الأربعاء، يونيو 17، 2009

حزب الله: خسارة انتخابية، وخطاب قادم

مأمون شحادة

مختص بالدراسات الاقليمية
الخضر - بيت لحم - فلسطين
wonpalestine@yahoo.com


ان الخطاب السياسي، الذي يحمل في طياته الكثير من المعاني والدلالات القصدية، لهو نفس الخطاب الذي يحمل في جعبته اشياء توازي ما بين الامور الخاصة والعامة، لرسم سياسة يتقبلها الجميع، ولكن.. !!! مع تحفظات في بعض الاحيان على بعض تلك الامور و الدلالات ما بين لغة المد والجزر والواقع .

إن خطابات حسن نصر الله الأخيرة، الذي وضع من خلالها مصطلحات خطابية جديدة ، حاملة معها استراتيجية واقعية، جسدت في ذلك لغة خطابية لم تعهدها خطاباته من قبل، ولكن..!! ما مدى فعالية تلك الخطابات بعد خسارة حزب الله في الانتخابات الاخيرة، الذي يطرح أسئلة على الساحة اللبنانية: ماذا لو انسحبت إسرائيل من مزارع شبعا( فجأة )..؟، لماذا استثنيت لغة الثأر و الانتقام لعماد مغنية، بحيث اصبح التركيز عليها حاليا بوتيرة اقل مما تستحق ؟، وهل ستعود لغة الثأر لدم عماد مغنية بوتيرة اكبر بعد خسارة الانتخابات الاخيرة ؟

قبل عدة سنوات سمعنا من حسن نصر الله انه وفي حال تحرير مزارع شبعا سوف يحول نفسه إلى حزب سياسي، لكنه في خطاباته الاخيرة قال: ان المقاومة باقية لحماية لبنان في كل الظروف ....، ولكن ما هو نوع الخطاب السياسي القادم لحزب الله بعد الانتخابات الاخيرة، وماذا لو انسحبت إسرائيل من مزارع شبعا ( فجأة ) ؟. ففي أي إطار سوف يضع حزب الله نفسه؟ أيضع نفسه في الإطار السياسي؟ أم يضع نفسه في إطار الاستمرار بحمل بسلاح المقاومة ؟

من اللافت للنظر أن التهديد والانتقام لدم الشهيد عماد مغنية لم يأخذ الزخم الكبير في الخطابات الاخيرة .... فهل تتغير خطابات نصر الله مستقبلا وفق استراتيجية جديدة ضمن خطابات الضغط واللعب ضد الخصم ( سياسية وتفاوضية )، وخاصة بعد الخسارة التي تلقاها مؤخرا، من اجل اخراج خطاب جديد، ولكن... هل ستكون وفق اعادة لغة ( الرضوان ) لايجاد وضع يهدف الى تحريك قضية مزارع شبعا ( لتحريرها ) , واعطاء صورة للجهات الخارجية ان حزب الله ليس منغلق على نفسه ويجيد لغة السلاح ولغة التفاوض ولغة ارباك الخصم، فتكون استراتيجية حزب الله استراتيجية نوعية في التعامل مع الجانب الإسرائيلي في تحقيق الأهداف ووضع كل الاوراق السياسية على الطاولة اللبنانية بقوة رغم الخسارة الاخيرة في الانتخابات .

صحيح أن حسن نصر الله كان يستطيع أن يغير الدستور اللبناني عن طريق القوة أثناء سيطرة حزب الله على لبنان في الآونة الأخيرة ، إلا انه كان يعرف انه لو عمل ذلك لاعاد لبنان إلى ما كانت عليه من حرب أهلية سنه 1975، فيدخلها في دوامة لا تستفيد منها إلا إسرائيل وأمريكا... لكنه عمل ذلك كلفت نظر إلى ثنائية السلطة في لبنان، بما معناه.. انه كان يستطيع أن يفعل ذلك ولكن خوفه على الساحة اللبنانية من حرب طائفية منعته من ذلك.
يتضح ان حسن نصر الله سيتبع استراتيجية جديدة في تغيير الأمور بقوة أوراقه على الساحة اللبنانية من خلال إثبات الوجود، ليس فقط على ساحة المعركة، وإنما على ساحة السياسة والسلطة.

نستطيع أن نقول أن خطابات حسن نصر الله القادمة ستتبع استراتيجية جديدة توازي فيها كل الأمور الحساسة على الساحة اللبنانية وغير اللبنانية، مما يعني أنها ستحمل تغيرا جذريا في منهجية حزب الله في التعامل مع الجانب الإسرائيلي من جهة، ومع الوضع اللبناني من جهة أخرى على الرغم من الخسارة الاخيرة، بمعنى ، اصرار حزب الله على تحريك قضية مزارع شبعا ( لتحريرها ) "ولكن" !!! ، هذا من ناحية، ومن الناحية الأخرى، خوف حسن نصر الله على مستقبل حزب الله والشيعة في لبنان ( من ناحية تمثيل السلطة )، الذي يجعل من نصرالله يسارع العامل الزمني، لانه مطلع على ما يجري بالمفاوضات إلاسرائيلية السورية التي ترعاها تركية لاحياء عملية السلام .

السؤال الذي يطرح نفسه : بعد الانتخابات الاخيرة، وخسارة حزب الله فيها، ... لو ان اسرائيل انسحبت من مزارع شبعا " فجأة "، ما الذي سيبقى لحزب الله على الساحة اللبنانية ... ؟؟؟

ليست هناك تعليقات: