الجمعة، أغسطس 07، 2009

فخامة الرئيس: اين أصبح صدر الدولة؟

الياس بجاني

بتاريخ 6 آب من الجاري/2009/نشرت الوكالة الوطنية للإعلام، التابعة لوزارة الإعلام في الجمهورية اللبنانية على موقعها الألكتروني الخبر التالي:

"(الصليب الأحمر تسلم جثة عميل من داخل الأراضي الفلسطينية: تسلم الصليب الأحمر الدولي من داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة وعبر بوابة الناقورة الحدودية، جثة العميل الياس جوزف عجيل (52 عاما) الذي توفي في إحدى مستشفيات الأراضي الفلسطينية المحتلة بعدما كان دخلها عام 2000 ابان اندحار الجيش الإسرائيلي من الجنوب. وقد سلمت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الجثة إلى ذوي عجيل في نيحا الشوف.)"

ما هو مقزز ومحزن ومستنكر في طريقة نشر الخبر هي اللغة الهمجية والمعيبة والتحريضية والخشبية المستعملة في نعت المتوفي، وهي دون أدنى شك مستعارة من قاموس حزب الله الجهادي والإلهي طبقاً لمعايير ملالي إيران لأطر الوطنية والخيانة، والعمالة والولاء، والتدين والكفر.

إن طريقة صياغة الخبر فيها كم كبير من التحقير الأخلاقي والديني والقيمي والإنساني، وهي تعد سافر على حرمة الموت وانتهاكاً صارخاً لكرامة المتوفي وتحريضاً على أهله وعائلته وبلدته. كما أنها تخالف القوانين اللبنانية المرعية الشأن وشرعة حقوق الإنسان وكل الشرائع القانونية والدينية التي تقول بإن المتهم بريء حتى تثبت إدانته.

فلو أن موقع المنار التابع لحزب الله، أو مواقع تنظيم القاعدة ومتفرعاتها الجهادية والتكفيرية هم من نشر الخبر في هكذا صياغة مهينة واستفزازية لكان الأمر مفهوماً على خلفية أدبيات ومفاهيم وأصوليات هذه التنظيمات الإرهابية المتخصصة في تكفير الآخرين وتخوينهم، أما أن يكون الناشر موقع الوكالة الوطنية للإعلام، التابعة لوزارة الإعلام في الجمهورية اللبنانية فإن الأمر يطرح الكثير من التساؤلات.

ترى هل وصل حال الدولة اللبنانية إلى هذا الدرك الانبطاحي والتبعي والاستسلامي واللاقانوني حتى بات إعلامها الرسمي يتبنى خطاب ومعايير حزب الله الفجة والأصولية والجهادية بما يخص الوطنية والعمالة حتى يستعمل مفرداته؟

نسال فخامة الرئيس ميشال سليمان اين أصبح صدر الدولة الذي يتسع لكل أبنائها، وهل ضغط الإرهاب ومنظماته وميليشياته في لبنان قد ضيق هذا الصدر لدرجة انه لم يعد يتسع إلا لأدبيات وخطاب التكفير؟ يا فخامة الرئيس: "أوفوا إذا عاقدتم، وأعدلوا إذا حكمتم". (الإمام علي)

هذه الظاهرة خطيرة جداً ولا تبشر بالخير وهي دليل دامغ وجلي على مدى تغلغل حزب الله في مؤسسات الدولة، وعلى مدى هيمنته على كل أدبياتها وتصرفاتها وقراراتها.

إين هي وزارة العدل من هذا الأمر، وهل عدلها لا يشمل أهلنا اللاجئين في إسرائيل، ويقف نفوذها عند تخوم دويلة الضاحية الجنوبية؟

وأين هي الأحزاب المسيحية أكانت في 14 آذار أو 8 آذار، وهل هي الأخرى أصبحت مصابة بمرض الذمية فارتضت السكوت والتعامي ودفن الرؤوس في الرمال؟

الكل في لبنان مسؤول، والكل مطلوب منه رفع الصوت عالياً وإنصاف أهلنا اللاجئين في إسرائيل والحفاظ على حقوقهم وكراماتهم.

نستنكر بشدة هذا التصرف الحكومي غير المسؤول "الجهادي" والإرهابي" ونطالب بتصحيحه وبعدم تكراره.

نختم بقول الإمام علي: "لا تكن ممن ينهي ولا ينتهي، ويأمر بما لا يأتي، ويصف العبرة ولا يعتبر، فهو على الناس طاعن ولنفسه مداهن"، ومن عنده أذنان صاغيتان فليسمع.

ليست هناك تعليقات: