الثلاثاء، ديسمبر 25، 2007

وفازت ايران


يوسف فضل

أنا مستعدة لزيارة دمشق وايران لانه ليس لدينا اعداء دائمين
وزيرة خارجية امريكا
**
لقد فاز الحلف الايراني
وليد حنبلاط

ثالث يوم عيد الاضحى قمت بزيارة لاحد الاصدقاء (المناضلين ) القدماء في العمل في السعودية ، مع أنه كان يغطي جسمة بدثار الفروة فقد قدم الكعك بالعجوة (التمر)والقهوة السادة التي تسبب الحرقة للبعض . اثار اشجاني عندما قدم الفواكه المجففة (التين والمشمش والزبيب الخليلي) والمكسرات (الجوز واللوز ) والملبن والقمر دين مع طبق تغميس لها من الطحينة ، وهي احدى مكونات المأكول الفلسطيني الرخيص (سابقا ) الذي عادة ما نتناوله في فصل الشتاء للحصول على السعرات الحرارية لكن عدوي مرض السكر منعي من التمادي في التمتع بذكرى هذه الاطاليب التي تعكس تاريخ من بساطة العيش . لم يبق إلا ان يقدم الكينر والقرفه حتى نعيش ايام زمان مقهى النباتات في مدينة جنين .

تجاذبنا اطراف الحديث وكان الموضوع الرئيس هو حديث السياسة لاننا نهوى وجع الرأس والحكي ما عليه جمرك لكن بعد توديعه السلام نكأت فكرة كتابة ما دار بيننا من حديث فيما يتعلق بالسياسة الايرانية لانها حديث الساعة للسياسي ورجل الشارع والصالون (المثقف ) .

جاءت امريكا بوجودها العسكري الفاضح عام 2003 اي عندما غزت واحتلت العراق وكان
لمحسني الظن بها وهم كثر في العالم العربي بخاصة الحكام العربي (سني المذهب ) انها جاءت بداعي الخوف النووي العراقي ثم بدلت امريكا ادعاءات احتلالها بسبب الخوب من الاسلحة الكيماوية العراقية ثم بقدرة قادر انها جاءت لنشر مرض الديمقراطية ويا سبحان الله اخيرا اماطت اللثمام عن دوافعها الانسانية في تواجدها في العراق لحماية ارواح السنة والشيعة واصلاح ذات البين بين الاخوة الاعداء العراقيين . وهي التي اثارت نعرات الطائفية في العالم العربي .

جرى نهر من دماء الجنود الامريكان وانهار من دماء العراقيين في سبيل تنفيذ المشروع الامريكي في العراق . قد يقول البسطاء منا ان سبب وجود امريكا في العراق هو لحماية اسرائيل وهذا مستبعد لان به اساءة لنخوة الحكام العرب الذين اخذوا على أنفسهم عهدا بحماية هذه الدويله المسكينة والصغيرة من اي رصاصة صيد تخرج من بندقية اي هاو من الشعب العربي .

من غرائب الامور ان الدولة الوحيدة التي احتجت عمليا على التواجد العسكري في العراق , مع ان احتلال العراق وافغانستان تم بالاتفاق معها , وعارضت واختلفت مصالحها مع المشروع الامريكي هي ايران . يجب أن نأخذ بعين الاعتبار ان المواقف الايرانية التي قد تبدو متناقضه في الظاهر ما هي إلا مرونه ومناورات سياسة لحماية مصالحها والحصول على افضل شروط الاتفاق مع امريكا . وهذا من حق ايران ان تبحث عن مصالحها ، أليست السياسة هي لعبة تحقيق المصالح . وقد فهمت ايران ما جاء في تقرير هاملتون – بيكر بانه " لا بد او يجب على امريكا ان تشرك ايران للحفاظ على مصالحها في الشرق الاوسط " اي ان تخرج ايران بنصيبها من الكعكة . وقد فهمت ايران هذه الرسالة بانها وامريكا ستحصلان على ما لا تملكان . وان ما بينهما هو صراع ارادة للحصول على افضل شروط التفاوض . وقد جرت مواجهات عسكرية بين ايران وامريكا على الساحة اللبنانية ممثلة بحزب الله وعلى الساحة العربية العراقية ممثلة بالاحزاب الشيعية وقد فازت ايران عسكريا على امريكا .

لا نسمع إلا اخبار ايران وامريكا سواء على الساحة العراقية او الافغانية او اللبنانية او الفلسطينية . ونكاد ان نجزم ان اتفاقية السلام السرية بين امريكا وايران قد تمت . ولنقفز خطوة تحليلة إلى الامام ونطرح سؤال ما هي بنود اتفاقية السلام ؟ وهل اتفاقية السلام هي بين قوتين سياسيتين متساويتين ؟ ولماذا نستخدم اتفاقية السلام ؟ لاننا نود التذكير بان اتفاقية السلام لا تتم إلا بين الاعداء .

وبينما نحن وسائر المواطنين العرب الذين لا حول لهم ولا قوة إلا بمتابعة الاحداث عبر الفضائيات والجرائد والانترنت والتنقل منقطعين عما يجري حقيقة ما وراء الكواليس لكن منشغلين بما يجري من اخبار موجهة مثل اخبار النصف + واحد في لبنان والثلث الضامن والثلث المعطل بينما تجري اتفاقيات في الخفاء ،بين القوات التي حطت علينا عسكريا في العراق وايران , ستغير مجرى احداث وتاريخ المنطقة . ولزيادة الشغف والالهاء المتعمد طل علينا السيد\ جورج بوش في اسلوب قوي من الابهام والتعتيم والتضليل وطالب بحل معضلة الرئاسة اللبنانية باعتماد النصف زائد واحد وان صبره قد نفذ من الرئيس السوري . وتفسير هذا الكلام إما ان السيد\جورج بوش ينفخ الوطنية في النظام السوري على اساس انه جزء مكمل للاتفاق مع ايران او انه يريد التخلص من الانظام السوري بالاتفاق مع ايران التي قد تكون تنازلت عن حليفها . وهذا يحصل في لعبة السياسة بان يترك الحليف للعدو للتخلص منه .

إن قراءة لمجريات الاحداث تعطي القدرة على التنبؤ لما سيحدث في الواقع المستقبلي المنظور . من معرفتنا بواقع السياسة الايرانية وطريقة تفكير قادتهم في ادارة المفاوضات ان ايران لا يمكن ان تتنازل عن شيء الا بحصولها على مكاسب مقابلة وقد تكون مضاعفة وان يثبتوا امر استمرار ايران على انها لاعب رئيس في المنطقة :-
1- ما طرحه السيد احمد نجادي من افكار واقتراحات في اجتماع مجلس التعاون الخليجي في قطر : إلغاء التأشيرات , الاقتصاد الحر بين دول مجلس تعاون دول مجلس الخليج وايران ، تزويد ايران للخليج بالماء والغاز ، المشاريع الاقتصادية المشتركه ، الغاء الضريبة ، كل ذلك نصت علية اتفاقية السلام وهذا ما وعد به السيد احمد نجادي من امريكا لصالح ايران .

المحزن في الامر أن جاء تصريح وزير خارجية السعودية ، وهي الدولة الاكثر تضررا من اتفاقية السلام ، لا يعبر عن اي مستوى من القلق ، حين علق على ما طرح السيد\ احمد نجادي بقوله " إذا حييتم بتحية فردوا بأحسن منها " وهذا تعليق يصلح للمجاملات الاجتماعية بين كبار السن في ملجأ للعجزة وليس مناسبا حين التحدث عن مصير منطقتنا التي اصبحت بين ايدي ايران وامريكا .ونتيجة التغيرات البطيئة فان الاوضاع ستتغير وستكون السعودية هي المنطلق الذي يقود مشروع التغيير العربي وهذا ما تعيه امريكا . وحينها سيدرك السنة ان مصالحهم لا تتوافق مع المصالح الامريكية . وهذا تكرار لنفس الخطأ الذي وقعت فيه امريكا حينما دعمت الجهاد السني في افغانستان فانقلب عليها المجاهدون . وامريكا تكسب مؤقتا من تغذية سياسة التفرقة الطائفية لكنها ستحصد العداء السني في النهاية .
2- ينص البند الاقتصادي من اتفاقية السلام على ان البترول ورسم سياسته بيد امريكا والدورة الاقتصادية في المنطقة لصالح ايران .
3- اقرار امريكا بان ثلث العراق تحت تصرف ايران .
4- مساعدة ايران لامريكا في استيطانها في العراق الى ان يقضي الله امرا كان مفعولا

أما تنازلات ايران وامريكا فهذا بعلم الغيب لكن في محاولة للتوقع بناء على سياق الاحداث فان اربعة تنازلات يمكن لايران تقديمها لامريكا وهي :
1-حماية الامن القومي الامريكي في العراق اي حماية الاستيطان الامريكي بتواجد الجنود الامريكان واسرهم ومشاريعهم واستثماراتهم النفطية طويلة الامد.
2- الاحلال بدل الانظمة العربية التي تستشعر امريكا منذ فترة انها غير قادرة على حماية الدولة اليهودية .
3- اجهاض اي نشاط او بذرة نشاط جهادي من قبل المسلمين السنة لتغيير واقع الحال .
4- التضحية بحزب الله وحركتي حماس والجهاد وربما النظام السوري . عمليا تم سحب الصلاحيات من السيد/نصر الله ووكل بها نائبه .

حتى تستمر ايران في ضمان اتفاقها مع امريكا فلا بد ان تعتمد على ذاتها اي ان تكون ايران قد وصلت ، وهذا ما يرجح ،الى ان تكون قوة نووية فلم تعد بحاجة لحزب الله لتلعب به كورقة تفاوض ولا هي بحاجة لعداء اسرائيل ولا لدعم المقاومة الفلسطينية بل كونها دولة قوية تستطيع ان تحافظ على مكاسبها مع دول الخليج العربي حسب اقتراحات السيد\ احمد نجادي في اجتماع دول مجلس التعاون في قطر . ومما يؤكد ان ايران هي دولة نووية ما قدمتة مخابرات السي أي إي من الكشف عن تقرير (سري ) حول توقف برنامج ايران النووي منذ اربعة سنوات . أليس هذا انهاء لوجع رأسنا من مسألة النووي الايراني .

باختصار المصيبة ستعم على العالم العربي الذي ليس لدية مشروع حضاري للمنطقة بديل عن تزاوج المشروع الامريكي الايران فقامت ايران بسد الفراغ وقد اعطت بندا من البنود السابقة والكارثه إذا اعطت ايران كل الضمانات السابقة لامريكا .

تدثروا جيدا في فصل الشتاء حتى لا تصابوا بلفحات ونزلات البرد القادمة . وما اكثرها !

editor@grenc.com

ليست هناك تعليقات: