السبت، يونيو 06، 2009

الانتخابات اللبنانية..ديمقراطية وسط فوضى عارمة

سعيد الشيخ

هدأت الحملات الانتخابية، ليتوجه اللبنانيون صبيحة يوم الاحد الموافق في السابع من حزيران الى صناديق الاقتراع لانتخاب 128 نائبا وسط اجواء مشحونة بالعصبوية الطائفية عبرعنها المرشحون خلال حملاتهم الانتخابية الضارية لتنعكس على الشارع اللبناني توترا وقلقا اكثر مما هوعليه لبنان منذ اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري الذي قضى بتفجير موكبه يوم 14 شباط 2005.

وبالرغم من تنفيذ الجيش اللبناني وكافة القوى الامنية لأوسع انتشار امني تشهده البلاد لتأمين هذا الاستحقاق الانتخابي، الا ان ذلك لن يبدد المخاوف لدى المواطنين من الاحتكاكات الامنية من قبل مناصري الموالاة والمعارضة الذين يحتشدون خلف زعمائهم بطواعية عاطفية اكثر مما هو اصطفاف خلف مشاريع سياسية.

وهذا لا ينفي ان لدى الطرفين من المعارضة والموالاة مشاريع سياسية متناقضة جوهريا في تحديد شكل الكيان اللبناني، حيث التجاذب يخرج الى حدود لبنان الى ما هو اقليمي ودولي. ولا غرابة اذا شهدنا في المشهد الانتخابي اللبناني ما هو انجذاب الى السياسة السورية ضد السياسة السعودية والمصرية اقليميا.وانجذاب الى السياسة الايرانية ضد السياسة الامريكية والاوروبية دوليا. فلبنان بلد التناقضات والعجائب منذ الازل.

والغرابة اللبنانية اليوم، هذه الديمقراطية التي ليس لها مثيل في المنطقة العربية، يذهب اليها اللبنانيون وهم غارقون وسط فوضى عارمة تطول الاسس البنيوية للدولة وللنظام . وان بدأت في تجاوز قوانين السير فلن تنتهي عند الفساد والرشاوي وكل ما يعني حقوق المواطن وما يبعث الى قهره وامتهانه، واستغلال السلطة ضده انسانيا وضد مصالحه وممارسات شتى ضاربة الجذور في التخلف وما يعني ضد العصرنة والتطور. فممارسات اهل السلطة وموظفو الدولة في لبنان هي بغاية البشاعة عندما يتعلق الامر بتنفيذ النظام الذي يبدو فالتا بشكل عام على الصعيد الوطني ومشدودا الى اعمدة تحقيق المصالح الشخصية والفئوية.

في كل انتخابات برلمانية هنا وهناك في العالم نشهد مقايضات بين المرشح واهل منطقته لنيلهم بعض المكتسبات كتحسين الاوضاع المعيشية والاجتماعية للمنطقة مقابل انتخابهم له.. اما في لبنان فقد وصل الامر الى كل بيت بل والى كل فرد يحمل بطاقة انتخابية لمقايضته ماليا مقابل اعطاء صوته لهذا المرشح او ذاك. ويبدو انصار 14 اذار بارعون في هذا المضمار لامتلاكهم ثروة “الحريري” الهائلة. وهم من ارسل على نفقتهم الخاصة وراء آلاف المهاجرين الللبنانيين للحضور الى لبنان وقت التصويت.

المراقب للحملات الانتخابية التي مارسها المرشحون ومن رشحهم من الاقطاب اللبنانية المتنازعة على مدى شهرين منصرمين على شاشات التلفاز لا بد وان لاحظ مدى الترهات والاسفاف في الخطاب السياسي والانتخابي الذي كان في بعض الاحيان مثيرا للضحك والسخرية، خاصة عندما يتعلق الامر في اطلاق الالقاب والاوصاف على بعضهم البعض.. وذلك لم يكن يمنع بعض الطروحات الجادة ولو من طرف اللسان عند البعض قي تبني العروبة وقضية قلسطين كقضية مركزية. والمستهجن فعلا ان يعتبر “سمير جعجع” رئيس حزب “القوات اللبنانية” ان “اسرائيل” هي عدو للبنان وهو من تحالف معها على ابناء وطنه طيلة سنوات الحرب الاهلية وبشكل علني حيث كانت تمده بالعتاد والسلاح.

وبالقفز عن كل الشعارات الانتخابية لطرفي الاكثرية الحاكمة والمعارضة بشأن الوضع الداخلي اللبناني المتأزم، فأن هذه الانتخابات هي مصيرية لشكل الدولة والكيان اللبناني. وهي تصويت حر على دولة المقاومة، ان تكون لصالح القوى الديمقراطية المناهضة للاحتلال الصهيوني والمشاريع الامريكية، او لا تكون.. حيث تستتب دولة عميلة من السماسرة واصحاب رأس المال.

المشهد اللبناني عشية الانتخابات يعيد الى الاذهان اجواء الحرب الاهلية.. حيث لا يتفق اللبنانيون على شئ ولكنهم جميعا يتفقون على “صحن التبولة” الشهير.
وما ادراك ما التبولة!

سعيد الشيخ/رئيس تحرير”الوان عربية”
www.alwanarabiya.com

ليست هناك تعليقات: