الاثنين، نوفمبر 10، 2008

لماذا فشل الحوار الوطني الفلسطيني؟

عطا مناع

لا أستطيع أن اصدق عمليات الترقيع الصادرة عن مسئولين مصرين وفلسطينيين "والمبشرة" ببعث الحوار الذي أطلقوا علية الرصاصة بدون رحمة، الحوار فشل بصرف النظر عن التبريرات الصادرة عن الفصائل التي أعلنت مقاطعتها له، والحوار فشل ودفع بالشعب الفلسطيني لدوامه الانتظار التي ستطول وسندفع كشعب خلالها الثمن الكبير.

صحيح أن الاعتقالات التي تشهدها الضفة الغربية تشكل كابوسا مرعبا للفلسطينيين، وصحيح أن المصلحة العليا للشعب الفلسطيني تفرض على القيادة الفلسطينية وضع ثقلها لانجاح الحوار الوطني من خلال توفير أرضية تمهد لحوار جاد يأخذ بأسباب النجاح ويتجاوز أسباب الفشل، ولكن… لماذا لا نعترف ان العراقيل والعقبات الموضوعية والذاتية فرضت نفسها على الساحة السياسية الفلسطينية وأوصلتنا لحقيقة واضحة وضوح الشمس، حقيقة أيديولوجية لا يمكن تجاوزها، حقيقة تعبر عن نفسها بالصراع ألتناحري على السلطة بين حكام غزة ورام اللة.

لقد ذاقت حماس طعم السلطة، وشكلت كيانها الذي اكتمل وأصبح قوة لها تحالفنها البعيدة المدى، تحالفان إقليمية ودولية تفرض استحقاقات لا يمكن التهرب منها، وحركة حماس ليست حرة أو مستقلة في اتخاذ قراراتها، لان المنطقة منقسمة على نفسها بين ما يسمى بمحور المعتدلين الذي تقف القاهرة على رأسه ومحور المتشددين الذي دعم حركة حماس بدون حدود.

حماس التي تحولت من حركة مقاومة خالصة إلى سلطة تحاول الجمع بين المقاومة والسلطة فقدت البوصلة، وأصبحت تتطلع للسيطرة على ما تبقى من الوطن المحتل، هذا واضح في خطاب قياداتها التي لم تعد غزة تتسع لطموحها، فهي تريد أن تحسم المعركة الإيديولوجية والسياسية مع سلطة رام اللة الغارقة في أوهام التسوية، والواضح أن أسباب الصراع الذي تزداد وتيرتة التناحرية تتغلب على أسباب الاتفاق، فالطبخة ليست فلسطينية خالصة وما يجري في الغرف الخلفية أعظم.

في المقابل لا زالت رام اللة تراهن على إبرام التسوية من خلال وضع كل البيض في السلة الأمريكية التي لا تلقى بالا لمصالح الشعب الفلسطيني، وقد ذهبت وعود الرئيس الأمريكي جورج بوش وأدارته المنصرفة بإقامة دولة فلسطينية أدراج الرياح ولم يتبقى منها غير الملف الأمني الذي يعبر عن استسلام فلسطيني فاضح للأجندة الأمريكية الإسرائيلية الهادفة لتعميق الشرخ الفلسطيني الداخلي من خلال حملات الاعتقال بحق عناصر حماس وقياداتها الميدانية، تلك الحملات التي تقول السلطة في رام اللة أنها ليست سياسية وان لا معتقلين سياسيين لديها وهذا يجافي الحقيقة.

إذن نحن إمام برنامجان يعكسان تناقض في النظرية والممارسة، والأخطر أن الشعب وقواه الحية سياسية كانت او جماهيرية فقدت قوتها وفعلها وباتت تدور في فلك المناشدات والمطالبات اليومية لإنهاء حالة الانقسام الذي أصبح بالفعل يعكس مصالح لا يمكن تجاوزها، مصالح لها ثقلها في تحريك الوضع الداخلي باتجاه الهاوية واتخاذ الصراع بيت غزة والضفة أشكالا أكثر عدائية، وقد بدأت مؤشرات التصعيد بالخروج من قمقمها بخطاب إعلامي اتهامي من كل طرف للأخر مما يعني أنهم حرقوا مرحلة التكتيك الإعلامي وادعاء الحرص على إعادة الأوضاع الفلسطينية لوضعها الطبيعي ببرنامج وطني تتقاطع فيه الأطياف السياسية الفلسطينية لتحقيق المصالح الوطنية الفلسطينية.

المشكل في فشل الحوار أننا تقدمنا خطوة باتجاه تعزيز الممارسة البوليسه وبالتالي الانقضاض على حقوق الإنسان وملاحقة الآخر، وبالمناسبة ستتعرض القوى الفلسطينية التي تعارض هذا النهج للملاحقة والقمع، وسيواجه المواطن الفلسطيني التهم الجاهزة التي تعبر عن انفلات مليشياوي وبوليسي لا ضابط له، وخاصة أن القضاء الفلسطيني مغيب والمجلس التشريعي الفلسطيني مهدد بالحل، والأصعب من هذا وذاك قد نصحو بعد انتهاء ولاية الرئيس عباس لنجد أنفسنا برئيسين واحد في رام اللة وآخر في غزة ، وهذا مربط الفرس.

ليست هناك تعليقات: