الأربعاء، نوفمبر 12، 2008

دحض وتفنيد لاستراتيجية عون الدفاعية -2

سعيد علم الدين
نتابع دحض وتفنيد ما جاء في ورقة عون. للتذكير: "و" تعني ورقة، و"د" يعني دحض ما جاء فيها.
و: "إن لبنان، مقارنة بدول المحيط، هو الأصغر مساحة وحجماً سكانياً وموارد."
د: إذا كان الاستراتيجي عون قد اكتشف مشكوراً، ثم اعترف صراحة بهذه الحقيقة الصارخة، ووصل باستراتيجيته الخارقة الى هذه القناعة الذهبية الخالصة: أن لبنان هو الأصغر مساحة وحجماً سكانياً وشح موارد، ليس فقط بالنسبة لدول المواجهة مع اسرائيل، بل وحتى بالنسبة لكل الدول العربية، فيجب أن يبني على هذه الحقيقة الواضحة ورقته، لا أن يتناقض معها ويعمل العكس بوضع استراتيجية حربية بونبرتية للبنان الصغير ستفتح عليه باب صراعٍ أكبر من قدرته وطاقته بكثير. ومع من؟
مع عدوٍ شرس قادرٍ ليس فقط على التدمير، بل وعلى حصار لبنان الصغير براً وبحراً وجواً سنةً وسنتين وثلاث على أقل تقدير، وتماما كما يفعل اليوم بغزة المنكوبة بحماسها، المحاصرة براً وبحراً وجواً منذ اكثر من سنة، والتي تعيش من اليد للفم وتستجدي الكهرباء من العدو، ويموت شعبها في الأنفاق.
عجيب غريب أمر الاستراتيجي عون، الذي يعترف في ورقته بذلك اعترافا لا لبس فيه. حيث يقول:
و: "إسرائيل بنوعية أسلحتها وقوة نارها تتمتع بطاقة هائلة على التدمير، والمدى الذي يوفره سلاح الجو يؤمن لها الوصول الى عمق الدول المحيطة بها ... وهي تعجز عن القتال في مجتمع مقاوم ".
د: هل الهدف الاستراتيجي يا استاذ عون ان نضع بلدنا الصغير على كف العفاريت العملاقة ونرقص معها رقصة الأقزام الممانعة؟
وهل المقاومة ومنذ انسحاب اسرائيل من الجنوب عام 2000 وحتى اليوم كانت بلا ثمن باهظ جدا دفعه لبنان وحده لا غير: من اقتصاده واستقراره وامنه ودماء شعبه؟ ويتابع عون في ورقته:
و: "اما قوى المقاومة فتتشكل من السكان، لذا يجب ان تغطي هذه القوى الاراضي اللبناني كافة".
د: لو أخذنا بهذا الكلام العوني السريالي الأورنجي البرتقالي، فإنه سيحول البلد الى مربعات متناحرة وجزر امنية مستنفرة، وسيأخذ بنا الى الحرب الأهلية والوبال، والتخبط دون كهرباء في أحلك الليالي، والتيه والضياع دون قتال اسرائيل.
كيف لا والإسرائيلي قد تعلم الكثير من دروس وتوجيهات ومحاسبات تقرير فينوغراد الشهير وسيتفادى أخطاء حرب تموز يا عون الغالي ولن يقوم بأي إنزال.
ويا حسرتي نحن لم نحاسب احدا على حماقاته، ولم نتعلم شيئا من دروس حرب تموز! وكيف سنتعلم بعد ان اعلانه انتصارا الهيا وتباهينا به على الامريكان والألمان والروس؟
ولهذا فهو سيفتك بمقاومتنا السكانية الأرضية الكلاشنكوفية من السماء ولا يبالي. وسيؤدي ذلك بالتالي وبلا ادنى شك: الى تدمير قرانا، وحرق مدننا، وترويع إنساننا، وتخريب وطننا، وهدر طاقاتنا، وتهجير شعوبنا، وزهق أرواحنا، وحرق أطفالنا، والقضاء على مستقبل شبابنا، وضرب اقتصادنا، وهروب الرساميل والمستثمرين من لبناننا، وقتل السياحة والاصطياف وحركة المغتربين التي يعتاش من موسمها شعبنا، والتسبب بزرع أرضنا الصغيرة بالقنابل العنقودية الفتاكة من جنوبنا الى شمالنا ومن سواحلنا الى بقاعنا.
وسنقدم باسم هذه الاستراتيجية العونية: استقلالنا وسيادتنا وحريتنا وقرارنا، هدية سخية للمحور الإيراني السوري ليفاوض بمعاناتنا الإسرائيلي ويسمسر بدمائنا مع الأمريكي،
وسنقدم باسم هذه الاستراتيجية المقاوماتية لبناننا لقمة طرية في فم نوعية الأسلحة الإسرائيلية وقوتها الجوية التدميرية!
مع أن المحور الإيراني السوري الذي دعم حماس بحفنة من ملايين البترودولار الإيرانية النظيفة، كشوارع طهران التي أدهشت جنرال الرابية، وحرَّضها على ضرب فتح واحتلال غزة يتفرج الآن على غزة المحاصرة من البعيد دون أن يستطع نجدتها أو على الأقل إقامة جسر جوي إيراني سوري لنصرتها.
للتذكير امير قطر بعد حرب تموز وخلال الحصار الإسرائيلي للبنان استجدى إسرائيل لكي تسمح له بأن يحط بامان بطائرته في مطار الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي تعرض للقصف أيضا.
العربُ جميعا يخطبون ود اسرائيل ويتوددون اليها وبالأخص نظام الممانعة الأسدي، الذي اشبعنا ممانعات فارغة ويفاوض من اجل استرجاع الجولان دون ان يطلق على اسرائيل طلقة فارغة، والعاجز حتى عن الرد على ضرباتها التي تعرضت لها سوريا أكثر من مرة. واذا كانت مصر اكبر الدول العربية وأقواها تفاوضت سلميا مع اسرائيل واسترجعت سيناء، وإذا كانت الأردن تفاوضت سلميا واسترجعت ما كان محتلا من أراضيها، واذا كانت منظمة التحرير الفلسطينية صاحبة القضية المركزية تتفاوض سلميا على تحقيق الدولة الفلسطينية، وإذا كانت سوريا الأكبر بعشرات المرات من لبنان مساحة وموارد وحجما وقوة وطاقة، تفاوض سلميا لاسترجاع الجولان، فلماذا يجب على لبنان الصغير أن يضعه ميشال عون في بوز مدفع الصراع العربي الإسرائيلي الطاحن وحيدا دون أن يكون في استراتيجيته ايضا التفاوض كباقي دول المواجهة لاسترجاع مزارع شبعا؟
ولماذا لم يلحظ عون في استراتيجيته الاندفاعية، الا حق المقاومة دون النظر ايضا الى حق لبنان في التفاوض السلمي لاسترجاع مزارع شبعا؟
وكم شبرا حرر حزب الله خلال حرب تموز الكارثية من المزارع؟
سوى تدمير لبنان وتعريض شواطئه للتلوث وشعبه لشتى الأمراض، هذا عدا قتل وجرح الآلاف من اللبنانيين وتهجير أكثر من مليون مواطن من ديارهم.
فبأي حق يريد عون وحلفائه وضع لبنان الصغير في بوز مدفع الصراع العربي الإسرائيلي، ومن دون استراتيجية عربية متكاملة؟
ألا يعني ذلك اللعب بالنار وتدمير لبنان من جديد وقتل الآلاف وتهجيرهم كما حصل في كارثة تموز؟
ولماذا إذن نعمر الجسور ونعيد بناء القرى والمصانع اذا كانت ستدمر للمرة العاشرة؟
ولا ادري على من يتكل عون في استراتيجيته الحربية إذا كان النظامان السوري والإيراني قد تفرجا علينا في حرب تموز دون أن تتحرك جحافلهم الصاروخية لنصرتنا؟
نصرالله يسميهم حلفاءً!
ولكن حقيقتهم ظهرت للبنانيين جميعا بأنهم حلفاء علينا وليس معنا! وبسبب عون ونصرالله أصبحت أرواح اللبنانيين تزهق بلا جدوى ودماؤهم هي أرخص دماء في العالم.
ومن لم يتحرك لنصرة لبنان في حرب تموز 06 فلن يتحرك في أي حرب أخرى. فلبنان بالنسبة للمحور الإيراني السوري ساحة رخيصة وغير مكلفة لمحاربة اسرائيل وأمريكا. وقد قالها خامنئي صراحة بأنه سيحارب أمريكا من لبنان وسيهزمها بأشلاء اللبنانيين وأجساد أطفالهم المحترقة في قانا ومروحين وغيرها من القرى والمدن.
عون ونصر الله وقنديل وسليمان فرنجية وحردان ووهاب وفتحي يكن يصفقون له بعد أن باعوا لبنان وشعبه بحفنة من ملايين البترو دولار الإيرانية النظيفة كشوارع طهران.
و: " كما أن مجتمعه يتميز بتوازنات اجتماعية ـ دينية قد تكون نقطة قوة او نقطة ضعف، القوة في وحدته الوطنية والضعف في غيابها".
د: هذا كلام جميل، ومن يقوله يجب ان يعمل به! وان لم يعمل به فهو منافق ومدجل على الشعب الذي اذا صدقه وقع في شباكه.
كيف لا وتصرفات عون وممارساته وتصريحاته وللأسف ومنذ عودته الى لبنان من منفاه الارستقراطي الباريسي تعمل عكس هذا الكلام، بل عون اليوم هو اكبر مزعزع لهذه الوحدة الوطنية، التي يتغنى بها.
حيث انه بدل ان يكون في تيارها الذي تدفق بحرا بشريا اسلاميا مسيحيا وطنيا رائعا مليونيا في 14 اذار التاريخي انقلب عليها وصار همه ارضاء نصرالله والمحور الإيراني السوري الذي همه الوحيد ابقاء لبنان الصغير ساحة مستباحه ورخيصة لمشاريعه وطموحاته الفارسية الكبيرة.
من يتغنى بالوحدة الوطنية لا يستفز الطائفة السنية ويتعرض بوقاحة لرموزها، والأنكى أنه ليس منها، أي ان استفزازاته هي لاستدراج فتنة سنية مارونية.
من يتغنى بالوحدة الوطنية لا يستفز الطائفة المارونية ويهاجم رموزها ويعمل على انقسامها والأهم تحامله دون حق على البطريرك صفير ضمير لبنان وقلبه الكبير المحب لكل أبنائه.
من يتغنى بالوحدة الوطنية لا يحتل ساحات بيروت المسالمة ويعتبر احتلالها الهمجي في 7 ايار انتصارا!
الوحدة الوطنية تعبر عن نفسها بالممارسة وليست بالثرثرة!
الحساب عند الناخب اللبناني الذي لن يغفر لمن يتاجر بدماء أبنائه ويحولها الى ارخص دماء في العالم.
لفت نظري في الوريقة العونية قوله التالي:
و: "لا يمكن مقارنة سلاح الميليشيات بسلاح المقاومة المنضبط والمعد للعمل ضد إسرائيل
د: على من يدجل عون بهذا الكلام الغير صحيح؟
على البيروتيين، ام اهل الجبل، ام اهل الشمال، ام الجنوب، ام البقاعيين ؟
اترك الحكم هنا للشعب اللبناني الذي رأى ويرى بام العين انفلات وانفلاش سلاح ما يسمى مقاومة في كل انحاء لبنان.
كيف يتحدث عون عن الانضباط وكل اطلالة لنصر الله على الشاشة كانت تشعل حربا مع السماء يسقط رصاصها على رؤوس الضحايا الأبرياء.
اما ما حصل في سجد من طيش وانفلات وادى الى استشهاد النقيب الطيار الشاب سامر حنا، فالحق هنا على الجيش اللبناني الذي اعتدى على مواقع حزب الله حسب رأي ميشال عون.
اكتفي بهذا القدر من دحض ونقد استراتيجية عون التدميرية وليست الدفاعية!

ليست هناك تعليقات: