الثلاثاء، سبتمبر 29، 2009

اضراب الجماهير العربية في ذكرى انتفاضة الأقصى

نبيل عودة

انجاح الإضراب هام ، وفشله سينعكس سلبا على مستقبل نضالنا

الإضراب العام الذي دعت الية لجنة المتابعة العربية العليا ، بمناسبة ذكرى انتقاضة القدس والأقصى ، جاء مفاجئا لمعظم متابعي السياسة العربية في اسرائيل.
صحيح أن الإضراب هو أداة نضالية هامة ، ويشكل قرار الاضراب خطوة استراتيجية حاسمة في نضال شعبنا.
اولا ما اريد توضيحه ان مجرد اتخاذ قرار الاضراب ، وبغض النظر عن صواب أو خطأ هذا القرار ، يلزمنا جميعا بأن نتجند لإنجاحه .
ان فشل الإضراب سينعكس سلبا على مجمل نضالنا المستقبلي بمواجهة نظام الحكم العنصري في اسرائيل .
والان لعمق الموضوع...
كما قلت لست ضد فكر الاضراب ، كأداة نضالية لتحقيق المطالب الوطنية والاجتماعية ومطلب المساواة بشكل عام ، وكاداة نضالية احتجاجية نوجه بها صفعة مدوية للسياسة المعادية لمجرد وجودنا ولغتنا وهويتنا وحقنا في الحياة الحرة الكريمة فوق أرض وطننا.
لا يمكن اتخاذ قرار الاضراب لأن زعيما ما ، يريد ان ينفرد بهذا القرار ويسجل نقاطا ايجابية لنفسه. ويبدو واضحا ان هذا ما كان وراء قرار الاضراب .
قرار الاضراب هو موضوع بالغ الأهمية ويحتاج الى دراسة شاملة للواقع العربي في اسرائيل ، الذي يظن زعماء الأحزاب انهم باتوا خبراء به ، وأكاد أجزم انهم لا يعرفون ما يجري من تطورات سلبية داخل مجتمعاتهم ، ولا يتابعون المعارك التي تفتتح ، لدرجة ان اعلان شخصي للإضراب تحول الى قرار جماعي بدون ان تُفحص الجاهزية الجماهيرية للإضراب والاستعداد لمواصلة المعركة بعد الاضراب . هل نحن في موسم المزايدات ؟

بمثل هذا المستوى الفكري والنضالي ، أشعر بالخوف من الفشل، وسيكون النجاح النسبي انجازا كبيرا.
ما هو الواقع الذي نعيشه ؟
تبين لي من فحص الجاهزية للإضراب في شارع رئيسي ، مليء بالمحلات التجارية ، حيث أسكن أيضا ، ان نصف أصحاب المحلات لم يسمعوا عن الاضراب، وأن النصف سمعوا ولا يعرفون ما هي دوافع الإضراب ، او يربطونه بالأحداث الأخيرة من الاعتداء على الأقصى .. وتفاجأت ان لا أحد يعرف الدافع الحقيقي للإضراب؟؟
حتى لو التزم أصحاب المحلات المذكورين بالإضراب.. نتيجة الجو العام السائد ، والخجل من فتح الحانوت حين يقفل الجار ، لأن هذا هو الجو السائد مع الأسف الشديد. هل يظن قادتنا انهم بذلك الجوالشعبي السلبي ، أنجزوا مكسبا سياسيا حقيقيا ، ام مكسب هلامي لا تغطية جماهيرية حقيقية له ؟!
اذا كان هدف الاضراب مجرد تعطيل مصالح التجار والعمال .. فهو قرار فوقي . عندما أضرب يجب ان أكون معبئا سياسيا ووطنيا . يجب ان أكون على قناعة اني مستعد لدفع أي ثمن يفرضه علي انجاح الاضراب. وهذا بعيد تماما عن قناعات المواطنين اليوم .
لو قارنا الأجواء السائدة عشية هذا الإضراب بما كان سائدا عشية اضراب يوم الأرض الأول مثلا ، او يوم اضراب الاحتجاج على جريمة السفاح غولدشتاين في الحرم الابراهيمي في الخليل او غيرها من ايامنا النضالية ، لتبين ان القيادات السياسية لم تفعل شيئا لايصال الجماهير الى الاقتناع ان الاضراب صار حدا فاصلا يفرض نفسه ، وان اتخاذ قرار الاضراب هو بمثابة تلبية للوضع الثوري في الشارع.
لا أقول ان واقعنا مع هذه الحكومة الأكثر عنصرية في تاريخ اسرائيل وسابقاتها كانت عسلا ، بل علقما مرا . هناك أدوات نضالية متنوعة ، والاضراب هو أكثرها حدة، ويمكن وصفه انه بمثابة السلاح "النووي " الذي لا نستعمله الا في الحالات القصوى.
هل هذا هو الحال اليوم ؟
الم تسبب اضراباتنا العشوائية السابقة ، ضربة لمجتمعاتنا ولاقتصادنا ؟ الم نتعلم ان لا نقرر الإضراب الا في حالة الجاهزية الجماهيرية الكاملة ؟
هل نريد ان نحطم كل محاولاتنا خلال العقد الأخير ، لإعادة اليهود الى التعامل مع بلداتنا ، الى حالته الطبيعية ؟ هل لنا مصادر دخل بديلة ؟ ربما يعوضنا قادتنا عن هروب المتسوق اليهودي ؟ لا أعرف هل أعدوا خططا بديلة ، مثلا استيراد متسوقين من اوروبا؟!
نعم قرار الإضراب يحمل حساسية ويفرض التفكير العقلاني بكل النتائج ، وليس فقط بنجاح اغلاق المحلات .. انما بنتائج الإضراب وانعكاسها على واقعنا السياسي والاجتماعي والاقتصادي.
الا ف الشباب العرب تائهين في مقاهي الأرجيلة .. ونحن في جيلهم كنا ننتقل من ندوة الى محاضرة ، من نادي الى نشاط سياسي ، من مهرجان شعري الى دورة تعليمية تشمل الفلسفة والاقتصاد والفكر السياسي والثقافة العربية والفلسطينية .
ماذا أعددتم للشباب غير الشعارات التي مللناها ؟ كيف ستنقذوهم من الضياع ، وتطرحوا امامهم بدائل أخرى؟ لماذا تفكرون في الاضراب مع كل اهميته ولا تخططون لتغيير واقع الضياع لآلاف الشباب ؟!
رؤيتي متشائمة باننا نتهاوى.. والجاهزية النضالية التي كانت تملأنا للمعارك اختفت ..وأجزم ان قرار الإضراب اتخذ في اطار المنافسة الشخصانية بين قيادات لم تعد تملك رصيدا بين المواطنين.
لا أشعر بجو شعبي حماسي . لا أشعر بمستوى وعي سياسي يجعل الشارع يشتعل شوقا واصرارا ليوم الاضراب.
ان عواقب فشل الاضراب ستكون بالغة الخطورة على مستقبلنا. صحيح ان عدسات الاعلام لن تصور الواقع الفكري، انما صور الشارع ، ومدى اغلاق المحلات . وهذا يجب ضمانه كأضعف الايمان.
وهو من حسن حظكم أيضا..!!

نبيل عودة – كاتب وناقد واعلامي – الناصرة
nabiloudeh@gmail.com

ليست هناك تعليقات: