري ترأسه المجلس النيابي منذ عام 1992 دون انقطاع (انتخب رئيسا لمجلس النواب اللبناني في 20 تشرين الأول 1992، ثم أعيد انتخابه في تشرين الأول 1996، وللمرة الثالثة في 17 تشرين الأول 2000 وللمرة الرابعة سنة 2005).

طوال فترة وجوده في سدة رئاسة مجلس النواب حلل الأستاذ لنفسه وللربع الأخضر واليابس في كل مؤسسات الدولة؟

نسأل ألم يُشبع نهمه بعد وهو الذي لم يترك حتى يومنا هذا موقعاً واحداً في الدولة إلا وحشاه "حشرأ وسلبطةً" بمستزلم أو تابع، مما تسبب بفائض موظفين مكلف في كل الوزارات والمؤسسات الحكومية؟

ففي عهد "الإستاذ" الميمون تخطى عدد موظفي مجلس النواب الـ 500 بعد أن كان 50 فقط. وفي عهده الظافر والتحريري والمقاوماتي حوّل شرطة المجلس إلى ميليشيا أثبتت وجودها العسكري القمعي بامتياز خلال غزوة بيروت الجاهلية في 7 أيار 2008.

الأستاذ، وبفخر هو البطل المغوار لكل مراحل وتلاوين وأشكال المحاصصة والتقاسم والفساد والإفساد طوال حقبة الاحتلال السوري الغاشم، من الترويكا إلى الدويكا، وإلى باقي كل فورميولات جداول الحساب "الأخوية والمخابراتية"، وقد اختصر بشخصه مزراب مجلس الجنوب الدافق بالملايين دون حسيب أو رقيب، وهو أيضاً لم يُوفر مزراباً واحداً من باقي المزاريب المالية التي كان في مقدمة مبتكريها ومستغليها ومنظمي عملها، وكل ذلك ببركات رجال عنجر ومشاركتهم الغلال والعطايا.

لقد دخل الأستاذ بالتأكيد في موسوعة غينيس للأرقام القياسية، وهذا انجاز يُحسد عليه لبنان "وحدة المسار والمصير"، ولبنان، "التعتير والحرمان"، ومعهما حركة المحرومين التي يترأسها، وقد حولها "بشطارته والحربقة" إلى حركة حارمين.

أما دخوله هذه الموسوعة العالمية لن يقتصر فقط على عدد الأعوام التي ترأس فيها مجلس النواب اللبناني، بل أيضاً سيشمل عدد الهرطقات القانونية المتورم، والمعادلات السياسية الهجينة، والممارسات الموروبة التي جادت بها قريحته من مثل: إقفال مجلس النواب ومصادرة قراره، والمشاركة في محاصرة السرايا الحكومية، وإقفال الأسواق، وشل حركة العاصمة، وسحب وزرائه مع وزراء حزب الله من الحكومة حتى لا ُتقر المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، ومن ثم نعتها "بالقانونية غير الميثاقية"، معادلة س س (سعودية – سورية)، تعطيل وعرقلة انتخاب رئيس للجمهورية، تخوين الأشراف، تهجير سكان الشريط الحدودي ومنع عودتهم، قيادة اوركاسترا الإخوان المكلفة عدم تنفيذ الطائف، مشاركته الميليشياوية الفاعلة في أحداث السابع من أيار والتي كانت وصمة في تاريخ الذين نفذوها، وتطول قائمة الارتكابات والهرطقات.

نسأل لماذا يتم الحديث بسلبية وتخوين عندما يترشح أي شخص من الطائفة الشيعية ضد بري، وهل هو فعلا أصبح ملكاً متوجاً مدى الحياة في رئاسة مجلس النواب؟

إنه أمر مستغرب أن لا تقوم الأكثرية النيابية، وهذا من حقها الديموقراطي والشرعي، بترشيح أحد النواب الشيعة من بين أعضائها، أو من المستقلين لينافس السيد بري على موقع رئاسة المجلس؟

ومع عقاب صقر، النائب الشيعي الشاب نقول (جريدة السياسة 23 حزيران/2005): "لقد آن للرئيس بري أن يُنتخب لمرة واحدة. لقد مضى عليه في رئاسة المجلس كل هذه السنوات, وكانت تأتي عليه عن طريق المبايعة, أو شبه التعيين. آن له لمرة واحدة أن يُنتخب. والانتخاب يدار بين مجموعة, وليس من شخص واحد. ومن المفيد له أن ينتخب. وهو على رأس السلطة التشريعية التي تحمي الديموقراطية... لأن مجيئه إلى رئاسة المجلس, من دون انتخاب أمر معيب بحقه وبحق رئاسة المجلس وبحق اللبنانيين أن يبايع كما تبايع الأنظمة الديكتاتورية. وهذا أمر مفيد له وللحياة الديمقراطية اللبنانية".

وانطلاقاً من نفس المنطق الهرطقي الذي استعمله الأستاذ نبيه بتسمية حكومة الرئيس السنيورة ما قبل انتخاب الرئيس ميشال سليمان، "بالقانونية وغير الميثاقية"، نقول له إن انتخابه "التعيين" هو فعلاً قانوني، إلا أنه غير ميثاقي كون أكثرية النواب المسيحيين لن تصوت له.

إن انتخاب "تعيين وفرض" الأستاذ نبيه في رئاسة مجلس النواب مرة جديدة هو خطأ وخطيئة في آن تقترفهما جماعات من 14 آذار. هذا الانحراف الفاضح عن روحية وكالة الشعب للأكثرية النيابية سيجر إلى أخطاء وخطايا كثيرة كلها ستعرقل مشروع قيام الدولة وإنهاء حالة الدويلة.

وإن كانت خيارات الأكثرية النيابية هي ما يقارب نسبة الصفر بالنسبة لرئاسة مجلس النواب بسبب هيمنة حزب الله العسكرية على طائفته ومصادرة قرارها، فإن هذه الأكثرية لا يجب ومهما اشتدت الضغوطات وزادت التهديدات أن تعطي الثلث المعطل لـ 8 آذار في الوزارة الجديدة، كما أنها لا يجب أن تترك وزارة الخارجية التي هي باب لبنان على العالم إلى أي من أتباع بري أو حزب الله.

ترى، هل ستتجرأ هذه الأكثرية وتلتزم بالوكالة الشعبية، أم أنها ستساوم كما كان حالها في السابق وتبقى القديم على قدمه؟


ليست هناك تعليقات: