السبت، نوفمبر 08، 2008

سيناريو فرض عون رئيسا للجمهورية

سعيد علم الدين
أتحفنا النظام السوري مساء 08.11.06، بفرقعة إعلامية تلفزيونية غبية لتضليل خبراء لجنة التحقيق الدولية وذكاء الرأي العام. تذكِّر بفرقعة المخابراتي هسام هسام المضحكة بسبب ركاكة إخراجها، ورواية لؤي السقا المخزية بسبب فضحها من قبل الاتراك.
للمقارنة القضاء اللبناني الديمقراطي النزيه يعتقل المئات من مجرمي "فتح الاسلام وقيادييهم بعد استسلامهم في معارك نهر البارد، يوجه اليهم التهم عبر الادعاء العام لمحاكمتهم حسب الأصول والقوانين المرعية، دون ان يظهر احدا منهم على التلفزيون لعدم تسييس التحقيق وحفاظا على سريته، وصونا لكرامة القضاء والمعتقلين سواء،
بالمقابل القضاء السوري المسيَّر من قبل النظام الشمولي يهرع الى التلفزيون ليقدم فرقعة اعلامية واهية المضمون.
الا ان هدف النظام السوري ليس تضليل لجنة التحقيق فقط. فهذا أمر ثانوي بالنسبة له، خاصة وأنه كان قد أعلن أكثر من مرة وعلى لسان ممثليه صغارا وكبارا، بأن المحكمة لا علاقة لسوريا بها.
ولهذا فهدف النظام الحقيقي من هذه الفبركة التلفزيونية هو تضليل الشعب والجيش السوري لكي يقودهما حماسا الى أي مواجهة انتحارية محتملة مع مجلس الأمن بسبب المحكمة الدولية.
والتي هنا هي بيت القصيد، وليس كما يدعي النظام، كيف لا وهي
بالنسبة له مسألة حياة او موت حتى ولو ادعى العكس. يؤكد ذلك هذه الفرقعة الإعلامية الأخيرة وكل ما حدث في لبنان من عمليات اغتيال وتفجير ومنذ مطالبة الشعب اللبناني بالمحكمة الدولية واغلاق اذناب النظام السوري البرلمان في وجهها.
المحكمة ايضا هي سيفٌ مسلطٌ على رقبة النظام، تقض مضجعه، وتسبب الأرق لبشار، والتي ستؤدي بالأخير في حال ضاقت عليه السبل، الى التهور وارتكاب حماقة على شاكلة حماقة صدام حسين بغزو الكويت.
ذلك السيناريو الذي سنطرحه محتمل الحدوث، كيف لا والمطارد الهارب من وجه العدالة على استعداد تلقائي لكي يرتكب فوق جريمته حماقات وحتى جرائم دون التفكير بالعواقب. وهذا ما حدث ويحدث في لبنان بالضبط.
نشْر الجيش السوري على الحدود، لا يمكن أن يهدف لوقف الإرهابيين وهو الذي يرسلهم بكامل أسلحتهم إلى لبنان. ولا يمكن أن يكون لتطبيق القرار 1701 وهو الذي يقدم الصواريخ والسلاح إلى أذنابه في لبنان.
وهكذا سيقوم الجيش السوري في لحظة مؤاتية ومدروسة وبعد فبركة عملية تفجير في سوريا بغزو الشمال ومحاولة احتلال طرابلس لبنان بحجة ضرب اوكار السلفية، وكما زعم بشار عدة مرات واشتكى من ان طرابلس صارت مأوىً للإرهاب كَ قندهار.
وفي نفس الوقت سيغزو البقاع ليعود رستم غزالي فاتحا الى الديار، ويمسك من عنجر الأمن في هذا الجار، المصدِّر للإرهاب الى سوريا، ويضبطه مخابراتيا، وكما كان، ويا ما أحلاه ممسوكا ايام اميل ج. لحود!
ولكي تنجح هذه الخطة دستوريا وشرعيا ولا تلام سوريا عربيا ودوليا: - سياسيا، سيتم استخدام الثلث المعطل من قبل حزب الله وقوى 8 اذار لشل القرار اللبناني وبالتالي تحييد الجيش، كما حصل في 7 أيار كبروفة.
- عسكريا سيتم احتلال قصر بعبدا بمعاونة ميليشيا حزب الله وباقي الميليشيات اللبنانية والفلسطينية، وسيتم حذف الرئيس ميشال سليمان من المعادلة وكما حذفت المخابرات السورية غيره من رؤساء الجمهورية، وسيتم بالتالي لكي لا يحصل فراغ دستوري انتخاب ميشال عون رئيسا للجمهورية بمن حضر من النواب. خاصة وان نواب وقادة 14 اذار سيكونون في هذه الحالة قد تم اغتيالهم او تهجيرهم او تجميد حركتهم السياسية وخنقها في مهدها.
لا ننسى هنا ان عون هو من اعلن بعد وثيقة التفاهم مع حزب الله، بان المحكمة الدولية "طبخة بحص". وهكذا سيكافئوه النظام السوري على بحصه!
ولا ننسى أيضا أن الرئيس ميشال سليمان هو من التزم في خطاب القسم بها وبمعاقبة قتلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري وتطبيق القرارات الدولية. وهكذا سيعاقبه النظام السوري على التزامه!
- تمويلا لهذه الخطة سيعتمد النظام السوري على المال الإيراني الطاهر المتدفق من قم بمئات الملايين من الدلارات. وكان عون قد ناقش هذه الخطة في زيارته لطهران مؤكدا للشعب اللبناني أنهم سيعرفون خلال 7 شهور نتيجة زيارته الناجحة لدولة الملالي.
- ودبلوماسيا ستنشط قطر من خلال صداقتها لساركوزي المتفهم للدور والنفوذ السوري في لبنان، في اقناع اوباما بحل النزاع سلميا مع الفاتح بشار الأسد. الرئيس اوباما الذي وعد الاباء الامريكيين بعودة ابنائهم من العراق سيجد نفسه محرجا امامهم بارسال ابنائهم من جديد الى ساحة القتال في لبنان، وسيفاوض بالتالي بشار المتلهف الى صفقة ما على انهاء الوضع سلميا، في الوقت الذي يكون فيه بشار قد نجح في قطف الثمار بالقضاء على ثورة الأرز وانهاء ظاهرة 14 اذار المزعجة جدا للمحور الإيراني السوري واذنابه اللبنانيين، لوقوفها في وجه استتباع لبنان اليه.
ولتحقيق هذا السيناريو المحتمل فلا غضاضة عند بشار ونظامه المخابراتي بالتضحية بعشرات الأبرياء من السوريين المدنيين، كما حدث في انفجار 27 ايلول 08، حفاظا على رأسه وضربا للمحكمة الدولية، وهو الذي ضحى بعشرات الالاف من الابرياء السوريين حفاظا على نظامه.
وتهدف فرقعة النظام التلفزيونية الى اعطاء الحجج الواهية والأعذار الكاذبة لأذنابه من قوى 8 اذار وابواقها ليوجهوا الاتهامات والافتراءات الى تيار "المستقبل" ومن خلاله الى قوى 14 اذار. وشاهدنا عينية من هذا القبيل بعد عرض الفرقعة التلفزيونية لأشخاص لبنانيين محسوبين على النظام السوري كالممانعين حتى الرمق الأخير في براءة بشار: أحمد موصللي، وأمين حطيط، الذي طالب بمحاكمة «تيار المستقبل»، اما النائب السوري الذي دخل على الخط، فقد ردد ما ثرثره عملاء المخابرات الإرهابيون مؤكدا أن «تيار المستقبل» ومعه قوى الرابع عشر من آذار هم رعاة لـ«فتح الإسلام» بالاشتراك مع الرعاة العرب، وقد وجّهوا إرهابه الى سوريا بعدما فشلوا في استثماره ضد حزب الله. تناقض بتناقض مع ان حسن نصر الله هو من وضع الخطوط الحمر حماية لعصابة فتح الاسلام من غضب الجيش، والزعيم سعد الحريري وقوى 14 اذار هي من صفقت للجيش في موقفه الوطني الشجاع باستئصال هذه العصابة المزروعة في نهر البارد بواسطة المخابرات السورية واذنابها من فلسطينيين ولبنانيين.
وسيظل تيار "المستقبل" شوكة في حلقهم صامدا كصخرة الروشة وستظل قوى 14 اذار موحدة وصامدة كجبل صنين.
السيناريو الذي ذكرناه محتمل الحدوث. ولكنه لن يمر، فلا الشرعية العربية ممثلة بالسعودية ومصر ولا الشرعية الدولية ممثلة بمجلس الأمن ستسمح بذلك! ولقد قالها الرئيس ميارك عند زيارته الأخيرة لفرنسا "نحن مع لبنان حتى اللحظة الأخيرة". وسيفشل بشار ان اقدم على غزو لبنان فشلا ذريعا وسيكون مصيره اسوأ من مصير صدام. وستتبخر احلام عون في الكرسي التي سيتحطم على راسه.
وستشرقُ شمسُ المحكمة على سوريا، وستجفف مستنقعات الاجرام تحت نور أشعتها، وستظْهَرُ طبقات العفن وتخرج روائحها الكريهة للملأ وسنكتشف أكثر مما نعرف الآن من خفايا هذا النظام المخابراتي ببحور فساده وهمجية ممارساته الدموية وإجرامه الحاقد بحق اللبنانيين والفلسطينيين والعراقيين والسورين والأردنيين. إننا أمام نظام شعاراتي بوجهين ولسانين، وطابقين: طابق علوي مضاء بالكهرباء للابهار، وطابق سفلي مظلم ويضاء للسرية بشمعة او ببصيص بطارية رجل المخابرات.
هذا نظام لا يقيم وزنا للحياة والأخلاق والدين ولا للقيم الإنسانية والقوانين. مصيره إلى زوال ولو بعد حين، ومهما تشبث به الفاسدون أمثاله.
نظام مخابراتي قاتل بدم بارد كهذا هو من أبشع أنظمة الاستبداد في العالم. وإلا لما بقي ثابتا في مستنقعاته يتابع مسلسله القمعي بحق الشعب السوري حتى اليوم رغم انهيار أقوى الأنظمة الشمولية في العالم.
أن يتحالف "حزب الله" وميشال عون مع هكذا نظام تحت أوامر ملالي إيران دليل على أن الطيور على أشكالها تقع.
ولهذا فما عرضته المخابرات السورية عبر تلفزيونها، من اعترافات مفبركة، وتمثيليات فاشلة، ومسرحيات مملة، وأكاذيب لإرهابيين، هي من ربَّتهم ورعتهم وحضنتهم وسلحتهم ومولتهم وغسلت أدمغتهم في سجونها وحولتهم إلى أدوات شريرة لضرب الاستقرار في لبنان ووحوش ضارية لافتراس العراق، لا يعدو عن كونه فرقعة إعلامية وعملية تضليل جديدة تهدف ايضا الى دعم حجة بشار، بنشر الجيش السوري على الحدود اللبنانية لصد الارهاب الآتي من لبنان الى سوريا!
ويا للفبركة! فنفس الطريقة المخابراتية السرية التي عادت بها ابنة شاكر العبسي من مخيم عين الحلوة في لبنان وظهرت في التلفزيون السوري، تذكِّر بنفس الطريقة المخابراتية السرية التي عاد بها هسام هسام من بيروت وطبلوا وزمروا له في التلفزيون السوري.
أما بالنسبة لاتهامهم أن تيّار «المستقبل» موّل عملية تفجير السيارة المفخّخة على طريق مطار دمشق في 27 أيلول الفائت". فهو ليس بجديد وكان الزعيم سعد الحريري قد اتهم النظام السوري في مقابلة مع قناة "روسيا اليوم" ، 08.10.31 التالي:
ان "الارهاب هو صناعة بحتة من النظام السوري، وانا اتحداهم، واتحدى كل النظام السوري ليعمل على انشاء لجنة تحقيق دولية، لنرى من الذي يورد الارهاب الى من، ومن الذي يصدره الى العراق ولبنان، ومن الذي يدرب ولديه مخيمات تدريب للارهابيين على اراضيه، واذا لم يريدوا لجنة تحقيق دولية فلتكن لجنة تحقيق عربية، وانا اتحداهم ان يقبلوا بذلك".
بعد هذا الكلام المفحم اصبحت الكرة في مرمى النظام السوري وستظل في مرماه! لأنه عاجز عن الرد الا انه ليس عاجزا عن الأذى، خاصة وان حقده على لبنان الديمقراطي المنتفض في وجهه ليس له حدود، اما من يخنع له كميشال عون فسيحاول تننصبه رئيسا على لبنان كما نصب دميته البائدة لحود.
لقد فتح النظام السوري بغبائه بابا على نفسه لن يستطيع اغلاقه بسهولة.

ليست هناك تعليقات: