الجمعة، ديسمبر 14، 2007

انابولس المذبحة للثوابت والأرض والإنسان


عطا مناع
المؤكد وباعتراف أنصار انابولس أن دولة الاحتلال الإسرائيلي استغلت الضعف الفلسطيني والهرولة العربية للتطبيع مع الدولة العبرية التي عرفت تماما من أين تؤكل الكتف، فالمواقف الضبابية للقيادة الفلسطينية التي تقول ما لا تفعل في تعاطيها مع الثوابت الفلسطينية التي حفظها شعبنا عن ظهر قلب وجاهر بان التنازل عن الثوابت لا يستوي والتضحيات التي قدمها قربانا لتقرير المصير والاستقلال الوطني.
بعد انابولس فلت عقال الدولة العبرية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وما الإعلان عن عطاء لبناء"307" وحدات استيطانية في مستعمرة هاحوماة المقامة على أراضي جبل أبو غنيم التابعة للقدس المحتلة وإعلان "الإدارة المدنية" في دولة الاحتلال عن إقامة آلاف الوحدات الاستيطانية، وبدعم من رأس الهرم ألاحتلالي يعطي إشارات واضحة وجلية بخصوص النوايا الإسرائيلية، وخاصة أن هذه الخطوات الاستيطانية أعلن عنها أثناء انعقاد جلسة للجان المفاوضات التي شكلت للتفاوض حول القضايا المسماة بقضايا الوضع النهائي شديدة التعقيد.
بعد انابولس تضاعفت عمليات الاعتقال في أوساط الفلسطينيين في الضفة الغربية، وأزاد التنكيل بالأسرى الفلسطينيين والعرب في سجون الاحتلال الإسرائيلي، مئات الحواجز بقيت على حالها، والعنصرية كشفت عن وجهها القبيح لدرجة أن شمعون بيرس حذر من تنامي العنصرية في أوساط اليهود، والمستوطنون قاب قوسين أو ادني من إعلان دولتهم على أراضي الضفة الغربية، دولة المستوطنين ذات النشيد والعلم الخاص، لقد عدنا من الولايات المتحدة الأمريكية على أمل التوصل إلى تسوية سياسية نتائجها محسومة سلفا من وجهة النظر الإسرائيلية.
إسرائيل أعلنت موقفها من عودة اللاجئين الفلسطينيين الذي هجروا من أراضيهم عام 1948، لقد أكدت الدولة العبرية وبكل أطيافها السياسية والحزبية على رفض العودة، بل ذهبت إلى ابعد من هذا الرفض بطرح الدولة اليهودية ، كاشفة عن عنصريتها مهددة أكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني صمدوا في أراضيهم ومدنهم المحتلة، دولة الاحتلال قالت أن القدس المحتلة عامة موحدة وأبدية لها، أنهم يسيطروا على المياه والحدود ويتحكموا بالقضايا الحيوية التي تشكل عصب حياة وأسباب وجود بالنسبة للشعب الفلسطيني.
أما قطاع غزة فلن يكون أحسن حالا من الضفة، ففي القطاع أصبح اللعب على المكشوف تطهير عرقي سافر تحت شعار إيقاف الصواريخ البدائية التي تطلقها فصائل المقاومة على الأراضي المحتلة عام 48 ، في غزة الحرب أخذت أشكالا مختلفة، الحصار الاقتصادي والصحي الذي أودى بحياة العشرات من المرضى بسبب نقص الأدوية والمعدات الصحية ورفض دولة الاحتلال السماح بعلاج المرضى الذي يعدون الأيام والساعات، الجوع والموت اللذان تنشرهما دولة الاحتلال في كل دقيقة في شوارع غزة وسقوط العشرات من الشهداء والمئات من الجرحى شهريا تحت سمع وبصر العالم الذي لم يحرك ساكنا لوقف هذه المأساة مما يؤكد أن غزة تذبح بمباركة عالمية وعربية وفلسطينية.
لقد تعرض الشعب الفلسطيني عبر نضاله ضد الاحتلال لمئات من المذابح التي استهدفت صموده وتصميمه لنيل حقوقه المشروعة، لقد ذبحنا في دير يسن وكفر قاسم وقبية وصبرا وشاتيلا ناهيك عن المذابح التي ارتكبها النظام العربي الرسمي، لكننا كفلسطينيين نواجه اليوم مذبحة من نوع آخر تستهدف الحجر والبشر والثوابت والتاريخ ، مذبحة من نوع آخر الاحتلال احد أقطابها، إننا نعيش المشهد الأخير من المؤامرة التي تستهدف شعبنا،وهذا يتطلب من الشعب الفلسطيني وقواه الوطنية والإسلامية وقفة جدية بعيدة عن النزق والنرجسية السياسية لإعادة تقيم الأوضاع وإجراء عملية فرز في الشارع السياسي الفلسطيني وإماطة اللثام عن أنصار النهج التصفوي الذي سيطروا على الملعب الفلسطيني وبدؤا ينظرون للمرحلة الأمريكية والواقعية التفاوضية التي لن تعطينا إلا السراب.
السؤال الذي يقلق المواطن الفلسطيني، ماذا لو كان نصيب المفاوضات الحالية الفشل؟ما العمل... وهل يمكن إعادة عقارب الساعة إلى الوراء؟ سؤال أخر كيف ندخل المفاوضات مفرقين؟ الاقتتال الفتحاوي الحمساوي... والخلاف الفتحاوي الداخلي ... والتعنت الحمساوي الذي لسان حالة عنزة ولو طارت... كيف نفرمل المذبحة التي ينفذها الاحتلال في غزة... كيف نلجم القيادات الفلسطينية التي أصبح شغلها الشاغل تخوين الآخر ... كيف نقف في وجه الهراوة التي يضرب بها الفلسطيني ليل نهار... كيف نقنع حركة حماس بان تعتذر عن حسمها العسكري في غزة... وماذا عن الحكومة سواء كانت مقالة أو لتسير الأعمال... حكومتان لشعب هو الأفقر في المنطقة... شعب يرى قضيته تذبح في وضح النهار ... شعب انهكهة الاقتتال بين أطراف غاب عن أجندتها وأصبح حطبا لأهدافها الغير بريئة.

ليست هناك تعليقات: