الاثنين، ديسمبر 10، 2007

مخاطر العودة إلى غزة على ظهر الدبابة الإسرائيلية


عطا مناع
* بإمكانكم مشاهدة صورة الكاتب من خلال الشريط المعروض في أعلى الصفحة
الاجتياح الكبير لغزة كما تصفه أوساط سياسية وعسكرية إسرائيلية قادم لا محالة، وفي حال القضاء عسكريا على النظام الحمساوي في القطاع نكون قد دخلنا مرحلة جديدة من التفكك الفلسطيني، مرحلة قد تعصف بالنظام الفلسطيني ومحاولات البحث عن دولة فلسطينية مستقلة، سنشهد تطورات دراماتيكية متلاحقة تغير معالم البنية المجتمعية الفلسطينية وندخل في نفق من الصراع الغير محكوم بقواعد لان اللعب سيكون على المكشوف وستتسارع عملية الفرز المجتمعي ورادات الفعل الناتجة عن الانكشاف السياسي والتحالفات الفاضحة التي ستكون كتحصيل حاصل للحقبة الجديدة من المسار السياسي الفلسطيني.

الماكينة الإعلامية للاحتلال الإسرائيلي تقرع طبول الحرب على قطاع غزة ليل نهار، ودولة الاحتلال مجمعة على الاجتياح الكبير من حيث المبدأ رغم الاختلاف في التكتيك، والحديث عن قدرات حركة حماس العسكرية يتصاعد وهذا يذكرنا بسياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه النظام العراقي السابق والأكاذيب التي نسجتها وسائل الإعلام الغربية، والتي لعبت دورا رئيسا في تهيئة الرأي العام العالمي للضربة لاحتلال العراق، وبيدوا أن التاريخ يعيد نفسه في قطاع غزة وبنسخة مطابقة للسياسة الأمريكية تجاه العراق.

حركة حماس وفصائل المقاومة الأخرى لم تقرأ ما بين السطور، وأخذتها العزة وبدأت تتهدد وتتوعد وتطلق الشعارات المقاومة وتحذر الإسرائيليين من الإقدام على اجتياح غزة التي ستكون مقبرة للغزاة متناسية القواعد الجديدة للعبة ما بعد انابولس الذي أطلقت فيه رصاصة المباشرة في تصفية المقاومة في قطاع غزة بعد أن بدأت في الضفة نحت ما يسمى بالخطة الأمنية،وان الحرب التي ستشن على غزة لن تتم كما تتوقع لها حماس وفصائل المقاومة بمعنى لن تكون حرب شوارع وسيأخذ طيران الاحتلال زمام المبادرة، مما يعرض عشرات الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني للقتل على اعتبار أن دولة الاحتلال لا يوجد لديها خطوط حمراء في حربها الفاصلة مع حماس، وخاصة أنها ستكون مدعومة علنا من الدول الغربية وسرا من بعض الدول العربية وأوساط فلسطينية لها حسابات مؤجلة مع حركة حماس التي استولت على قطاع غزة بقوة السلاح واستأثرت بالسلطة وبكل مميزاتها.

قد تكون الفرصة لا زالت متاحة للفصائل المتقاتلة بان تبادر في الجلوس على الطاولة لإيجاد مخرج وطني للازمة بعيدا عن الحسابات الضيقة التي أصبحت بمثابة عقبات في طريق الحل، وهذا يفرض على أصحاب المشروع الوطني في منظمة التحرير الفلسطينية التحرك قيل فوات الأوان وقطع الطريق على الطابور الخامس الذي وجد من انقلاب غزة فرصة لتحقيق مصالحة التي تتساوق مع الأجندة الأمريكية والإسرائيلية، هذه الأجندة التي تخطط لإضعاف كافة الأطراف الوطنية على الساحة الفلسطينية وخلق حالة من الفراغ السياسي ليتسنى لزلم أمريكا لقيادة الدفة نحو الحلول التصوفية للقضية الفلسطينية والتفريط بالثوابت الوطنية وخاصة أن رياح انابولس تعصف بالمنطقة التي تفتقر للممانعة وبالتحديد في ظل الدعوات الغير خجولة للتطبيع الجماعي مع دولة الاحتلال التي اخترقت الدبلوماسية العربية وأصبحت تضع الشروط الوقحة الغير قابلة للنقاش على النظام العربي الرسمي الذي شطب من قاموسه السياسي كلمة لا.
إن المشهد الفلسطيني بدأ يخرج عن إطار الصراع على الشرعية والأخطاء التي ارتكبها كل طرف، وأصبح شعار المقاومة ثانويا، لان الشعب الفلسطيني مهدد بالتصفية السياسية والجسدية، فالحرب على غزة لن تكون مثل مل سمي بعملية السور الواقي على الضفة الغربية ، وقطاع غزة بمخيماته لن يكون مثل مخيم جنين الذي صمد في وجه الآلة الاحتلالية رغم الإمكانيات التسليحية الكبيرة لدى فصائل المقاومة في القطاع، لذلك فان الشعار الأكثر إلحاحية وحاجة بالنسبة للفلسطينيين هو القفز عشر خطوات إلى الأمام وحرق مراحل الخلاف الداخلي لتفادي ما يمكن أن ينتج عن الحرب على غزة،وإلا فلتتحمل قيادة الشعب الفلسطيني تبعات هذه الحرب من الناحية الموضوعية سواء على الصعيد السياسي حيث سيدفن انابولس تحت ركام غزة لان إسرائيل ستصبح المحرك الرئيس للواقع الداخلي الفلسطيني، ناهيك عن بروز قوى أكثر راديكالية تفتقر إلى الايدولوجيا الواضحة وتتخذ من العمليات الانتقامية نهجا لها. من يعتقد أنة سيحقق انتصارا بالعودة إلى قطاع غزة على الدبابة الإسرائيلية فهو واهم، لان جماهير غزة ستتعامل معه كعدو وهذا سينسحب على الضفة الغربية،لان ثقافة الشعب الفلسطيني تتناقض مع هذا التوجه الذي له رموزه على الساحة الفلسطينية والتي بدأت تنظر لمقولة أن حماس اخطر من الاحتلال،وهذا النهج يعطينا إشارة إن بعض الشرائح السياسية على الساحة تضع مصالحها فوق كل اعتبار وتتعامل مع الشعب الفلسطيني كجسر لمصالحها يمكن أن تدوس عليه ساعة شاءت، وخاصة في ظل اختلاط الحابل بالنابل وغياب البعد الوطني عن الممارسة الفلسطينية التي أصبح الشعار المضلل محركا لها.

ليست هناك تعليقات: