السبت، سبتمبر 19، 2009

ملکة العربية السعودية: عطاء عربي و إسلامي و دولي مستمر

السيد محمد علي الحسيني
تطل علينا في الثالث والعشرين من شهر أيلول، الذکرى التاسعة والسبعون للعيد الوطني السعودي، وهي مناسبة عزيزة على قلب کل عربي ومسلم أينما کان، ولاسيما وان للمملکة العربية السعودية دور مشهود على الاصعدة العربية والاسلامية وکانت وستبقى الحصن المنيع للدفاع والذود عن العروبة والاسلام، هذا الدور الذي أثبت بشکل عملي تواجده الفاعل على أرض الواقع وکان دائما وأبدا بمثابة العلاج الناجع والحاسم لأي أزمة أو معضلة ما في العالمين العربي والاسلامي.
ان إحتفائنا وتقديرنا لهذه الذکرى العزيزة على قلب وضمير أي انسان عربي واسلامي، يأتي اساسا من إقرارنا واعترافنا بما اضطلعت وتضطلع به هذه المملکة المبارکة التي أکرمها الباري عزوجل بأشرف الانبياء والرسل وخاتم الاديان، من مهام ومسؤوليات جسام في سبيل رفعة الاسلام والعروبة وان الحکمة والرصانة والعقلانية الفذة التي جسدتها على مختلف الاصعدة السياسية، قد أثبتت للعالم کله أهمية الدور المحوري والحيوي والحساس الذي لعبته وتلعبه المملکة العربية السعودية، وان الذي يمنح للدور السعودي أهمية قصوى وإستثنائية على الصعيدين العربي والاسلامي بشکل خاص، هو ترفعها عن الدخول طرفا في مختلف الخلافات المتباينة في العالمين العربي والاسلامي وانها کانت ومازالت وستبقى تلعب دور الاب العطوف والاخ الکبير للجميع وهي بذلك تتغاضى وفي سبيل مصلحة أعلى واسمى للأمتين العربية والاسلامية عن شتى التخرصات والتهم والتجاوزات التي تلصق بها ظلما وبهتانا وهي بذلك تکون مصداقا للآيتين الکريمتين؛(وادع الى سبيل ربك بالحکمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن)و(وعباد الرحمن الذين يمشون على الارض هونا واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما)، ذلك ان المملکة العربية السعودية وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده الامين سمو الامير سلطان بن عبدالعزيز، لطالما ترفعت عن الدخول طرفا في خلافات وأزمات مختلفة طرأت على المنطقة وکانت دوما تغض طرفها وسمعها عن تصريحات واقاويل إستفزازية وعدوانية وتمر بها مرور الکرام لابل انها ومن باب حرصها وإخلاصها لدورها التأريخي الکبير، کانت وعند حلول أية فرصة مناسبة تهيأ الفرصة للمسيئين کي يعودوا الى رشدهم ويتناسوا لحظات الانفعال والعصبية، ويجعلوا مصلحة أمن وسلامة واستقرار شعوب المنطقة فوق أية مصلحة أخرى.
وهنا، يجدر بنا التوقف مليا عند المبادرة المبارکة لجلالة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بخصوص الحوار بين الاديان والتي کانت بمثابة إثبات عملي وناصع لدور الاسلام البناء في عملية التواصل والحوار الحضاري وقد جائت أهميتها في وقت کانت المنابر الصهيونية والمعادية للاسلام تقوم بإستغلال أعمال الفئات الارهابية الضالة وتدعي کذبا وزورا ودجلا بأنها تمثل الدين الاسلامي، إذ أکدت هذه المبادرة القيمة بأن الاسلام دين يمتلك عمقا حضاريا وانسانيا ليس بامکان فئات ضالة ومضلة من تجاوزه والقفز عليه واننا في المجلس الاسلامي العربي ننظر الى هذه المبادرة على أنها نقطة تحول نوعية في الوعي الاسلامي جسدها خادم الحرمين الشريفين في خضم أحداث وأوضاع إقليمية ودولية بالغة التعقيد، وانها والحمدلله قد أدت دورها الحيوي وقامت بإيصال أکثر من رسالة الى کافة الاديان الاخرى بخصوص المحتوى الحضاري ـ الانساني للدين الاسلامي.
کما أن الدور الاستثنائي الذي لعبته المملکة العربية السعودية في مجال مکافحة الارهاب وإجتثاثه من الجذور، کان من الاهمية بحيث تمت الاشادة بها على أنها الافضل والاهم والاکبر نتيجة من تجارب کافة الدول الاخرى حتى ان الامر وصل الى حد ان اقوى الاجهزة الاجهزة الامنية وأقدمها خبرة باتت تسعى لکي تنهل من التجربة السعودية في مجال مکافحة الارهاب وهي بحق بمثابة مفخرة لکل مسلم وعربي أينما کان وتثبت للعالم کله بأننا کمسلمين نعاني أيضا من الارهاب الذي اساسا لادين له أو وطن وان العزم السعودي ماض قدما من أجل الوصول الى اليوم الذي نحتفل فيه بخلاص أمتنا العربية والاسلامية من دنس و شرور الارهاب والارهابيين.
وعند تصدينا للاوضاع العربية، نجد دوما ان المملکة العربية السعودية المبارکة کانت السباقة وصاحبة المبادرة واليد الطولى لرأب حالات الصدع والخلاف بين الاشقاء وکانت دوما صاحبة الفضل الاکبر في إعادة المياه الى مجاريها بينهم وان هناك العشرات من الامثلة والنماذج التي تجسد هذه الحقيقة، أما على الصعيد اللبناني، فإن دورها الکبير والمميز في مجالي إعادة السلام والاستقرار الى ربوع لبنان والشروع بعمليات ومشاريع إعادة البناء يشهد به الاعداء قبل الاصدقاء وان الشعب اللبناني برمته يقدر عاليا دعم وعون الاشقاء السعوديين و يعتبرها حجر الزاوية الاساسي في إعادة السلام والاستقرار للبنان وان اتفاقية الطائف بهذا الخصوص يمکن النظر إليها بأنها تعتبر أصدق دليل ميداني وحيوي على الدور البناء والاخوي للمملکة العربية السعودية وان الشعب اللبناني لن ينسى أيضا حجم الدور السعودي الکبير بعد حرب تموز عام 2006، من حيث إعادة إعمار المناطق التي طالتها اليد الصهيونية الآثمة والمساعدات الکريمة التي قدمتها المملکة المبارکة السخية في عطائها للشعب اللبناني من أجل مسح آثار العدوان الصهيوني الغاشم.
إننا في المجلس العربي الاسلامي في لبنان، إذ نقدر ونثمن الدور المعطاء للمملکة العربية السعودية في مختلف المجالات وعلى کافة الاصعدة، فإننا نعتبرها وبفخر بمثابة المرجعية الاسلامية لنا واننا نرجع إليها في مختلف الامور والاشکالات التي تقف أمامنا ونستلهم ونستنبط منها ومن روح خطها السياسي ـ الفکري و مبادئها الحکيمة رؤيتنا وتفسيراتنا لمختلف الازمات والمشاکل والاشکاليات ونغتنم الذکرى التاسعة والسبعين للعيد الوطني السعودي أن نتقدم بأسمى آيات التهنئة والتبريك لخادم الحرمين الشريفين جلالة الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده الامين سمو الامير سلطان بن عبدالعزيز متمنين لهم دوام الموفقية والسؤدد من أجل خدمة الامتين العربية والاسلامية داعين من العلي القدير أن يمن عليهما بفيض برکته ورحمه وان يحفظهما ومملکة العرب والاسلام والانسانية من کل مکروه آمين رب العالمين.

*الامين العام للمجلس الاسلامي العربي في لبنان.
alsayedalhusseini@hotmail.com

ليست هناك تعليقات: