الأحد، ديسمبر 09، 2007

المجتمع الإسرائيلي وعار العنصرية !!

د. عدنان بكريه
التقرير الذي أصدرته جمعية حقوق المواطن في إسرائيل حول التوجه العنصري للمجتمع الإسرائيلي أسقط أوراق التوت عن خبايا هذا المجتمع النابض بالعنصرية والتعصب والكراهية للعرب... ووضع فلسطينيي أل 48 أمام تحديات جديدة ومرحلة قاسية .. جاء في التقرير
55 0/0 من المواطنين اليهود يؤيدون التهجير للعرب من وطنهم
78 0/0 يعارضون وجود العرب داخل الحكومة ....
055/0 يعتبرون العرب قذرين وأغبياء !!
75 0/0 لا يرغبون في السكن مع العرب في بنايات مشتركة !
61 0/0 غير مستعد لاستقبال العرب في بيوتهم !!
55 0/0 يطالبون فصل اليهود عن العرب !
إن العقلية العنصرية الراسخة داخل المجتمع الإسرائيلي لم تنشأ من فراغ ، بل أن المؤسسة الحاكمة ساهمت إسهاما كبيرا في توسيع دائرة العداء للإنسان العربي من خلال انتهاج نهج تحريضي سافر ضد المواطنين العرب في الداخل ومن خلال إتباع خطاب إعلامي عنصري تحريضي وزرع ثقافة العداء تجاه الانسان العربي وإبرازه على أنه " قذر ومصاص دماء " ولا يمكن التعايش معه والوثوق به !
لقد عانينا من هذه السياسة على مدار عقود من الزمن ومن خلال تصريحات قادة الدولة العنصرية والتي شكلت أرضية خصبة لتنامي العنصرية والعداء للمواطن العربي... وهنا يأتيني قول (شموئيل طوليدانو) والذي شغل منصب مدير مكتب العديد من رؤساء وزراء إسرائيل عندما قال " العرب أمة لا تقرأ وإن قرأت لا تفهم وإن فهمت لا تطبق " !! إضافة إلى التفوهات القذرة التي أطلقها أكثر من مسئول إسرائيلي " العرب سرطان في جسم الدولة يتوجب اقتلاعه "! وآخرها تقليعة ( ليبرمان الفاشي ) والذي يدعو إلى طرد المواطنين الفلسطينيين من ديارهم !
أمام هذا الزحف العنصري الكاسح والعقلية الفاشية المترسخة لا بد لنا أن نذكر ليبرمان وأمثاله ممن يساهمون في ترسيخ ثقافة العداء والأبارتهايد هنا في الداخل... بأننا تجاوزنا جيل المراهقة وبلغنا سن الرشد ولن تقوى كل أشكال العنصرية بردعنا عن مواصلة طريقنا النضالي حتى ينال شعبنا حقوقه القومية والمتمثلة في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس وضمان عودة لاجئي شعبنا .. ومهما تطاول ليبرمان وأمثاله إلا أننا نزداد إيمانا بحق شعبنا وبحقنا في وطننا فنحن الباقون هنا راسخين في وطننا وأرضنا وهم العابرون.
وهنا لا بد لنا من تذكير إخواننا العرب في كل مكان.. لا تتوهموا بانقلاب قد يحصل في عقلية الانسان اليهودي .. ولا تراهنوا على تغيير في وجهة ونظرة المجتمع الإسرائيلي ... فما دامت ثقافة الحرب والعداء هي المسيطرة.. فلن يكون هناك أي تنازل للأطراف العربية ... فتجربة رئيس الوزراء ( رابين ) خير دليل على وجهة وتطلع المجتمع الذي لم يتورع عن اغتياله عندما تطلع إلى وضع حد للصراع العربي الإسرائيلي وقبل أن يقدم تنازلات جدية !
إن عقلية تربت في دفيئة الفكر الصهيوني العنصري والعدائي .. لا يمكنها القبول بالآخر كعنصر يزاحمها على الأرض والوجود .. لا يمكنها أن تتحرر من قفص الفكر الصهيوني والتحجر.. من قفص التعصب والعداء .. وحتى لو حاولت المؤسسة الحاكمة إخراجها فإن الوقت قد فات ولم يعد بالإمكان تحرير عقلية المواطن اليهودي من قيود العنصرية التي أصبحت جزءا من ثقافته اليومية ونمطا من أنماط حياته وسلوكا يلازمه في كل مكان وزمان .
المؤسسة الحاكمة جنت على المواطن اليهودي قبل العربي من خلال تربيته تربية تنضح بالعنصرية والعداء.. فالتقرير الذي أصدرته جمعية حقوق الانسان والمواطن وبعد عملية استطلاع للرأي يبرهن ما قلناه وأحسسنا به من أننا نواجه أشرس ثقافة عرفها التاريخ ... ثقافة الحرب والعداء واحتقار الآخر.
المطلوب منا وفي هذه الظروف التهيؤ لمرحلة جديدة من تاريخنا .. مرحلة المواجهة الثقافية مع ثقافة هجينة ومدجنة في حظائر العنصرية .. المطلوب منا صياغة أسس المرحلة القادمة والأخذ بعين الاعتبار المعطيات التي تطفو على السطح بين الفينة والأخرى ... فلقد دخلنا مرحلة جديدة وخطيرة بعد إصرار اليمين واليسار الإسرائيلي على وضعنا في ميزان التسوية الإسرائيلية- الفلسطينية وعلى المقايضة بوجودنا وكأننا سلعة...
فإسرائيل تخشى من خطرنا الديموغرافي وتخاف على نفسها .. فلا مبرر لهذا الخوف فيما لو تم إقامة الدولة الفلسطينية.... لا مبرر للخوف فيما لو تم صنع السلام مع العالم العربي والشعب الفلسطيني.
نعم جاء التقرير ليضعنا أمام تحديات جديدة ملخصها بأن تفكير المجتمع الإسرائيلي تجاهنا كأقلية قومية يضع مسألة وجودنا هنا في خطر... فإسرائيل إضافة إلى تخوفها من اختلال المعادلة الديموغرافية أصبحت تدرك
بأن فلسطينيي الداخل يملكون جزءا من مفاتيح الحل وهذه القناعة ترسخت بعد هبة ( يوم الأرض ) عام 76 فأية إنتفاضة قد تندلع على مستوى فلسطينيي الداخل من شأنها أن تقلب الموازين رأسا على عقب لذا تسعى وبشتى الوسائل إلى تغييب هذا العنصر الفاعل المتمثل بفلسطينيي الداخل من خلال برمجة مشاريع لتهجيرهم .
إن عقدة الخوف التي تلازم حكام إسرائيل نابعة من اضطهادهم لنا... نابعة من قناعتهم بأن الضغط سيولد الانفجار ! كونهم غير مؤهلين للتعامل معنا كأقلية قومية لها حقوقها المدنية والقومية في هذه البلاد.. غير مؤهلين لإعادة الحق الفلسطيني إلى أصحابه الشرعيين... غير مؤهلين لصنع السلام مع مليون ونصف مليون عربي فلسطيني في الداخل ... وهنا يأتيني قول القائد الراحل توفيق زياد عندما صرخ في قلب الناصرة
" إذا كانت إسرائيل لا تستطيع صنع السلام مع مليون فلسطيني في الداخل .. فكيف بإمكانها أن تصنعه مع مائة مليون عربي في الخارج "
الدكتور عدنان بكريه / الجليل / فلسطين

ليست هناك تعليقات: