الخميس، ديسمبر 20، 2007

غربلتكم الأزمةُ فظهر معدنُكم

سعيد علم الدين

لقد أظهرت الأزمة أو الأزمات المفتعلة، التي يمر بها لبنان ومنذ همروجة الحزب اللاهي بانتصاراته الإلهية واعتصاماته الفاشلة مع أقليته الغوغائية قبل أكثر من سنة، معادنَ الرجال الرجال من أنصافٍ وأرباعٍ، وأنصافِ أرباعٍ، وأشباه الرجال. غربلتهم الأزمةُ غربلةً في الغربال فسقط الزؤان في المستنقعات والمربعات والأوحال وصمد الأوفياء: للدولة والحكومة والشرعية والدستور، والديمقراطية والحرية وانتفاضة الاستقلال، وللحق والحقيقة والمحكمة وتطبيق العدالة على القتلة الأنذال. وهوى الشهداء الأبطال آخرهم كان فرنسوا الحاج ليرتفعوا أرزاً شامخاً في وجه الحاقدين على قمم الجبال، خالدون في الوجدان الوطني على مدى العصور وتعاقب الأجيال.
لقد أظهرت الأزمةُ من هم رجال الدولة الحقيقيين الكبار، أصحابُ المواقف الحقة الشجاعة. الذين ستكونُ مواقفهم محطاتٍ بارزةً تترك بصماتٍ خالداتٍ لن تمحى في التاريخ اللبناني والعربي والعالمي.
هؤلاء هم الذين يدافعون عن الدولة السيدة الحرة العربية المستقلة وعن شعبها وقرارها وحقها وحقوق طوائفها وأقلياتها ودستورها ونظامها وكيانها حتى الفداء. يدافعون بالمهجِ والأرواحِ والأجساد، والعمل المضني الشاق حتى الإجهاد، والصبر والتفاني في العطاء، والموقف الأبي الشجاع والكلمة الحرة الجريئة التي لا تنصاع: لا لوهج السلاح، ولا للقتلة واللصوصِ، ولا للوحوش الكاسرة والضباع.
وهناك الآخرون من السياسيين المزيفين الصغار الذين سمحت لهم ظروف الاحتلال السوري الإيراني للبنان بامتطاء صهوة زمن الوصاية واحتلال مراكز مرموقة في الدولة لا يستأهلوها، ومازالوا فيها ويمارسون من خلالها نفس الأدوار تحت أوامر خامنئي وبشار، ولم يجلبوا لأنفسهم ولشعبهم ولدولتهم ولدستورهم وكيانهم إلا الخزي والمذلة العار.
رجل الدولة الكبير وصلابة صخور لبنان وشموخ أرزه الأستاذ فؤاد السنيورة قال في رسالة الى الإستيز رئيس حركة أمل نبيه بري لمناسبة عيد الاضحى:انه يثمن "عاليا اسهام كل من وقف الى جانب الدولة ومؤسساتها والى جانب الدستور واحكامه". هذا الكلام اللائق المهذب من السنيورة هو انتقاد خفيف كنسيم الربيع مُحَلًّى بِحُلل الأدب الرفيع، ومغلفٌ بورقٍ من الذهب الخالص.
لأن الشعب اللبناني والعالم أجمع يعرف من أغلق البرلمان أكثر من سنة معطلا أم المؤسسات الدستورية ومعها إرادة الشعب الذي انتخب النواب، محوِّلا موقعه الوطني من رئيس لمجلس النواب في ساحة النجمة إلى رئيس لحركة أمل في عين التينة مساهماً مع الأقلية في ضرب الاقتصاد وتعطيل باقي المؤسسات، موصِلا الدولة إلى الفراغ في كرسي الرئاسة. هذا بعد أن أشبعنا كلاما بأنه في الموضوع الرئاسي خلف البطريرك صفير. هكذا ومن دون احترام لكلماته ومصداقيته ومركزه المرموق قفز بكلمة سر من وراء غبطة البطريرك الكبير لينزوي خلف الوصولي الصغير المهووس بالكرسي ميشال عون.
المسؤول الأمريكي ولش بعد لقائه الرئيس السنيورة في السراي عبر عن عميق قلقه بشأن الأزمة السياسية الحالية في لبنان، دعيا الرئيس بري إلى تحمل "المسؤولية الدستورية الوطنية الكبيرة وإلى تبوُّء هذا الدور القيادي وممارسة هذه المسؤوليات"
ويرد الإستيز المعصوم عن ارتكاب الأخطاء والذي لا يأتيه الباطل والغلط: لا من تعهداته ولا من عيدياته، ولا من مواقفه ولا من كلامه، ولا من يمينه ولا من شماله، ولا من خلفه ولا من قدامه، ولا من فوقه ولا من تحته، ولا من ورائه ولا من أمامه، ولا من سوريا ولا من إيرانه، منتفضا على ولش مؤكدا من خلال مكتبه الإعلامي أنه "تحمّل مسؤولياته كاملة منذ اليوم الأول لإمكانية انتخاب رئيس جديد، أي 25 أيلول، ودعواته لانتخاب رئيس هي دعوات متواصلة وبالتالي فرئيس المجلس يعرف مسؤولياته جيداً، آملاً أن يكون غيره كذلك"، ودعا ولش الى أن "يضغط على من يستمع اليه ويطيعه كي يتحمل مسؤولياته".
وعلى من يضحك الإستيز بري على نفسه أم على الرأي العام، وهو الذي كان قد تعهد بأنه سينام في البرلمان خلال المهلة الدستورية أي قبل انتهاء ولاية لحود إلى أن يتم انتخاب الرئيس العتيد.
كل الجلسات التسع التي دعا إليها بري هي صورية بلا محتوى، شكلية بلا مضمون هدفها فقط ابتزاز الأكثرية إلى أبعد الحدود وإلى حد الاستسلام لمطالب سوريا وإيران.
هو يجرر النواب الذين يضحون بأمنهم متعرضين لشتى أنواع الأخطار في قدومهم إلى البرلمان. فالمجرم القاتل ما زال متربصا بالأحرار من النواب وبكل أحرار لبنان إلى أن يحقق أهدافه بالقضاء على الأكثرية وقتل روح انتفاضة الاستقلال.
بري يفتح البرلمان ليغلقه، ويدعو إلى الجلسات ليؤجلها، حتى أن نوابه ونواب الأقلية لا يدخلون إلى القاعة العامة خوفا من مواجهة الحقيقة.
أما بالنسبة لموضوع الإطاعة فلبري باع طويل ومواقف تشهد له في الإطاعة وعلى المكشوف ومن دون ماكياج ورتوش. كيف انه قبل المثول بين يدي المرشد الأكبر خامنئي صرح بان الحكومة دستورية وممكن أن يتم تعيين وزراء بدل الوزراء المستقيلين وبعد تلقيه الأمر المطاع من خامنئي خرج من مقابلته ليعلن كالتلميذ المطيع أن الحكومة غير دستورية وغير شرعية وغير ميثاقية. الأقليه كلها من نصر الله إلى بري إلى عون إلى سليمان فرنجية إلى عمر كرامي وطلال أرسلان مطيعةٌ إطاعةً عمياء لأوامر ايران وسوريا: ومنهم من يقبل الأيادي، ومنهم من يتمسح بالجوخ، ومنهم من يتمرمغ بالتراب ومنهم من يَسُفُّهُ سَفَّ ال ...، ومنهم من ينتظر على الأبواب مجرداً من الأخلاق والمبادئ والوطنية والكرامة، عارياً حتى من الثياب.
حتى أن صحيفة «الثورة» "طوط .. طوط" بوق النظام السوري الاستبدادي الدكتاتوري المخابراتي الكاريكاتوري الفاجر والكاذب والغادر والفاشل في تحرير جولانه سخرت مما سمته «همروجات النواب الذاهبين إلى مجلسهم». هذه السخرية الحاقدة على الديمقراطية اللبنانية الراقية برسم الإستيز رئيس مجلس الهمروجة!
وقالت «الثورة» :‏ «شهر بلا رئيس والحبل على الجرار!
هل هذه كلمة السر الجديدة للإستيز لإفشال جلسة السبت؟

ليست هناك تعليقات: