الخميس، نوفمبر 13، 2008

ماذا لو فقدنا شاليط فجأة ؟

محمد داود

الجندي الإسرائيلي "جلعاد شاليط" الأسير لدى حركة حماس في قطاع غزة والذي يشغل بال الساسة في إسرائيل، فأخباره لا تكاد تخلو من تداولها وسائل الإعلام المحلية والدولية، بل إنها احتلت الصدارة على وجه صفحاتها؛ لا سيما في خطابات واهتمامات القادة ورؤساء العالم، رغم التكلفة الباهظة الثمن التي ألحقها ويدفعها الشعب الفلسطيني من سقوط الشهداء والخسائر المادية والاقتصادية مقابل الاحتفاظ بهذا الجندي المجرم ! ... ، وما تقوم به إسرائيل يومياً من عمليات دهم واختطاف للعشرات من الفلسطينيين في قرى ومدن الضفة الغربية وقطاع غزة حتى وصل عدد الأسرى أكثر من أحد عشر ألف أسيرٍ يعاملون أسوء المعاملة وتنتهك أبسط حقوقهم الإنسانية بلا حسيب أو رقيب ولا يستطيع أي زعيم عربي أو غربي أو مؤسسة حقوقية التفوه أو المطالبة بتخفيف وطأة السجن أو الإفراج عنهم.

عامان ولا تزال إسرائيل تراوغ لكسب الوقت وهي تبحث بكل السبل لاستعادة جنديها شاليط، فقامت باستهداف الشعب الفلسطيني في قطاع غزة واستنزاف قطاعاته المختلفة من اختطاف لبعض النواب في المجلس التشريعي وقامت بقصف جنوني لمقرات السلطة الوطنية الفلسطينية وتدمير البينة التحتية والمنشآت الاقتصادية وفرضت حصاراً مشدداً وأخذت تتوغل في مناطق السلطة الفلسطينية بين الفينة والأخرى ، لدرجة أن حزب الله قام بعملية فدائية جريئة في محاولة لتخفيف الهجمة الشرسة عن قطاع غزة، كانت أيضاً تكلفتها أشد ضراوة وجسيمة ، لكنه في نهاية المطاف تمكن من تحقيق مطالبه وقد نجح بامتياز وانتصر.

فلسطينياً سعت إسرائيل لإفشال أي صفقة والذي يعنينا في المقام الأول إطلاق سراح أسرانا الأبطال، إذا يعلق الكثير من الأسرى الآمال؛ خاصة الأسرى القدامى وذوي الأحكام المرتفعة ؛ الذين تعتبرهم إسرائيل بأنهم شاركوا في هجمات فدائية ضدها وقتلوا إسرائيليين، لذلك لجأت إلى عدة وسائل أخرى؛ فقامت بعمليات اقتحام وبالفعل تمكنت من خطف أحد منفذي عملية الوهم المتبدد التي شاركت فيها ثلاثة فصائل فلسطينية تم من خلالها خطف الجندي شليط أثناء عملية خاصة في رفح ورفضت أن تبدي معلومات حوله، الأمر الذي يتأكد لنا أن مساعي أجهزة الأمن الإسرائيلية وعلى رأسها الشاباك يعملون بجدارة وبسرية من أجل الحصول على معلومات تفيد وتكشف عن مكان الجندي شاليط، فسبق أن قامت إسرائيل بتصفية واستهداف عدد كبير من رجال المقاومة الذين شاركوا في عمليات فدائية أوقعت خسائر في صفوف جنود ها، واليوم تعرض أجهزة الشاباك الإسرائيلية جائزة بقيمة "10 ألاف دولار" لمن يدلي بمعلومة عن مكان جنديها شاليط، هذا بجانب تصريحات استخباراتية إسرائيلية قد سبق تداولها حول مكان الجندي شاليط في محاولة لخلق الشك للحصول على معلومة قد تفيد، والتي يتبين لنا أيضاً أن هناك قوة خاصة معدة جيداً لاقتحام أي مكان في حال تسرب معلومات عن مكان الجندي، وبهذه التصريحات وأخرى والتي تزامنت مع الخروقات الإسرائيلية للتهدئة و التصعيد المفاجئ في هذه الأيام بالتحديد مع جهود الحوار الفلسطيني وسقوط الشهداء والتذرع بأن المقاومة الفلسطينية تقوم بحفر أنفاق قرب الشريط الحدودي من اجل القيام بمزيد من عمليات الخطف للجنود الإسرائيليين ، في قطاع غزة والذي ينذر بإنهاء صفقة التهدئة والتي لم تكن بعيدة عن خطابات القادة الإسرائيليين وحديثهم المستمر بأن المواجهة أصبحت حتمية مع المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة وأنها باتت قريبة، فهي تدرك الفارق بين عملية الوهم المتبدد والوعد الصادق خاصة من الناحية الجيوسياسية، وترى بأن المساومة على الجندي شاليط قد تكون مقدمة لمزيد من الخطف للجنود الإسرائيليين، لذلك تريد المقايضة بفتح المعابر أو إدخال السلع ووقف عدوانها مقابل الإفراج عن شاليط، فمعيار نجاح المرشح لتولي زمام رئاسة الحكومة في إسرائيل مرهوناً بالإفراج عن الجندي شاليط وبأقل الخسائر ووضع نهاية حازمة لصواريخ التي تنطلق من قطاع غزة ..فكونوا حذرين من مكرهم.

كاتب وباحث

ليست هناك تعليقات: