الاثنين، فبراير 01، 2010

النظام السياسي الفلسطيني وأزمة الشرعيات

حسام الدجني

يعتبر القانون الأساسي المعدل في عام 2005 (الدستور الفلسطيني) هو الناظم لعمل السلطة الفلسطينية، وله قوة أكبر من القانون أو القرار أو اللائحة ، ومواد القانون الأساسي واضحة، وهي تستطيع أن تحسم الخلاف الدستوري، ولكنها وللأسف لا تستطيع حسم الخلاف السياسي، لأن ذلك يحتاج إلى توافق وطني ومصالحة وطنية بين قطبي النظام السياسي الفلسطيني فتح وحماس، وفي حالتنا الفلسطينية حيث جرت الانتخابات الرئاسية في 9/1/2005 وذلك لظرف طارئ وهو وفاة رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات في 11/11/2004، وتولي رئيس المجلس التشريعي حينها السيد روحي فتوح رئاسة السلطة حيث يعطيه القانون الأساسي (مادة 37) مدة 60 يوماً يعد فيها لانتخابات رئاسية على الرغم من أن المادة (97) من قانون الانتخابات تعطي رئيس المجلس التشريعي 90 يوما لانتخاب رئيس جديد. وهنا اختلاف واضح بالنص بين قانون الانتخابات والقانون الأساسي، ولكن القانون الأساسي هو أقوى من قانون الانتخابات.
المادة (47 مكرر) تقول "تنتهي ولاية المجلس التشريعي القائم عند أداء أعضاء المجلس الجديد المنتخب اليمين الدستوري". وتم إضافة هذه المادة بهذا الشكل في عهد الرئيس محمود عباس بتاريخ 13/8/2005.
حيث تستند حركة حماس على هذه المادة من القانون الأساسي (الدستور) وعليها يصبح المجلس التشريعي الحالي هو مسير للأعمال.
أما المادة (34) تنص على "ينتخب رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية انتخاباً عاماً ومباشراً من الشعب الفلسطيني وفقاً لأحكام قانون الانتخابات الفلسطيني". وعند الذهاب إلى قانون الانتخابات الفلسطيني رقم (9) لعام 2005، مادة(2) المتعلقة بانتخاب الرئيس وأعضاء المجلس تنص على:
"مع مراعاة أحكام المادة الانتقالية (111) من هذا القانون، وفيما عدا أول انتخابات تشريعية تجري بعد إقرار هذا القانون فقط :
1-يتم انتخاب الرئيس ، وأعضاء المجلس في آن واحد في انتخابات عامة حرة ومباشرة بطريق الاقتراع السري.
2-مدة ولاية الرئيس أربع سنوات، ولا يجوز انتخابه لأكثر من دورتين متتاليتين.
3-يتألف المجلس من (132) عضوا.
4-تكون مدة ولاية المجلس أربع سنوات من تاريخ انتخابه وتجري الانتخابات مرة كل أربع سنوات بصورة دورية.
تستند حركة فتح على المادة السابقة من قانون الانتخابات لتبرير تمديد شرعية الرئيس محمود عباس من 9/1/2009 وحتى 9/1/2010.
حسب ما سبق من مواد القانون الأساسي تنتهي ولاية الرئيس محمود عباس في 8/1/2009، أما في حال الاستناد الى قانون الانتخابات يتبين أن:
ولاية الرئيس تنتهي مع ولاية المجلس التشريعي، وهنا يوجد خلل في قانون الانتخابات من خلال التساؤل التالي:
ماذا لو أصبح منصب الرئيس شاغراً قبل نهاية ولايته الدستورية؟ هل تجرى انتخابات رئاسية وتشريعية جديدة؟ أم انتخابات رئاسية؟ ولو كانت الإجابة انتخابات رئاسية، هل ذلك يناقض المادة (2) من قانون الانتخابات، والتي تنص على إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في آن واحد .
إن عقد انتخابات رئاسية وتشريعية متزامنه في حالتنا الفلسطينية أمر جيد، كون الحالة الفلسطينية لها خصوصية من كل الجوانب السياسية والاقتصادية والأمنية، على أن لا يكون ذلك محكوم بقانون.
1- أعتقد أن النظام السياسي الفلسطيني والذي هيمنت عليه حركة فتح، لم يعد اليوم قادراً على التكيف مع التحولات السياسية الجديدة ، لذا ينبغي على جولات الحوار الفلسطيني القادمة أن تأخذ بالحسبان المتغيرات الجديدة، فاليوم حماس وفتح وفصائل أخرى هم في النظام السياسي الفلسطيني، وهم في السلطة الفلسطينية وحتى نستدرك أي إشكاليات مستقبلية يجب أن تلتئم لجان مكونة من خبراء في الدستور لإعادة صياغة النظام السياسي الفلسطيني من جديد، وإعادة النظر في مواد قانون الانتخابات وخاصة مادة (2) والتي تنص على إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في آن واحد، والمادة (97) والتي تعطي رئيس المجلس التشريعي 90 يوما لانتخاب رئيس جديد، وتعديلها بما يتوافق مع القانون الأساسي المعدل لعام 2005.

يوجد حلقة مفقودة في محاضر الحوار الوطني الفلسطيني، وهي بناء نظام سياسي فلسطيني يستطيع التعامل مع الحالة الفلسطينية والتي مازال الاحتلال يتربص بها، ويعمل على تقويض نظامها السياسي، ولعل تجربة حماس في المجلس التشريعي تدق ناقوس الخطر على مستقبل هذا النظام، حيث استطاعت (إسرائيل) خلال 24 ساعة من اعتقال عشرات النواب، وشل عمل المجلس التشريعي، إضافة إلى الانقسام بين اكبر كتلتين في المجلس التشريعي وهما فتح وحماس.
يجب علينا أن نعمل جاهدين من أجل عودة الحياة الديمقراطية للنظام السياسي الفلسطيني بالتوافق بين القوى والفصائل والمجتمع المدني، لأن الهم الأكبر يتمثل بالاحتلال والعدوان الصهيوني الذي لا يميز بين فتح وحماس وغيرهما.

حسام الدجني
كاتب وباحث فلسطيني
Hossam555@hotmail.com

ليست هناك تعليقات: