السبت، ديسمبر 15، 2007

وزارة الدفاع وشعبة للمخابرات أمام القضاء الإداري بدمشق

خالد الاختيار

صاحب الدعوى ومالك موقع "النزاهة" لـ(كلنا شركاء):
قرار الحجب فردي, ولا خلفيات سياسية للقضية



في تطور لافت وغير مسبوق, وبعد مضي ما يقارب الـ(40) يوما تقريبا على الدعوى المرفوعة ضد وزارة الاتصالات والتقانة من قبل موقع (النزاهة) ردا على عملية الحجب التي تعرض لها على مخدمات الانترنت السورية, قرر صاحب الموقع المحامي عبد الله علي توسيع دائرة الجهات التي يقاضيها بدعوى المسؤولية عن حجب موقعه لتشمل إضافة إلى وزارة الاتصالات السيد رئيس شعبة المخابرات العسكرية, والسيد وزير الدفاع بالإضافة إلى منصبيهما, والسيد المدير العام للمؤسسة العامة للاتصالات, وذلك إثر الرد الفريد من نوعه الذي تلقاه من وزارة الاتصالات نفسها في كتاب رسمي حمل الرقم /42/11939 ح وجاء فيه:
(موقع النزاهة محجوب بموجب توجيه الفرع 225 الوارد بالفاكس رقم 389 تا 3/10/2007)
وقد تأجلت جلسة المحكمة إلى 5-2-2008 بعد أن استمهلت محامية وزير الاتصالات للنظر في طلب إدخال الجهات الجديدة في المخاصمة القضائية.
عن هذه التطورات غير الاعتيادية في مسار قضية شكلت منذ بدايتها سابقة في الإعلام السوري بشكل عام والالكتروني على الأخص كان لـ(كلنا شركاء) هذا الحديث الخاص مع صاحب الدعوى ومالك موقع (النزاهة) المحامي عبد الله علي, حيث بادرناه بالسؤال الذي يطرح نفسه:

v إلى أي حد أنتم مستعدون للمضي في هذه الدعوى بعد أن أخذت هذا المنحى الجديد؟

نحن سوف نمضي بها حتى النهاية.


v ألا تعتقد أنّ رد الوزارة هذا يعفيها من المسؤولية المباشرة عن عملية الحجب التي تعرض لها موقعكم , وبالتالي تصبح الدعوى المرفوعة ضدها غير ذات معنى؟

أبدا, مع أن هذه هي المرة الأولى التي تقول فيها وزارة الاتصالات أن جهة أمنية بعينها هي وراء عملة الحجب, ومن الممكن جدا أن يكون هدف الوزارة من هذا التصريح هو أن تحرر نفسها من المسؤولية كما نوهت في سؤالك, لكنّ هذه الطريقة لن تنفع الوزارة في شيء, لأنّ وزارة الاتصالات تبقى عمليا مسؤولة عن الحجب حتى لو كان التوجيه بهذا الحجب صادرا عن جهة أمنية أو جهة حكومية أخرى, لأنّ تنفيذ الحجب عمليـّة تقوم بها الوزارة عبر مزود الخدمة الخاص بها أصلا, قبل أن تعمد إلى إرسال كتب إلى كافة مزودي الخدمة للالتزام بهذا التوجيه, وبذلك فهي تبقى مسؤولة.


v هل تعتقد أن لديك فرصة قانونية للمتابعة في هذا الاتجاه في ظل القوانين الاستثنائية وحالة الطوارئ المعمول بها حاليا, بمعنى هل لمحكمة القضاء الإداري في دمشق سلطة قضائية على الجهات الأمنية والوزارات الأخرى التي تنوي مخاصمتها أيضا إضافة إلى وزارة الاتصالات والتقانة؟

بشكل عام, للقضاء سلطة على كل الجهات, وحتى الفروع الأمنية هي تابعة لجهة إدارية,
ونحن لا نقوم هنا بمخاصمة الفرع نفسه, وإنما شعبة المخابرات العسكرية التي يتبع الفرع لها, والتابعة بدورها لوزارة الدفاع, وهذه الجهات كلها مشمولة بحكم القضاء.

أما بالنسبة للإشارة لقانون الطوارئ أو الظروف الاستثنائية, فقد كان من الممكن لهذا الكلام أن يكون صحيحا فيما لو كان قرار الفرع بتنفيذ هذا الحجب قد صدر استنادا لقانون الطوارئ,
لكننا قمنا بالاطلاع على كتاب الفرع, وصياغته لا تدل على أنه صادر استنادا لقانون الطوارئ أو أي شيء من هذا القبيل.


v هل كان سير التقاضي ومجريات المحاكمة ينبئان عن احتمال تلقيكم ردا كالذي بين أيديكم الآن؟

على الإطلاق, بل شكل ذلك مفاجئة حقيقية لنا, لا بل إنـّه كان مفاجئا للجميع دون استثناء, وهذا الأمر بالذات سيترك دون أدنى شك أثرا كبيرا على قضية حجب المواقع برمتها, إذ من المستغرب وغير المسبوق أن تعطي وزارة الاتصالات و التقانة جوابا كهذا.
وفي السابق كانت تراودنا الشكوك حول وجود جهات أمنية خلف قضية حجب المواقع, أمـّا أن يوجـّه إلينا كتاب بشكل رسمي بأن فرعا أمنيا بعينه قد أصدر توجيها بحجب مواقع؛ فهذا أمر يحصل للمرة الأولى.



v هل يمكنك بناء على ما أسلفت التعميم بأنّ عمليات الحجب كلها تمت بهذه الطريقة في السابق؟

دعني أجيبك بالقول بأنـّه وفي شأن أحد المواقع بالذات كان واضحا وثابتا لدينا أن القرار إنـّما صدر عن المدير العام لمؤسسة الاتصالات, ولديّ هنا وثيقة كتابية أحتفظ بنسخة عنها حول هذا الأمر.
ما أريد قوله هو أنـّه أمسى من العسير أن يعرف المرء من هي الجهة المختصة بالحجب, فمرة هي فرع أمني, ومرة أخرى هو مدير الاتصالات, وتارة هو وزير الاتصالات, وتارة أخرى هو وزير الإعلام ...! وبالتالي ليس هناك جهة واحدة مسؤولة عن هذا الموضوع.


v إذا فأنتم تنوون مقاضاة وزير الاتصالات الجديد أيضا؟

طبعا, فمخاصمتنا القضائية هي للمنصب وليس للشخص.


v وماذا عن الوزير المقال, هل أصبح خارج القضية؟

لا علاقة لنا به من الآن فصاعدا, إلا إذا قررنا في يوم من الأيام أن نطالبه بالتعويض المادي والمعنوي عن الضرر الذي تسبب به لنا.


v وهل تنوي متابعة العمل في هذه الدعوى القضائية كما بدأت بها بجهد فردي, أم أنـّك تلقيت عروضا من جهات وشخصيات أخرى مستعدة للوقوف إلى جانبك ومساندتك قانونيا؟

هنالك العديد من الجهات التي عرضت علينا المساعدة قانونيا وتطوعا من دون أي مقابل, لكننا قررنا أن نستمر في هذه الدعوى بشكل فردي.


v هل ثمـّة هناك خلفيات معينة وراء قراركم هذا؟

السبب في ذلك هو أن غايتنا الأساسية تكمن في تطبيق القانون فحسب, ولا أهداف أخرى لنا على الإطلاق من وراء هذه الدعوى سوى ذلك, ولدينا أمل في القضاء السوري أن يعمل على ترسيخ مبدأ في هذا الموضوع بالذات؛ بالنظر إلى غياب أي نص قانوني فيه, وهو مبدأ نأمل أن يراعي الحقوق والحريات الأساسية التي ينصّ عليها الدستور السوري.

وأعود لأؤكد ألا خلفيات سياسية للموضوع البتة, ونحن واثقون أن مسألة حجب موقع (النزاهة) إنما هو تصرف فردي, ولو أن القرار بذلك صادر عن فرع أمني, إذ لا أعتقد بوجود أي توجه سياسي ضدنا كموقع من قبل أي جهة, وإنما هو تصرف شخصي من قبل أحد الضباط لا أكثر.


v ولكن ماذا عن ردة فعل المواقع الأخرى التي تعرضت للحجب كذلك, هل أنتم على تواصل معهم اليوم؟

قي حقيقة الأمر لا أعرف ما الذي كان يمنع المواقع المحجوبة من اللجوء فيما مضى إلى القضاء والمطالبة بحقها في رفع الحجب, ولكنني على كل حال أعتبر أن القرار الذي اتخذناه برفع الدعوى هو تكملة للطريق التي سلكها من سبقنا من أصحاب تلك المواقع, والذين ربما كانت لهم طرقهم الخاصة بالتعامل مع الموضوع, لكننا كنا مصرين في موقعنا على أن يكون تعاملنا مع المسألة تعاملا (قانونيا)؛ أولا كي نتخلص من الحساسية السياسية للموضوع, وثانيا لأننا نريد العمل على ترسيخ قاعدة قانونية ومبدأ قضائي للتعاطي مع هذا الشأن كي نتخلص من الفوضى الموجودة حوله.

فالدعوى بحد ذاتها تعتبر سابقة في البلد –ربما كان لها مشابه أقدم في مصر- والجواب الذي تلقيناه حول مسؤولية أحد الفروع الأمنية عن قرار الحجب يعد أخطر خطوة في هذه الدعوى والأكثر فائدة فيها على السواء, لأنّ هذا كشف عن شيء ظل طي الكتمان لفترة طويلة, وهو
علاقة فروع الأمن بحجب المواقع, وما كان في السابق مبنيا على الشائعات والافتراضات أصبح اليوم موثقا في كتب رسمية.


v هل لمست رغبة من أصحاب المواقع المحجوبة في الانضمام إليك وأخذ المنحى ذاته في التعاطي مع قضاياهم وقضايا مواقعهم؟

ما حدث هو العكس تماما, فنحن وقبل شروعنا برفع الدعوى قمنا بالاتصال مع أصحاب المواقع المحجوبة الأخرى, وسعينا إلى إقناعهم بأن تكون الدعوى جماعية؛ بعضهم رفض الفكرة, وبعضهم الآخر قال أن لديه حساسية معينة تجاه الموضوع, أو أن موضوعنا يختلف عن موضوعه, وأشياء من هذا القبيل, لذلك قررنا في النهاية خوض هذه التجربة منفردين.
لكن هذا بالطبع لا يعني أننا لا نتلقى الدعم المعنوي من أصحاب المواقع الأخرى.


v لماذا تصرون على عدم القيام بأي تجديد لصفحات موقعكم, والذي يمكن لكم لو أردتم القيام بذلك متجاوزين عملية الحجب المفروضة عليكم؟

بالتأكيد ثمة طرق دائما نستطيع من خلالها تحديث الموقع, ونحن كنا قادرين كذلك على حجز (دومين) جديد لنقوم بربطه مع (الدومين) القديم, لكننا لم نفعل ذلك من باب أننا نؤمن بأنّه لدينا الحق بأن نعمل في موقعنا هذا بالذات, وأن ننشر من داخل سورية, بشكل طبيعي دون اللجوء إلى أسلوب (احتيالي) أيا كان, وهذا حقنا ونحن متمسكون به.


v في كل هذه القضية لم يرد أي ذكر لوزارة الإعلام, على الرغم من أنها الجهة المعنية مباشرة بقضية من هذا النوع, ناهيك عما نسمع من إعداد لقانون جديد للمطبوعات يلحظ في قسم منه ما يسمى (تنظيم الإعلام الالكتروني), فلماذا ظلت هذه الجهة غائبة عن مجريات النقاش في هذه القضية بالذات؟

منذ تاريخ 25\07\2007 تغيرت سياسة الحجب في سوريا, وذلك بعد التفويض الذي تحصّل عليه وزير الاتصالات والتقانة من مجلس الوزراء, والذي أصدر على إثره ذلك التعميم المشهور (سيء الصيت), حيث يقرر فيه الوزير حجب أي موقع (يسيء للغير), وهذا التعميم يعتبر تطورا له دلالاته الكبيرة في سياسة الحجب في سوريا من حيث أنه نقل صلاحيات الحجب من وزارة الإعلام -كما كان الاعتقاد السائد- إلى وزير الاتصالات في حالات معينة, ناهيك عن أنه سمح لعملية اتخاذ قرار الحجب أن تأخذ بعدا شخصانيا, فلم يعد قرار حجب المواقع يتخذ على خلفيات سياسية, وصار بمقدور أي مسؤول أو مدير أو نافذ يشعر بالانزعاج من أنّ موقعا ما يسيء إلى سمعته؛ أن يتقدم بشكوى إلى الوزير الذي يقرر بشكل فردي حجب الموقع.

ويمكنك أن تلاحظ في التعميم نفسه أن النص يتطرق لـ(الذم والقدح) في حين أن الذم والقدح هي جريمة بنظر القانون لا تثبت الإدانة بها إلا بحكم قضائي.
وفي حال أراد الوزير أن يطبق القانون فعلا؛ فعليه إذ ذاك أن يستصدر حكما قضائيا ضد الموقع بأنه ارتكب جريمة الذم والقدح قبل أن يعمد إلى حجبه, وما جرى هو أن الوزير كان ينصب نفسه قاضيا يحكم فيمن يتوافر فيه شرط الذم والقدح المشار إليه, وهذا يدل على عدم توافر ضوابط للحجب, وأن الأمر يعود إلى المزاج الشخصي لهذا المسؤول أو ذاك.

وأنا أوافق بأنّ بقاء وزارة الإعلام خارج الصورة أمر غير مبرر, وإذا لاحظت فإن وزير الاتصالات السابق عمرو سالم في حديثه مع جريدة الشرق الأوسط بعد بضعة أيام من توزيعه لذلك التعميم؛ ميـّز بين وزارة الإعلام ووزارة الاتصالات, حيث قال أن الحجب هو من اختصاص وزارة الإعلام لأنه يتعلق بسياسة النشر وهذا كلامه حرفيا, وعندما سئل عن سبب تدخل وزارة الاتصالات بشأن التعليقات أو المقالات المنشورة بدون أسماء أجاب بأنه يملك تفويضا بذلك من مجلس الوزراء, وأضاف -وأنا هنا أقتبس كلامه تماما- (نحن المنفذ وليس لنا علاقة بالمحتوى), فكأنّ وزير الاتصالات يقول هنا بأن الحجب بشكل عام هو مسؤولية وزير الإعلام لكن وزارة الاتصالات تختص بالحجب في حالتين فقط: عندما ينشر تعليق ما بدون اسم, أو عندما تنشر مقالة بدون اسم, وبالتالي لا علاقة للوزير إذا بمضمون المقالة, غير أنّ ذلك كله ثبت فيما بعد عدم صحته.


v بعد أن وصلتم في قضيتكم إلى هنا, هل تبين لكم أخيرا السبب الذي تمّ على أساسه حجب موقعكم منذ البداية؟

لم يقدم لي أحد أي سبب رسمي حول حجب موقع (النزاهة), ولكن تصورنا أنّ ذلك جاء بعد سلسلة مقالات نشرناها تتناول حكومة العطري, حيث استندنا فيها إلى نص المادة (122) من الدستور, وخلصنا إلى أن حكومة العطري هي حكومة تسيير أعمال وبالتالي لا حق لها في أن تعقد جلسات في مجلس الوزراء, أو أن تتخذ أي قرار خاصة في موضوع إعادة توزيع الدعم الذي كان مثار جدل واسع تلك الآونة, وظننا في حينه أن سلسلة المقالات تلك كانت السبب
في حجب الموقع, لكن بعد أن تأكدنا اليوم أن القرار صادر عن الفرع (225) عرفنا السبب الحقيقي وراء الحجب, واسمح لي بأن أتحفظ عن ذكره الآن إلى أن يحين الوقت المناسب لذلك.

ليست هناك تعليقات: