السبت، ديسمبر 22، 2007

أنابوليس وترجماته العملية إسرائيلياً.....

راسم عبيدات
.....ما ان انفض لقاء او مؤتمر أو مولد انابوليس، ولك أن تسميه ما شئت، إلا ان يكون مؤتمراً للسلام، فالسلام هو مجرد وهم يعشعش في تلافيف عقول دعاة ما يسمى بالعقلانية والواقعية وأصحاب نظريات التفاوض من أجل التفاوض العرب والفلسطينيين، ليس لأننا لا نؤمن ونريد السلام، بل لأن أمريكيا وإسرائيل يريدون سلاماً وفق الاشتراطات والاملاءات الإسرائيلية ولا يلبى حتى الحد الأدنى من الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وأكثر من مرة قلنا لهؤلاء العرب والفلسطينيين، وكما يقول المأثور الشعبي"إللي بجرب المجرب عقله مخرب"، ولكن لا حياة لمن تنادي، فالإنسان عندما يفقد الإرادة ويتعامل مع نفسه على انه مهزوم، فإنه يستحيل عليه التقدم ولو خطوة واحدة نحو تحقيق الهدف الذي يصبو إليه ،وأذكر انه في ندوة أقامتها اتحاد لجان المرأة الفلسطينية في قاعة جمعية الشابات المسيحية في القدس على أبواب انعقاد انابوليس وشارك فيها الأساتذه مهدي عبد الهادي وعبد اللطيف غيث وحاتم عبد القادر عن الموقف الفلسطيني من أنابوليس ،ايجابيات وسلبيات الحضور أو عدمه، قلت في مداخلة لي، انا سأكون من أشد المؤيديين لحضور أنابوليس، لو حقق إيجابية صغيرة، ليس لها علاقة لا بالحقوق المشروعة لشعبنا، ألا وهي إطلاق سراح الأسرى القدماء، بل وأقل من ذلك لو يضمن تحرير الأسرى القادة والوزراء والنواب المختطفين والمعتقلين في السجون الإسرائيلية، فهذا المطلب الصغير سيجعلني ويجعل غيري من الفلسطينيين غير المؤمنيين بواقعيتكم وعقلانيتكم أن ننضم لهذه المدرسة وننظر لها، ولكن ما حدث بعد ان انتهى مولد أنابوليس والتقطت الصور التذكارية والعلاقات العامة، بل وعشية عقد المؤتمر، بدأ قادة إسرائيل في ترجمة رغبتهم، وما يسمونه تنازلاتهم المؤلمة للسلام على الأرض، فرئيس الوزراء الإسرائيلي "أولمرت" قال بشكل واضح إسرائيل غير ملتزمة بأية مواعيد لإقامة الدولة الفلسطينية، ووزيرة خارجيته"ليفني" معشوقة الزعماء العرب، قالت أمن إسرائيل فوق السلام والدولة الفلسطينية، ووزير الدفاع الإسرائيلي"بارك" سارع للبحث عن طريقة يواصل فيها إقامة المستوطنات وتوسيعها في الأراضي الفلسطينية، بل وحتى شرعنة البؤر الاستيطانية والمسماة في عرفهم لا شرعية، من خلال خصخصة الاستيطان،وهجوم استيطاني واسع على مدينة القدس، من أجل أسرلة سكانها وتهويدها أرضاً، وعبر إقامة المزيد من الأبنية الاستيطانية في مستوطنة أبوغنيم، حيث استدرجت عروض وعطاءات لإقامة أكثر من 307 وحدات سكنية إضافية في تلك المستوطنة، وأعلن عن رغبة إسرائيل في اقامة حي استيطاني جديد في شمال القدس، منطقة قلنديا أكثر من عشرة الاف وحدة سكنية استيطانية، والمسألة لم تقف عند هذا الحد، بل ان القيادة الإسرائيلية تتبجح، بأن ما تقوم به على الأرض من ممارسات لا يتعارض ورغبتها في السلام، فمسلسل القتل والاغتيالات اليومية بحق الشعب الفلسطيني، وكذلك الاعتقالات والحصار والتجويع، هذه الممارسات كلها لخدمة العملية السلمية، وانا لا اعرف إن كان هناك فلسطيني له دماغ ويفكر به ، ويبقى لديه أدنى قناعة بأن ما يجري، ليس أكثر من مشاغلات ومبادرات كلامية لن تفضي إلى أية نتيجة تجاه تحقيق الشعب الفلسطيني لحقوقه المشروعة عبر هذه البوابة ، ويا سبحان الله كل القيادات الأمريكية والأوروبية، بعد أن تخلي أو تجبر على التخلي عن مواقعها ومراكزها الرسمية، تصبح أكثر إنسانية وتفهم لحقوق واحتياجات الشعب الفلسطيني، بعد أن تكون قد أوغلت كثيراً في الدم العربي والفلسطيني، وأنا لا أفهم أو أؤمن بان من يمارس أو مارس القتل والتجويع بحق أطفال أفغانستان والعراق ولبنان وفلسطين، سيتحول إلى حمامة سلام ومرشح أو حائز على ما أصطلح على تسميته بجائزة نوبل للسلام، من أمثال الرؤساء الأمريكيين كارتر وكلينتون ورئيس الوزراء البريطاني السابق بلير وغيرهم، والانكى من ذلك أنهم في عواصمنا العربية يستقبلون استقبال الأبطال والفاتحين، والويل لمن يتظاهر أو يهتف ضدهم بأنهم قتلة وإرهابيين، فاليوم المعادلة مقلوبة وهناك من يطالب بمحاكمة واعتقال قادة المقاومة العربية والفلسطينية، واعتبارهم "إرهابيين" فهل هناك أحط وأرذل من هذا الزمن العربي؟،وبالعودة إلى أنابوليس فما أود قوله، انه علينا كعرب وفلسطينيين، أن لا نبيع شعوبنا الأوهام والسراب على أنها إنجازات وانتصارات، فالتجارب علمتنا جيداً،انه قبيل او بعد مثل هذه المؤتمرات، هناك مسلسلات للذبح العربي والإسلامي، فمؤتمر مدريد سبقه موسم ذبح الشعب العراقي ومن ثم احتلاله بصمت وتواطؤ عربي وإسلامي، واليوم مؤتمر أنابوليس يجري الإعداد لموسم ذبح عربي وإسلامي جديد، يطال كل حلقات المقاومة والممانعة والمعارضة العربية والإسلامية، ولذا مطلوب توحيد وتحشيد العرب والمسلمين خلف المواقف الأمريكية والأوروبية الغربية،ولحين تحقيق أهدافهم من هذا التحشييد والتجييش، فإنهم سيركلون كل العرب والمسلمين إلى مزابل التاريخ، ونحن لسنا ضد التفاوض مع العدو من أجل إحقاق حقوق شعبنا، بل التفاوض المستند إلى قرارات الشرعية الدولية المطلوب تنفيذها،وفق جداول زمنية والتزامات واضحة،وليس التفاوض من أجل التفاوض، وفق ما تريد القيادة الإسرائيلية ، ليس الحالية فقط، بل وعبّر عن ذلك كل زعماء إسرائيل بمختلف ألوان طيفهم السياسي، فمن "بيرس" حمامة السلام إلى"ليبرمان وآفي إيتام" صقور اليمين الإسرائيلي.
وأنا على قناعة تامة أنه إذا ما استمر البعض في الساحة الفلسطينية، على تعنته ورفضه لكل المبادرات الداعية إلى رأب الصدع الفلسطيني ،وإعادة اللحمة والوحدة للبيت الداخلي الفلسطيني، وأستمر في المراهنة على الوعود الأمريكية والأوروبية الغربية ،فأن ذلك لن يقود إلا إلى المزيد من ضياع الحقوق الفلسطينية، بل لربما يصل الأمر حد تبديد كل المنجزات والمكتسبات التي حققها وعمدها شعبنا بشلالات الدم والتضحيات الجسام، وعلى الجميع أن يعي ويدرك ، أن الموقف الفلسطيني، يقوى ويتصلب من خلال الوحدة فقط، وبقدر توحدنا بقدر ما نحقق ما نصبو إليه من حقوق واهداف، وعدونا يلعب على وتر فرقتنا، ويستغل ذلك من أجل الاستمرار في تحقيق أهدافه على الأرض، وعندما نصحو يكون قاد فات القطار، ولم يتبقى لا أرض ولا قضية .

القدس – فلسطين

ليست هناك تعليقات: