الجمعة، نوفمبر 28، 2008

رداً على مقال الكاتب نبيل عودة

حسن عثمان

_ سوريا

كنت أتمنى من الكاتب نبيل عوده لو أنه طرح وجهة نظره بصورة أكثر موضوعية وأكثر واقعية, حيث قدم لنا الكاتب أفكاراً غاية في الدقة مزجها بجمل وكلمات وأفكار أخرى احتاجت للإنصاف في محاكاتها, محاولاً في النهاية تقديم تعليق بصورة مقال هو أشبه بلغم وضعه تحت نظر قرّاء العالم العربي والإسلامي, رقص خلاله الكاتب على الوتر الديني والمذهبي من جهة وحاول من جهة تغيير وجهة الصراع العربي عن العدو الإسرائيلي والأميركي باتجاه إيران محملا إياها بالكامل نهاية الحلم القومي العربي مشيرا إلى برنامجها النووي ومتجاهلا بشكل غريب لنووي العدو الإسرائيلي والنفوذ الصهيوني الأميركي البارز للعيان وبشكل غير قابل للجدل والنقاش, وذلك في فترة من أصعب فترات الصراع العربي _ الإسرائيلي الأميركي وخصوصا بعد ظهور النتائج الأولى للمقاومة في لبنان وفلسطين المحتلة و فوز السياسة السورية الداعمة لهذه المقاومة في ظل الغياب شبه الكامل للنخوة العربية والإسلامية تجاه العدوان الإسرائيلي على فلسطين المحتلة لبنان والعدوان الأميركي الإسرائيلي على العراق ومؤخراً على سوريا.

لقد ابتعد الكاتب كل البعد عن التعليق الوطني الصادق والكتابة الهادفة التي يجب أن يتحمل ثقل رسالتها وعناءها كل فنان وشاعر وأديب وكاتب وصحفي تجاه وطنه ومجتمعه.

أريد قبل أن أبدأ بتعليقي على مقال الكاتب أن أذكّر أنّ من يغيب عن مقالاته عبارة فلسطين المحتلة ويستبدلها ب عبارات مثل( إسرائيل _ المجتمع العبري _ المجتمع اليهودي _ داخل إسرائيل _ مجتمع عربي داخل مجتمع يهودي....) لا يحق له أن يتحدث عن واقع القومية العربية ومشكلة الحلم العربي القومي. ومع أننا نتفق مع الكاتب في بعض الأفكار التي طرحها, لكن تقديمه لها بهيئة العسل( الأشبه بالعسل الذي تناوله مالك الأشتر وهو في طريقه لولاية مصر), وخاصة في ظل العطش العربي للنصر والخلاص والتقدم والرقي رأيت أنه من الواجب الرد والتعليق والتوضيح.

لقد كان الأجدر بالكاتب وهو الذي يسرد في أغلب مقالاته بغضه للتيارات الدينية , وذكر الانتماء الديني, وتقييم الأفراد على الأساس الديني, أن يبتعد بمقاله وتعليقه عن هذه الصورة وخصوصاً أنه ذكر في تعليقه الجملة الآتية:( تجردوا مرة واحدة من المؤثرات الدينية التي تضلكم..... موضوع إيران لا علاقة له بالإسلام والمسلمين وعزة الإسلام والمسلمين).فأنا مستغرب للتناقض الذي وضع الكاتب نفسه فيه, فإذا كان مقتنع كل القناعة بعواقب المؤثرات الدينية وتأثيرها على المجتمع والوطن, لماذا حاول التركيز عليها وبصورة مذهبية من خلال ذكره للعبارات التالية: ( حركات شيعية _ سيطرة أصولية شيعية).وبالرغم من عدم مصداقية هذا الطرح والواقع يثبت ذلك. لقد كان الأفضل للكاتب كمثقف وطني يكتب لصالح مجتمعه العربي أن يكون قد عرض فكرته بعيدة عن هذا الر بط , وخصوصا بعد التقاذفات الإعلامية التي شهدناها في الأسابيع الماضية حول الموضوع الشيعي السني . لقد ألغى الكاتب في حديثه هذا وطنية وقدسية وموضوعية مقاله وتعليقه.

لقد كان الأحرى بالكاتب كإعلامي يتحمل عبء وثقل الرسالة التي يحملها أن ينوّه على أنّ مقبرة الحلم العربي هي ضمن الحدود التي رسمتها الصهيونية واللاإنسانية الأميركية والتي تسعى لتحقيقها من خلال دعم الحركات الانفصالية في جنوب السودان وشمال العراق وصولاً لتحقيق حدود الوعد التاريخي المزيف لحدود الدولة اليهودية المزيفة من النيل إلى الفرات. كان يجب ذلك لا أن يتحدث عن وهم من حركات شيعية انفصالية والتي أشار لوجودها في لبنان.

لقد كان الأجدر بالكاتب كناقد يتحمل أمانة هذه الصفة قبل أن يحاول توهيم القارئ العربي والإسلامي بالخطر الانقلابي الشيعي في لبنان وقبل أن يقوم بالإشارة المأساوية للشعب اللبناني حيث لا تمت هذه الجمل للحقيقة بصلة, كان عليه أن يستذكر ويشير إلى الالتفاف الشعبي الوطني اللبناني في مواجهة همجية الجماعات اليهودية في تموز 2006 والاعتراف بتغلبه على هذه الهمجية من خلال النضال العسكري لحزب الله ( الذي يمثل أحد أحزاب لبنان وأحد خيوط نسيج مجتمعه , وليس الحركة الشيعية الانفصالية كما أحب الكاتب أن يسميه محاولا أن يفرغه ويفرغ النصر من الوطنية) و الأحزاب الأخرى الداعمة له والمشهود لها بنضالها العسكري في المراحل السابقة داخل فلسطين المحتلة والجنوب اللبناني ( كالحزب الشيوعي وحركة أمل والسوري القومي وغيرها من الأحزاب والكثير من شرائح المجتمع اللبناني ( نستثني طبعا عملاء الصهيونية المعروفين الذي قد يكون الكاتب طرح الوضع المأساوي للشعب اللبناني من خلالهم). يجب أن نذكر الكاتب أنّ الوضع المأساوي للشعب اللبناني ليس وليد اليوم ولا حتى منذ 30 سنة, إنّ الوضع المأساوي نتج عقب اتفاقية سايكس بيكو وترسيخ النظام السياسي والقانون الطائفي فيه من قبل المستعمر الأوربي و بإيعاز من الصهيونية. أي قبل ولادة حزب الله وحركة أمل .

كنت أنتظر في مقال الكاتب كمهتم( كما لاحظت في مقاله ) بعزة الإسلام والمسلمين وبالحلم القومي العربي وكشخص قابع في فلسطين المحتلة (أي أنه في أعلى مستويات ودرجات الكفاح الوطني والفكر الثوري), كنت أنتظر التنويه إلى نووي العدو الإسرائيلي وتهديده المباشر لمحيط العالم العربي والإسلامي وخاصة أنه وضع عنوان مقاله:( إيران النووية.... مقبرة الحلم القومي العربي).

لقد كان الأنبل لنبيل عوده الكاتب طبعاً عوضاً عن إشارته إلى مناطق الصراع العربي _ الإسرائيلي على أنها بوز مدافع في الصراع الإيراني _ الإسرائيلي, كان عليه أن يتباهى ويهلل ويرفع رأسه مفتخراً أنه ما زال في العالم العربي مناطق تمتلك العزة والكرامة والإباء والشرف.وكان عليه أن ينوه ويشير إلى وجود بوز مدافع وقواعد عسكرية وممرات في المناطق العربية المحاذية لفلسطين المحتلة وفي خدمة الجماعات اليهودية والأمريكان في الصراع العربي _ الإسرائيلي, والتي نفسها وغيرها استخدمت لاحتلال العراق كما شاهدت وسمعت.

أخيراً لقد ذكرني تعليق الكاتب ومقاله( وهو القابع في فلسطين المحتلة ) والمتمثل بتجاهله التام للعدو الإسرائيلي وإبرازه للخطر الإيراني كمهدد للحلم القومي العربي ولعزة الإسلام والمسلمين, ذكرني بقصة ذلك الفتى الفلسطيني المقاوم( كما يقول ) والذي التقيته في درس اللغة في إحدى الدول حيث كان يفتقد لإحدى قدميه ولإحدى عينيه وكان يبين للسائل أن سبب ذلك يعود إلى مواجهته للعدو الإسرائيلي من خلال تركيب العبوات الناسفة وتهيئة الصواريخ. الربط بين تعليق الكاتب وهذا الفتى هو إجابته لسؤال أستاذ اللغة الذي طلب في سؤاله توضيحا لرمزية اللون الأحمر ومحاولة تمثيله بشخصية ما, فكان جواب ذلك الفتى (الفلسطيني المقاوم المصاب) أن اللون الأحمر يرمز للدم والقتل وأنه يراه مناسباً لشخصية هتلر .!!!!!!!!!

HasanOthman2@yahoo.com



ليست هناك تعليقات: