الخميس، سبتمبر 17، 2009

خطوط الدفاع الأخيرة

رامي سليمان الدهشان
لا يغلبن الظن على أحد من العرب والمسلمين بأن الدول الغربية مجتمعة وعلى رأسهم الآمر بأمر الشيطان الولايات المتحدة الأمريكية,أن مصلحة الفلسطينيين في سلم الأولويات .

كذبا قالوا؛وفي مستهل حديثي أرغب بإرسال دعوة لكل الحريصين على فلسطين التاريخية , للتفكير مليا وبعمق سياسي وفهم دقيق لطبيعة الأحداث الدائرة على الساحة السياسية ومآلات تلك التحركات العلنية والسرية ,والتي أضنت جهد روادها.

وللعلم, فمن شدة صفاقتهم وجموحهم , جعلوا من قضايا الصراع شيئا لا مظنة في إعلانه .

بل تبجحوا وأعلنوا أن قضية المستوطنات وتهويد الأقصى وهدم منازل السكان الأصليين وحصار قطاع غزة واحتلال الضفة والجدار العازل وعرقلة المصالحة الفلسطينية والتدخلات الخارجية وغيرها...الخ , هي من قبيل إتمام إنشاء الدولة,ويتماها ذلك مع الطرد والتنكيل والتشريد للتصفية .

وما خفي كان أعظم ؛هو العمل على تصفية القضية الفلسطينية.

فالحراك السياسي الدائر وجولات ميتشل التجميلية بين الفينة والأخرى بموازاة الدعوة للتطبيع ,يبرهن بأن القاضية الأخيرة في طريقا للقضاء على القضية ,ومحوها من التاريخ ؛ فالأولي كانت النكبة وتلتها النكسة والأخيرة وأد القضية حية أمام ناظري العرب والمسلمين, لا قدر الله.

فاليوم يتم العمل على اختزال القضية برمتها وبما تحويه من ملفات تطال بالفعل قضايا الأمة , في الاستيطان وتعليقه ووقفه الاضطراري!! وتقديم التطبيع أولا أو بعد مراحل وقف البناء المؤقت.

وبتغافل شديد وتواطؤ لا سابق له , تمرر الملفات الصهيونية على طاولة الحوار الدولية والأطروحات الإقليمية ,بزعم حل قضايا الصراع؛وبامتثال عالمي مؤيد لآلية ليست في صالح الفلسطينيين!!فلا غرابة ,فعهد الرويبضات لم ينتهي .

ما بين السطور نقرأ ,أن الإسرائيليون ماضون في مخططهم ,ضاربين بالشعوب والأمم عرض الحائط وليس بقراراتهم فحسب ؛كما فعل بن غوريون أثناء مفاوضان لوزان التي جرت لتطبيق قرار 194 الخاص بعودة اللاجئين ,في وقتها كان التعدي الصارخ على ممتلكات الفلسطينيين وتدمير القرى واستقدام المهاجرين اليهود ضربة لتلك المفاوضات ؛ فمخطط الاستيطان يسير بوتيرة متسارعه لا سابق لها .

ويتضح جليا أن الغرب يعمل على دعمهم في ذاك الاتجاه ؛فقد نقلت الإذاعة العبرية عن مسئول مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي قوله إن التعقيب الأميركي على مسألة الاستيطان لم يكن شديد اللهجة، وإنما كان منضبطا واتسم بلهجة إيجابية،ويدل هذا على علم ودعم الولايات المتحدة , أيضا كما صرحت به صحيفة يديعوت أحرونوت .

والقوي الفاعلة في المنطقة ,ستجتمع لعقد لقاء قمة يجمع كلا من نتنياهوا ومحمود عباس بحضور الرئيس الأمريكي أوباما , ومن يهمه أمر الصهاينة ؛ ليقروا بخطة خارطة طريق جديدة تتمركز حول التطبيع للتمهيد لمحو فلسطين من الوجود ,تم الترتيب لها مسبقا.

وستطرح آلية مبتكرة لبدء مفاوضات التسوية على الواقع الراهن لجغرافية الأرض الجديدة والتمدد الطبيعي , مقابل وقف مؤقت لبناء المستوطنات التي صرفت الانتباه عن القصية برمتها , وتم اختزل القضية في جعبتها.

وبالنسبة للموقف الفلسطيني سيكون بعد 25/1/2010م ,موقفا مؤيدا لما تم الاتفاق عليه لعدة أسباب.

إحداهما أن عباس ومن لف لفيفه لا يرغبون بمصالحة مع حماس,والانتخابات القادمة ستعقد في الضفة الغربية لوحدها .

فقد قال المسئولون المصريون وعلى رأسهم عمر سليمان مدير المخابرات العامة, أنهم طلبوا عقد الانتخابات بعد إتمام المصالحة,أي أن النظام المصري يشير أنه قد فهم بأن المصالحة لن تتم , وسيتم التباطؤ في عقدها لحين موعد عقد الانتخابات التشريعية والرئاسية , حتى تسير في الضفة دون غزة , وذلك يجعل من الضفة مركزا وقاعدة شرعية من خلالها تسيطر فتح على القرار الفلسطيني بالسيطرة على المجلس والرئاسة ,مما يفسح المجال أم أبا مازن للاستمرار بمفاوضات التسوية بناءا على الطلب الإسرائيلي وهذا المنحى الآخر.

وكما صرح سلام فياض لصحيفة التايمز البريطانية قبل شهر تقريبا,أنه يسعي لسلام اقتصادي يسير على ثلاث محاور .الأول :بناء أجهزة أمنية قوية وقادرة ,والثاني : توفير الخدمات العامة , والثالث بناء اقتصاد قوي .

إذن كل ذلك يصب في مصلحة الكيان,الذي يعمل بجدية لتصفية القضية وتدمير خطوط الدفاع الأخيرة ,وتتمثل في المصالحة الفلسطينية ,والتطبيع العربي ,والكرامة العربية .

فالإدارة الأمريكية الجديدة الماكرة ,تلبس ثياب الواعظين ,والكونجرس الأمريكي الذي يسيطر عليه اللوبي الصهيوني ,لا يدعمون فقط إسرائيل بالمال والسلاح الذي وصل قبل عدة أسابع إلي الميناء الصهيونية بوصول مدرعة قادرة على صد الصواريخ التقليدية , وإنما تتقدم بموجه عالية تشبه تسونامي لإغراق العالم العربي والإسلامي ,وذلك في ظل غياب وعي عربي وموقف سياسي عربي موحد إزاء ما يجري ,فهم لا يفقهون إلا بالرفض والتنديد والإدانة , واحتلال فلسطين أكبر الأدلة .

فيا من يهمه الأمر ؛التنازلات عن فلسطين أصبحت علنية , والعمل على تصفية القضية بات مكشوفا للعيان , وما بحوزتنا من أوراق لنستقوي بها على أعداءنا تسلب كما سلبت أرضنا على مدار الحادي الستون عاما من النكبة, فإن بقيت الأنظمة العربية والشعوب على حالها ,وان بقيت التنظيمات الفلسطينية متشرذمة ومنقسمة والهوة بينها كبيرة , أيضا لن نجني إلا الهلاك , فلا أريد القول أن هبوا وانتفضوا ؛بل قوموا وافعلوا شيئا.

Ramy.political@hotmail.com
Ramy.political@yahoo.com

ليست هناك تعليقات: