السبت، نوفمبر 15، 2008

الجاليات الفلسطينية ومنظمة التحرير

سعيد الشيخ

يتساءل الكثير من الفلسطينيين المقيمين في دول الاتحاد الاوروبي عن سر الاهتمام المفاجئ بأمور الجاليات الفلسطينية من قبل الدائرة السياسية في منظمة التحرير الفلسطينية التي يرأسها السيد فاروق القدومي "أبو اللطف" ومركزها في تونس... حيث ومنذ قترة يقوم منتدب من قبل رئاسة الدائرة بزيارة المدن الاوروبية والالتقاء بالفلسطينيين لحثهم على افتتاح مراكز للجالية وبناء هيكليات ادارية تكون نواة لادارة النشاطات المختلفة.

وفي سؤال مباشرفي احدى الاجتماعات التي جرت بأحدى المدن السويدية عن هدف المنظمة من هذه الخطوة، يجيب المندوب الذي يحمل رتبة سفير بكثير من البساطة، ان ذلك من اجل ان تعترف دول الاتحاد بنا كجالية تقيم على أراضيها اسوة ببقية الجاليات الاخرى!
وكأن ذلك ما له ان يتم الا اذا وضعت الدائرة السياسية ختمها المبارك عليه!

ويجمع اكثر المراقبون ان مؤسسات م.ت.ف معطلة ولا تقوم بدورها، وتنام بنقاهة منذ زمن في تونس الخضراء. حتى من قبل اتفاقات اوسلو مع العدو الاسرائيلي التي شرذمت العمل النضالي الفلسطيني وعملت من الفصيل الواحد عدة فصائل متناحرة. وعملت من شعبنا عدة شعيبات!

فمن يوقظ من؟ الدائرة السياسية ام الجاليات التي هبت هبة واحدة على وقع الانتفاضة عام 2000، تجوب المدن الاوروبية والاعلام الفلسطينية ترفرف مع الهتاف الصادح لحرية بلادنا ولسقوط الاحتلال. وكان معنا العديد من الاصدقاء من الاحزاب اليسارية والاشتراكية المناصرة لقضية فلسطين.

منذ ان تكثف الوجود الفلسطيني في اوروبا قبل حوالي ربع قرن والجالية موجودة بكل شغفها الفلسطيني، فأقامت الجمعيات والروابط والمراكز حاضنة النشاطات وفيها يتم احياء كل المناسبات الوطنية والمهرجانات الثقافية والحفلات الفنية، وجدرانها زينت بصور الشهداء وملصقات ولوحات تحاكي القضية. كل ذلك في ظل قانون اوجدته الديمقراطية الاوروبية.

فما هو الجديد الذي يأتي به مندوب الدائرة السياسية ؟
هل رتبت هذه الدائرة جميع اوضاع الساحة الفلسطينية في المنفى، وما بقي عليها الا ترتيب اوضاع الجاليات الفلسطينية في اوروبا، المرتبة اصلا وبشكل حضاري بعيدا عن التناحر الفصائلي ودون لوثة الفساد التي تطمراجهزة السلطة الوطنية واجهزة المنظمة ليست من هذه اللوثة ببراء. واذا كان من شوائب في عمل هذه الجاليات فهي بسسب بعض الترسبات التي ما زال يحملها البعض من حياة ماضية .
لماذا لا تتوجه الدائرة السياسية لترتيب اوضاع فلسطينيي لبنان مع الدولة اللبنانية بما يحفظ كرامتهم ويحقق لهم العيش الكريم والاهم ما يحقق لهم الأمن الذي بات امرا ملحا بعد تجربة مخيم نهر البارد؟

والسؤال هنا الاكثر الحاحا والاكثر اشكالية هو : من هو الفلسطيني؟
لقد حققت م.ت.ف منذ تأسيسها اواخر ستينيات القرن الماضي للشعب الفلسطيني كيانا وهوية سياسية دفعت دول العالم الاعتراف بالمنظمة كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني الذي كان ينظر اليه على انه فقط مجموعة بشرية من اللاجئين. وقد جاءت اتفاقيات اوسلو عام 1993 لتمنح منظمة التحرير رقعة جغرافية من اراضي فلسطين التاريخية لتقيم عليها سلطتها الوطنية. ومن واقع الحال اصدرت هذه السلطة هويات ومنحتها لسكان هذه الرقعة على انهم مواطنون فلسطينيون.
ولكن ماذا عن الملايين الاخرى التي تحمل الشغف الفلسطيني بدمائها وفي كل نبضاتها وخلجاتها... هذا بالرغم من حملان العديد منها جنسيات بلدان أخرى كنتيجة للعيش في هذه البلدان طويلا، وباتت لها كامل حقوق وواجبات المواطنة.

الممارسة السياسية للسلطة الفلسطينية والتي تقوم عليها الممارسة القانونية لا تعترف بملايين الفلسطينيين المقيمين خارج الحدود الجغرافية... فأي جالية جاءت الدائرة السياسية تبحث عنها؟... في حين ظلت ابواب السفارات او الممثليات الفلسطينية في اوروبا مغلقة بوجه الفلسطينيين حتى من قبل تاريخ اتفاقيات اوسلو.

قبل التوجه الى الجاليات الفلسطينية في اوروبا لترتيب ما هو مرتب، فان الواجب على الدائرة السياسية والسلطة الوطنية وكل اطراف العمل الوطني الفلسطيني العمل سريعا على رأب الصدع الحاصل في العلاقات الفلسطينية ووقف التناحر الحاصل على اراضي السلطة الوطنية بما يترتب عليه صياغة سياسة تحفظ مصالح شعبنا والمحافظة على حقوقه الوطنية.
ان خطوة كهذه تمنع زج الجاليات في الخلافات الفلسطينية التي اخذت طابعا قاتلا لقضينتا الوطنية!!

سعيد الشيخ / كاتب وشاعر فلسطيني

ليست هناك تعليقات: