الاثنين، ديسمبر 17، 2007

منع الأنشطة الفلسطينية في القدس رسالة"سلام"إسرائيلية أخرى !!


راسم عبيدات
….. اليساري في إسرائيل هو يميني فيما يتعلق بالحقوق الوطنية الفلسطينية المشروعة، وهناك مأثور شعبي يقول:بنقول ثور بيقولوا إحلبوه"، وهذا هو حال الفريق السلطوي الفلسطيني المفاوض،فرغم كل اللطمات والصفعات التي توجهها له القيادة الإسرائيلية،فهذا الفريق يستمر بالحديث عن التفاوض، وبالطول والعرض، يريد أن يبيع شعبنا الفلسطيني الأوهام والسراب على أنها إنجازات وانتصارات، وكما يقول المأثور الشعبي"عنزه ولو طارت:،
فأصحاب المدرسة التفاوضية والواقعية والعقلانية اللامتناهيه، كل يوم يخرجون علينا بنظرية جديدة، حول أفكارهم المبدعة والخلاقة، فمن نظرية الممرات الإجبارية الأوسلوية إلى نظرية المسامير الأربعة والقيادة المبدعة الخلاقة الأنابوليسية، فما ان انفض مولد أنابوليس والتقطت الصور التذكارية ومصافحات العلاقات العامة، حتى بدأت القيادة الإسرائيلية بتوجيه رسائل كلها حب وغرام "وسلام" للفريق الفلسطيني المفاوض، والذي لو احترم نفسه وشعبه لما ذهب لهذا المؤتمر، والذي على أبواب انعقاده منع رئيسه للمفاوضات "أبو العلاء" من دخول مدينة القدس، وأولى رسائل السلام"الصفعات" التي وجهتها القيادة الإسرائيلية لأصحاب هذا النهج، هي الإعلان عن استمرار الاستيطان في مستوطنة أبو غنيم والشروع في استدراج عروض لإقامة 307 وحدات سكنية اضافية في تلك المستوطنة غير الشرعية، وتبجح وزيرة خارجية إسرائيل بكل وقاحتها المعهودة بان الاستيطان والبناء في أبو غنيم لا يتعارض والتزامات ورغبة إسرائيل في السلام، ورسائل السلام"الصفعات" الإسرائيلية لم تتوقف عند هذا الحد ، حيث شرعت الحكومة الإسرائيلية في البحث عن طرق واليات تشرع البؤر الاستيطانية العشوائية، من خلال خصخصة الاستيطان، ورغم ذلك فإن من يغتصبون القرار الفلسطيني، وينظرون للوطن على أنه مزرعة للاستثمار، وتحقيق المصالح الشخصية والامتيازات ، يصرّون على السير قدماً والإيغال في هذا النهج، فالحكومة الإسرائيلية دائمة التحدث عن ما يسمى بالسلام والتنازلات المؤلمة، تقوم بممارسات على الأرض تثبت وبما لا يدع مجالاً للشك أبداً، بأنها تستثمر وتستغل هذا الفريق وهذه المفاوضات من أجل الاستمرار في خططها وبرامجها من أجل تكثيف الاستيطان، وأسرة المدينة المقدسة وتهويد سكانها ، وهذا طبعاً كما تقول القيادات الإسرائيلية لا يتعارض مع رغبتها في السلام، ففي الوقت الذي يشيع فيه الفريق الفلسطيني المفاوض عن قرب إعادة فتح المؤسسات الفلسطينية التي جرى إغلاقها في القدس، هذه المؤسسات التي نص اتفاق أوسلو على بقاءها ووجودها، نرى ما تقوم به إسرائيل على أرض الواقع، يتعارض مع ذلك بالمطلق ، ففي يوم الخميس 13/12/2007، وجهت لجنة المرأة الفلسطينية دعوة لإقامة حفل فني في قاعة الفندق الوطني في المدينة المقدسة ، قامت على أثره قوات الاحتلال بإغلاق الفندق ومنع هذا النشاط، تحت يافطة وشعار أن النشاط تابع للجبهة الشعبية، وفي اليوم الأحد 16/12/2007، دعا إتحاد المعلمين الفلسطينيين لإقامة حفل تكريمي للمعلمين في المسرح الوطني "الحكواتي"، وفي نفس اليوم وجه برلمان الشباب المقدسي دعوة لشخصيات مقدسية، للإعلان عن انطلاق البرلمان في قاعة هند الحسيني في دار الطفل العربي، وقام الاحتلال بمنع هذين النشاطيين، بحجة ارتباطهما بالسلطة الفلسطينية،.فإذا كان مجرد إقامة أنشطة نسوية وشبابية وجماهيرية في القدس ،يقدم الاحتلال على منعها، فهل هذا عدو يرغب في السلام والمصالحة؟، وهل مثل هذا السلوك من شأنه أن يخلق أي بادرة وأمل عند أغبى فلسطيني بأن هذا العدو يريد السلام ؟، أم أن المسألة لا تغدو أكثر من مشاغلات ومفاوضات عبثية، لن تفضي لآية نتيجة ، فالجميع يعرف ويدرك أن كل القيادات الإسرائيلية بمختلف ألوان طيفها السياسي، تجمع على رفض حتى الحدود الدنيا من الحقوق المشروعة لشعبنا، وهي جاهزة لكي تستمر في هذه المفاوضات، وكما عبرت عن ذلك قياداتها لمدة عشرين أو ثلاثين عاماً، شريطة أن لا يمنح أو يعطى فيها الفلسطينيين أية تنازلات جوهرية في القضايا الأساسية من عودة اللاجئين إلى الانسحاب من الأراضي المحتلة عام 1967 بما فيها القدس، وإزالة المستوطنات والحدود وغيرها، وكل هذه الشواهد والمعطيات غير كافية أو مقنعة للفريق السلطوي الفلسطيني المفاوض، انه لا جدوى من هذه المفاوضات العبثية، والتي ثبت بالدليل القاطع والملموس، أنها لن تؤدي إلى تحقيق الحد الادني من حقوق شعبنا في الحرية والاستقلال، وأنه بدلاًُ من اضاعة الوقت في هذا العبث واجترار المفاوضات والمبادرات وطحن الماء ، يجب الالتفات إلى الوضع الداخلي الفلسطيني، والعمل بشكل جدي من أجل إعادة اللحمة والوحدة إليه، بدلاً من رهن ذلك لأجندات واشتراطات خارجية، ووعود جوفاء باللبن والعسل، إذا ما استمروا في هذا النهج، واستبعدوا قوى المقاومة والممانعة، فهذا الحديث الممجوج خبرناه وجربناه كثيراً، وتحديداً بعد محاصرة الرئيس الراحل أبو عمار ومن ثم اغتياله مسموماً، فالقوى المعادية لشعبنا قالت أنه برحيل القائد أبو عمار،فإن فلسطين ستتحول إلى ستغافوره، والشعب الفلسطيني سيصحو على اللبن والعسل وينام على الجوز واللوز، لتأتي "المية وتكذب الغطاس"،ونكتشف زيف هذه الإدعاءات ـ وشعبنا لم يحصد سوى البصل والفشل ، ومزيداً من ضياع الحقوق والمكتسبات والتشرذم والانقسام، وإذا ما استمر الحال على ما هو عليه من انقسام وتفتت، وتحريض وتحريض مضاد، وصراعات على المراكز والمصالح والسلطة المزعومة بين قطبي السياسة الفلسطينية(فتح وجماس)، وإلباس هذا الصراع ثوب الدفاع عن المصالح العليا للشعب الفلسطيني زوراً وبهتاناً، فإن القضية الفلسطينية بكل تجلياتها أرض وهوية وشعب وحقوق ومكتسبات معرضة للتفكك والإندثار والزوال، وأنه آن الآوان لكي نقوم بإجراء مراجعة شاملة وعميقة، في هذا النهج التفاوضي العبثي، والذي يجرنا ويدفعنا نحو المزيد من الانقسام وفقدان البوصلة، فالذي يجري في القدس من عزل وتحويط للمدينة المقدسة بجدران العزل والفصل العنصري، وتكثيف للاستيطان في كل بقعة فيها ، ومنع أي تواصل لها مع محيطها الفلسطيني، كافي لكي يثبت أن هذا العدو، لا يقيم وزناً لا لاتفاقيات ولا لالتزامات، وقادته قالوا في أنابوليس، أن لا التزام بجداول زمنية، ومعيار أية اتفاقيات هو أمن إسرائيل أولاً وعاشراً، فأنابوليس لم يوقف لا مسلسل القتل اليومي لا في الضفة ولا في القطاع، وكذلك دايتون وإشرافه على الأجهزة الأمنية الفلسطينية، لم يشفع لها في منع الاقتحامات ولا الاعتقالات والاغتيالات الإسرائيلية اليومية والمتكررة، والمطلوب بشكل ملح هو التوقف عن الاستمرار في هذه السلوك والنهج العبثي المدمر، والتوجه نحو الجبهة الداخلية من أجل إعادة اللحمة والوحدة إليها فهي صمام أي انتصار فلسطيني .


القدس- فلسطين

ليست هناك تعليقات: