الأربعاء، ديسمبر 05، 2007

أن نفرح ونحتفل...نعم.. ولكن

عطا مناع

نجح أبالسة السياسة والماكينة الإعلامية الوجهة في تدجين الوعي الفلسطيني تجاه تعاطيه مع قضاياه الحياتية والوطنية لدرجة أن اللامبالاة والبلادة أصبحتا سمة ملازمة لنا في التعاطي مع الأحداث التي تعصف بنا كشعب دون أن نتفاعل معها مما يدلل أن المشكلة كبيرة ومستعصية، والمصيبة الكبرى أن التفاعلات الشعبية مع القضايا اليومية تمشي على رأسها لدرجة أننا حشرنا في زاوية الذات وانصرفنا عن التفكير بما يحيط بنا من مشاكل أصبحت تهدد وجودنا الثقافي والسياسي .

لقد وصف الأسير القائد مروان ألبرغوثي عملية أفراج سلطات الاحتلال الإسرائيلي عن دفعة من أسرانا بالنكتة، ولقد أصاب ألبرغوثي كبد الحقيقة، لان قضية الأسرى اكبر من "افراجات حسن النوايا التي تدعيها الدولة العبرية" مع الأخذ بعين الاعتبار أن جيش الاحتلال اعتقل ما يقارب الخمسين فلسطينيا في الوقت الذي أطلق فيه سراح الأسرى الذين نعتز بهم ونفخر بصمودهم ، لكن يجب أن ننظر لقضية الأسرى كأولوية وطنية تفرض على المستوى السياسي الفلسطيني أن التعاطي معها بجدية اكبر وخاصة أن احد عشر ألف فلسطيني يقبعون وراء القضبان وتمارس بحقهم أساليب غاية في البشاعة لتصل إلى درجة التصفية البطيئة والممنهجة وتحت سمع وبصر العالم وبشكل خاص الشعب الفلسطيني.

أن النكتة التي نعيشها في تتمثل في عدم تقدير المواقف والأحداث ومدلولاتها السياسية ذات الأبعاد الإستراتيجية، ولا بد من التأكيد أن استقبال الأسرى المفرج عنهم ضرورة اجتماعية وإنسانية،ولكن المبالغة في أشكال الاحتفالات تجعلنا نبدو وأننا كراضين ومستسلمين لسياسة الدولة العبرية والتي توظف الأسرى لتمرير سياساتها المتمثلة برشوة هذا الطرف نكاية بالطرف الآخر ، لا بل تذهب ابعد من ذلك بالإعلان صراحة إنها لن تطلق سراح أسرى ينتمون لفصائل إسلامية مثل حماس والجهاد الإسلامي.

الشعب الفلسطيني محاصر، وقطاع غزة يخنقه الحصار وجنرالات الاحتلال يدقون طبول الحرب للانقضاض علية والشهداء يسقطون يوميا والجوع يجتاحنا، والمستقبل السياسي يلتف بالسواد والانشقاق والتشرذم سمة مميزة للمرحلة والقيادة السياسية فقدت البوصلة واتخذت من السراب سبيلا، أما الشعب فيلتزم الصمت عندما يتوجب علية الكلام والخروج للشارع لقول كلمته، الشارع الفلسطيني يتقبل هذه الأيام العصا والجزرة مجتمعتان، يتقبل الجوع والقهر والذل والتفريط والفساد والساسة الذين انتهت صلاحيتهم واتخذوا من الآخر حليفا لهم، بحيث أصبحت العادية واللون الواحد في التعاطي مع الأحداث ما يميزنا، نعم لنحتفل بالأسرى ونعيش الحياة بحلاوتها المنقوصة ولكن بالضرورة عدم الإفراط بهذا الفرح لان هناك بيوتا فلسطينية تعيش الحزن الأبدي، لماذا ننساق وراء سراب الاحتفالات الرسمية، وكما قلت في البداية لقد شوه أبالسة السياسة ثقافتنا وتفاعلنا مع قضايانا، لتتداخل المناسبات ولننساق وراء غرائزنا دون التفكير في ما نحن فيه، نطلق الرصاص في أفراحنا وأتراحنا وطوشنا، لكن لا يصح إلا الصحيح رغم حالة الانحطاط والترهل الذي ضرب عصب حياتنا.

ليست هناك تعليقات: