الاثنين، سبتمبر 28، 2009

سيناريو الحرب على ايران وأثره على الحوار الوطني الفلسطيني

حسام الدجني

اقتربت ساعة الصفر, ولم يبقى لتنفيذ ما وعدت به اسرائيل ومن خلفها حلفائها في الغرب من توجيه ضربة عسكرية لايران ولمشروعها النووي, بل لمشروعها الاسلامي التوسعي من خلال تصدير الثورة الاسلامية سوى أيام او شهور قليلة, ولعل هناك العديد من الارهاصات والدلائل التي تدعم ما نقوله:

1- من أهم هذه الارهاصات محاولة اسقاط النظام الحاكم في ايران من خلال البوابة الديمقراطية, ولكن هذا الخيار فشل بفشل اصحابه في الانتخابات, فقام الاصلاحيون بثورتهم العارمة في شوارع طهران من اجل اضعاف واستنزاف طاقات الجيش والشعب والاقتصاد الايراني ولكن لن تقتصر ثورة الاصلاحيين على الاحتجاج على نتائج الانتخابات, بل تعدت ذلك حتى نستطيع ان نقول انها تندرج ضمن استراتيجية الفوضى الخلاقة بهدف اضعاف ايران من الداخل, واستغلال الغرب لهذا الضعف وتوجيه الضربة القاضية للنظام الايراني, واعادة عهد الشاه ولكن برائحة وبطعم اصلاحي يقوده بعض القادة الاصلاحيين امثال مير حسين موسوي.
2- يعتبر القرار المفاجئ للولايات المتحدة الامريكية بما يتعلق بالدرع الصاروخي في اوروبا الشرقية (بولندا وتشيك) هو هدية الرئيس اوباما للرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف, ولكن ثمن هذه الخطوة سيكون تخلي موسكو عن ايران في حال تم توجيه ضربة عسكرية لطهران, ايضا هناك العديد من المصالح التكتيكية والاستراتيجية تقف خلف الخطوة الامريكية.
3- تمثل التحركات العسكرية في المنطقة أحد اهم المؤشرات التي تدعم خيار الضربة العسكرية لطهران, فوصول الاسطول الامريكي لسواحل اسرائيل, وكذلك تحرك الغواصات الاسرائيلية قبل اسابيع عبر قناة السويس الى البحر الاحمر, وكذلك سباق التسلح في المنطقة وآخر هذا السباق ما قامت به طهران هذا الصباح من تجربة ناجحة لصاروخ شهاب3.
4- الضغط من قبل دول الاعتدال على الجاليات الشيعية في دولهم يعزز تخوف هذه الدول من اقتراب الضربة العسكرية لايران, بل تعدى هذا الضغط من بعض الدول الى ممارسة الضغوط على الجاليات التي تنحدر من دول او اقاليم حليفة لطهران.
5- الحاح اسرائيل المستمر على العالم من اجل ممارسة الضغط على الدول العربية للسماح لاسرائيل باستخدام المجال الجوي العربي, وقد افادت بعض التسريبات الاعلامية والتي لا نعرف مدى مصداقيتها بموافقة السعودية لاسرائيل من استخدام المجال الجوي السعودي لضرب طهران.
6- دعم الغرب للماكينات الاعلامية والاقلام المأجورة العربية منها والدولية من اجل التركيز على خطورة المذهب الشيعي على السنة, وعلى الرغم من توافقي مع هذا الطرح الا ان المغذى منه يندرج ضمن التساوق مع المشاريع الاسرائيلية والامريكية, وذلك لان من يحمل هذا الخطاب هو أصلا بعيد كل البعد عن المذهب السني, من خلال تبنيه فلسفات وافكار علمانية او يسارية او غير ذلك.
7- ما سبق لا يلغي سيناريو الصفقة الشاملة مع طهران, لان الغرب عودنا ضمن استراتيجيته في الشرق الاوسط من التلويح بالعصا ثم الانتقال الى التلويح بالجزرة.

نتمنى على العالم العربي والاسلامي فهم خطورة توجيه ضربة عسكرية على طهران, انطلاقا من ان ذلك سيهدد المنطقة برمتها وستنجح اسرائيل من ادارة معركتها انطلاقاً من أرض الخصم, وهذا الخصم لن يكون ايران لوحدها بل سيتعدى ذلك ليصل الى كل الوطن العربي بل كل الشرق الاوسط وستتسيد اسرائيل المنطقة, وستنفذ مشروعها التوسعي "الشرق الاوسط الجديد" على حساب المصالح العربية والاسلامية.
من المقرر ان ينطلق الحوار الوطني الفلسطيني خلال الايام المقبلة, حيث توجه وفد رفيع المستوى من حركة حماس الى القاهرة لتسليم ردها على الورقة المصرية, وفي حال اتخذت اسرائيل ومن خلفها الولايات المتحدة وحلفائها قراراً بضرب ايران, سيلقي ذلك بتداعياته على الحوار الوطني, وانا اعتقد ان التداعيات السلبية اكبر من التداعيات الايجابية, فقد ترى بعض الفصائل المتحاورة ومن خلفها حلفائها في المنطقة, ان هزيمة ايران قد تقضي على محور الممانعة وعلى مشروع المقاومة كون الاخيرة هي الراعي الحصري لهذا المشروع, ولهذا ترغب هذه القوى من افشال الحوار الوطني وابقاء الوضع على ما هو عليه, ومراقبة الضربة العسكرية على ايران عن بعد, حيث يعتقد هذا الفريق ان هزيمة ايران ستسقط غزة ومن يحكمها (حماس), دون حوار او تنازلات لحماس, ولكن قد تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن, وهنا على جميع المتحاوريين ان يتعاملوا مع الامور بعيداً عن الغيبيات, وان يعطوا القاهرة فرصة النجاح, وان يبعدوا القضية الفلسطينية عن شبح الحروب العالمية, لاننا اصحاب قضية, وابناء حركات تحرر وطنية, وعلى حركة حماس ايضا قراءة الخارطة الدولية والاقليمية بعد ضرب ايران والتعامل مع هذا الملف ضمن المصالح الفلسطينية, وما يخدم الاهداف الاستراتيجية للحركة.
نتمنى على الاشقاء المصريين ان يكثفوا جهودهم في انجاح المصالحة الوطنية ورفع الظلم الاسرائيلي عن قطاع غزة, من خلال مبادرات مصرية بفتح معبر رفح والضغط على اسرائيل بفتح معابرها والبدء في ملف اعمار غزة,واعادة الوحدة الوطنية لشطري الوطن.
كاتب وباحث فلسطيني
Hossam555@hotmail.com

ليست هناك تعليقات: