الأربعاء، سبتمبر 30، 2009

نعم د. يوسف زيدان.. لم يحكم مصر قبطي (مسيحي)..ولكن..

أنطوني ولسن

قرأت على موقع «المصري اليوم» بتاريخ 23/9/2009 في باب «مساحة رأي» مقالاً بعنوان «اسرار الخلاف وأهوال الاختلاف، تحصيل الفلوس بالجزية او المكوس» بقلم الدكتور زيدان.

صال الدكتور يوسف زيدان وجال راكبا فرسا يسمي «اللغة العربية» التي يجيد ركوبها واستخدامها لما يوافق رغباته واهوائه. وطبيعي رغباته واهوائه تنصب في توصيل رسالة الى أقباط مصر (المسيحيون) في الداخل (مصر) وفي الخارج (خارج مصر). والرسالة واضحة على الرغم من الفذلكات ومحاولة الظهور بالانسان المتسامح الراغب في نصح الاقباط ان لا يأخذوا معاني كلمات مثل كلمة «ذمي» و»الجزية» بما قد يوحي به المعنى المنطوق. وتهكم دون ان تنفرج شفتاه ولو بابتسامة خفيفة تظهر تهكمه، بل استخدم اللغة العربية العباءة الفضفاضة والغنية بكل ما تريد ان تستخدمه لخدمة اغراضك والوصول الى مرادك.

اول ما أريد القاريء ان يعرف هو ما كتبه سيادته عن احد كبار رجال الدين المسيحي.. فيقول سيادته: قد نشرت الصحف مؤخراً كلاما عجيباً لواحد من كبار رجال الدين القبطي.. يقول ان كنيسته تؤيد توريث الحكم في مصر لان جمال مبارك شخص لطيف وحسني مبارك رجل طيب لا يطالب الاقباط بسداد الجزية.

وتستطيع ان تشعر بالتهكم وانت تقرأ هذا الكلام ولحسن الحظ وجدت على موقع «الاقباط متحدون» مقالا بقلم الاستاذ لطيف شاكر بعنوان: يوسف زيدان واسرار الخلاف في معنى الجزية والذمة. وقد نشر بتاريخ 27/9/2009.

وما يخصني من مقال سيادته الدسم جدا والموضح لاشياء كثيرة قد تكون غافلة عن كثيرين من المسيحيين والمسلمين على حد سواء، مما جعل الدكتور يوسف زيدان يتصل به و يناقشه فيما كتب ،فيستمهله الأستاذ شاكر حتى يتم نشر المقال التالي له (هذا ما اوضحه الاستاذ شاكر ضمن الردود على التعليقات).

اقول ان ما يخصني هو توضيحه من هو رجل الدين الذي قال عنه د. زيدان «.. لو احد من كبار رجال الدين القبطي"... فقد كتب الاستاذ لطيف شاكر واوضح من القائل لهذا الكلام مشيراً الى انه قداسة البابا المعظم الانبا شنوده الثالث (اطال الله لنا في عمره ومده بالصحة والعافية).. وانقل لكم الشق الثاني الخاص بقداسته كما اوضحه الكاتب:

اما الشق الثاني فأنت تعلم «موجها كلامه لزيدان» ان قداسة البابا يملك من المواهب كماً كبيراً جدا وكلامه يحمل في طياته معنى معينا وهو رفضه لحكم الاخوان المسلمين الذين يطالبون الاقباط بالجزية ورجوع الذمية لاننا خونة و.. و.. الخ.

انتقل الى جزء آخر من مقال د. زيدان الخاص بالذمية والجزية لانه اخذ يلف ويدور كفارس مغاور شاهرا سيفه «اقصد قلمه» راكباً اللغة العربية «الفرس العربي الأصيل» ناسيا أهم تشريع وضعه ثاني الخلفاء الراشدين. في القرن الاول الهجري.. الخليفة عمر بن الخطاب وشروطه التي عرفت باسم الشروط العُمرَّية. وكنت قد كتبت مقالاً يحمل عنوانا باسم الشروط العُمّرية.. لمن لا يعرفها ونشر بجريدة «المستقبل» اللبنانية التي تصدر في سيدني بتاريخ 26/5/2007 وعلى موقع «المصري» بتاريخ 2/6/2006 وانقل لكم الجزء الخاص بالشروط العُمِرية كما كتبتها في المقال..

الشروط الٌعُمِرية: قال الامام ابن القيم رحمه الله في احكام أهل الذمة: (ذكر سوفيان الثوري عن مسروق عن عبد الرحمن بن غنم قال: كنت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه حين صالح نصارى الشام وشرط عليهم: ألا يُحدثوا في مدينتهم ولا في ما حولها ديرا ولا كنيسة ولا قلاية ولا صومعة راهب، ولا يمنعوا كنائسهم ان ينزلها احد من المسلمين ثلاث ليال، يطعمونهم، ولا يؤوا جاسوساً، ولا يكفوا غشا للمسلمين، ولا يعلموا اولادهم القرآن، ولا يظهروا شركا ولا يمنعوا ذوي قرابتهم من الاسلام ان ارادوا الجلوس، ولا يتشبهوا بالمسلمين في شيء من لباسهم، ولا يكتنوا بكتناهم، ولا يركبوا سرجا، ولا يتقلدوا سيفا، ولا يبيعوا الخمور، وان يجزّوا مقادم رؤوسهم، وان يلزموا زيهم حيث ما كانوا وان يشدوا الزنانير على اوساطهم، ولا يظهروا صليباً ولا شيئاً من كتبهم في شيء من حضرة المسلمين، ولا يخرجوا شعّانين، ولا يرفعوا اصواتهم مع موتاهم، ولا يظهروا النيران معهم، ولا يشتروا من الرقيق ما جرت فيه سهام المسلمين. فان خالفوا شيئاً مما شرطوه، فلا ذمة لهم، وقد حل للمسلمين منهم ما يحل من اهل المعاندة والشقاق).

والتوقيع: ابو عكرمة الوهابي/ قائد معركة بهما العياط ضد النصارى الكفار. وقد ارسل هذا الكلام الى كل من موقع: www.elmassry.com وموقع: www.copts.com//arabic ردا على مقال نشرته قبل هذاالمقال باسبوعين يحمل عنوان (قضايا الردة في مصر).

اكتفي بهذا الجزء من المقال واقدمه للدكتور يوسف زيدان الذي لا شك يعرف الكثير والكثير جدا عن معاملة المسلمين لغير المسلمين في بلاد المسلمين. بل لقد زاد عليه الآن بتطبيقه على اهل البلاد التي يتواجد بها المسلمون إن لم... اترك لكم التكملة.

وما رأي سيادتكم في الآية الكريمة التي تقول «قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون بدين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون».

وما رأيكم يا دكتور زيدان يا صعيدي إن الجزية ما زال يدفعها رجال الاعمال واغنياء الصعيد من المسيحيين ليس للدولة، ولكن لمن نصبوا أنفسهم جباة حق الله من الكفار.. وأسأل وكن اميناً مع ضميرك ونفسك ليوم الحساب.. ان كنت تؤمن بيوم يقدم فيه كل انسان حسابا عن ما فعله على الأرض. أقول وأسأل .. هل الجزية كما حاولت ان توضح معناها انها مثل الضرائب الأن مثلا ؟ أم هى أتاوه وفرض اجبارى على غير المسلم للمسلمين كما جاء في الشروط العُمرية ( الأسلام أو الجزية أو القتال ) ..؟؟!!..

وأتي الى هذا الجزء من مقالكم.. والذي فيه تقول:

لم يكن الاقباط حين جاء عمرو بن العاص فاتحا (غازيا) يحكمون مصر، كي يقال انه أخذها منهم او احتلها من أصحابها الاصليين، فالذي يملك مصر هو الامبراطور هرقل، وقبله بسنوات الفرس (البابليون) وقبلهم بسنوات نيقتاس.. وهؤلاء جميعاً ليسوا مصريين اصلا، ولا أقباطا اصلا.

خرافة (اصحاب البلد) هي محض خرافة وتوجيه للاكاذيب والا قليقل اسما واحدا لحاكم قبطي واحد تولى حكم هذا البلد.

لا فض فوك يا دكتور يوسف زيدان.. اصحاب البلد خرافة.. لم يحكم مصر قبطياً واحداً.. قمة الحب لمصر التي اصبحت في رأيك لا ابناء لها.. فقد اندثروا وماتوا ولا اثر لهم الآن.. او تريد بقولك التنبوء بما سيحدث للأقباط من إبادة عن بكرة ابيهم.. وهذا هو حلمكم الكبير.. ولهذا تخططون وتعملون وتطبقون الشروط العُمرّية بحذافيرها حتى تتم ابادتهم او تطهير البلاد منهم لتصبح مصر مركز الخلافة الاسلامية بعد عودة الروح لتلك الخلافة التي كانت وباء على العالم وسبب تخلف لشعبها.. واصارحك القول من يمت بمرض الجهل لا يمكن اعادة الحياة له.. لأن العالم لا مكان لديه للجهلاء حتى لو حملوا القابا علمية يا دكتور يوسف زيدان. وتذكرت "حكاية" قيلت ان شيخاً مسلماً ركب قطار (88) الديزل متجها إلى احدى المدن بالصعيد. ركبت امرأة مسيحية تضع حول عنقها سلسلة ذهبية يتدلى منها «صليب»، نظر الشيخ الى السيدة وسألها عن أعظم معجزة قام بها (سيدنا عيسى ابن مريم) فكان ردها ان معجزاته كثيرة وكلها لها اهميتها. صمت الشيخ برهة ثم قال لها.. ان اكبر معجزة قام بها (سيدنا عيسى ابن مريم عليه السلام) هو بقاءكم حتى الآن في مصر. وعصر المعجزات لم ينتهي كما يظن الجهلاء.

اما عن أن الأقباط حين جاء عمرو بن العاص لم يحكموا مصر.. فقد صدقت القول,, نعم د. يوسف زيدان لم يحكم مصر قبطي (مسيحي) منذ آخر فرعون، والذي في عهده دخل الاسكندر الأكبر مصر واعلن نفسه ابنا للآلهة المصرية.. فسلمه الكهنة مفتاح النيل.. ترك البلاد لقائده بطليموس الاول الذي لم يأمر لا بإبادة المصريين ولا بإذلالهم بشروط عُمرية. بل قام باحياء الأمل فيهم وكانت أغنى حقبة تاريخية بعد الفراعنة ازدهرت فيها الفلسفة والعلوم واغنت مكتبة الاسكندرية (التي حرقها) كما اظن انك تعلم.. البدو الجهلاء واستخدموا كتبها النفيسة وقودا لتسخين مياه الحمامات بالاسكندرية لمدة 6 أشهر.. لازالة الجلخ من على ابدانهم. ولا اظن ان حدث مثل هذا يمكن اخفائه ، أو تكذيبه او انكاره . فقدعاش المصريون مع الإغريق في تناغم دون تنازلات. وان لم يتولى الحكم مصري.. فقد تشرف حكامهم بانتمائهم لمصر واصبحوا ملوك مصر يفتخرون بمصر ويتشرفون بانتمائهم لها وعملوا على ايجاد لغة واحدة عرفت باللغة القبطية.. ولم يجبر مصري على التحدث بلغة المحتل وإلا يقطع لسانه. وطبعاً سيادتكم تعرفون ان آخر ملوك تلك الحقبة كانت الملكة كليوباترا الشهيرة.

بعد الاغريق جاء الرومان. وتكونت الامبراطورية الرومانية وحكمت البلاد بالحديد والنار مما دفع المصريين الى تفضيل العيش في الجبال وعدم زراعة القمح للمحتل.

بعدها ظهر الاسلام وبدأ يفرض نفسه كدين ودولة.. نظر نفر من الاقباط ضرورة الاستعانة بالمسلمين لانقاذهم من الرومان. وبقية القصة معروفة.. واكرر.. نعم د. يوسف زيدان لم يحكم مصر قبطي (مسيحي). ولكن الا ترى انك أساءت الى الحكام المصريين، على الأقل منذ قيام ما سمي زورا وبهتانا بالثورة!!.. هل تريد ان تقول لنا ان الزعيم عبد الناصر مشكوك في مصريته.. اي انه ليس قبطيا مسلما.. اي مصري ديانته.. مسلم.. وان كنت شخصيا اشك فى مصريته او حتى عروبته لقد اعطى اسرائيل ما لم يعطه لها داود او سليمان ، وقام بحذف اسم مصر، فردت عايه مصر بما يستحقه فى مدفنه !!!.. وكذلك الرئيس السادات الذي كان يفتخر بانه آخر الفراعنة العظام.. على الرغم انه قال انه رئيس مسلم لدولة مسلمة.. فهل كان يقصد بالدولة المسلمة انها دولة غير مصرية فأضاف الى اسم مصر كلمة عربية؟!!.. كان لي حديث مع سيادة السفير قنصل عام مصر في سدنى حول هذه التسمية . سألته من يشرف من .. هل العرب يشرفون مصر ، أم مصر تشرف العرب ؟!!.. فكان رده دون تردد أومهلة للرد الدبلوماسي ، أن قال طبعا مصر هي التى تشرف العرب . فعدت وسألته ، اذن لماذا نصر على ابقاء اسم " جمهورية مصر العربية " . فسألنى وماذا تريد أن نسميها ؟ . فقلت له " الجمهورية المصرية المتحدة " . فعاد وسألنى .. ولماذا كلمة متحدة ؟. فأجبته دليلا على وحدة ابناء مصر . وجاء رده عفويا ايضا فقال شعب مصر شعب واحد متعدد الديانات ، وصعب التميز بين ابناء مصر ، لا في الشكل ولا في العادات والتقاليد . فقلت اذن نطلق عليها " الجمهورية المصرية " . فوافق سيادته دون تردد . ولعلم القارىْ الرجل مسلم ويحمل لقب دكتور ، فهو حاصل على الدكتوراه فى القانون ، ولم يكن ذلك الحوار ضمن لقاء اجريته معه . بل دار بيننا في حفل للجالية المصرية فى سدنى .

والرئيس مبارك اليس هو مصري قبطي مسلم؟!!.. أم انك تشكك في مصريته ، وتتهكم على من يوافق على توريث الحكم لابنه جمال ؟!!. نريد أن نعرف صريح رأيك يا دكتور ..

لقد احتار العقل معكم.. ولا اعرف لماذا هذا الكره للآخر الذي بدأ مجرد بدأ في البحث عن حقوقه الضائعة منذ قرون وقرون، فتريدون وئد محاولاته بالترهيب والتخويف والتشكيك؟!!

اتمنى عليك يا دكتور يوسف زيدان ان لا تؤجج نار الفتنة بين ابناء وطن واحد عزيز على قلوبهم جميعا.. وطن اسمه مصر

هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

اهذا هوعمر الخطاب الذي يتبجح المسلمون بعدله? ارى ان اكثر الطغاة في التاريخ كانوا اشرف واعدل واصفى منه فمن كان يضمر العداوة لبني دينه من الشيعة فهل يكون رحيما باتباع الاديان الاخرى ..اتفق مع العلويين في ما يقولونه بحقه وحق ابو بكر وعثمان وخالد هؤلاء الغزاة السفاحون

غير معرف يقول...

أعتقد جازماً أن منطلق الكاتب هو تعلقه بأبناء دينه وحبه لهم. وفي هذا يستشهدُ بما يستشهد من أقوال منسوبة أو غير منسوبة إلى الفاروق العادل الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه. لكن من يتملق حباً بأحد، لا يحق له أبداً أن يصبَّ حقده اللئيم الحاقد المسموم على أعظم دين وأعظم أمة وأعدل حاكم بأمر الله. ألا قتلك أيها المغرور حقدك على الله تعالى وعلى دينه القويم، دين الإسلام الذي نادى بالسلام. فمن قال لك أيها الأنطوني ويا من تؤيده أن البدو الذين فتحوا مصر هم جهلة؟ فإذا كانوا حقاً جهلة وحكموا الدنيا وأقاموا الشرائع والعلوم وليس الظلم والظلام يا من يعشش الظلام في عقولكم، فكيف بالمتنورين حين يحكمون؟ لا تخافوا أيها الجهلاء في عالم الحقد والكراهية، فالإسلام لا يظلم أحداً، لأنه يعطي لكل ذي حق حقه. هذا ما يشهد به التاريخ. وهذا ما يقوله الله سبحانه وتعالى. فإن كان حقك كق، فستأخذه مهما كان هذا الحق، كبيراً كان أم صغيرا.

أما إذا كان الحاكم عبداً لأهوائه ورغباته ويتحكم في العباد والبلاد، فهذا لا يعني أبداً أن الدين يأمره بذلك. بل إنه يستخدم الدين حسب رغباته ومصالحه، وبهذا يكون عدواً للدين وليس عاملا باسمه. اعمل الحقيقة وانشرها، أو فليخرس الذين ينشرون الطراهية والحقد الأعمى، محتمين بالديمقراطية ويستغلونها. وهذا لا يعني أبداً أننا ضد الرأي الآخر، إنما ضد سوء استخدام حرية الرأي واستغلاله لبث سموم الحقد والكراهية كما هو منبعث من فحوى المقال ومعنى التعليق الأول عليه.