الأربعاء، أغسطس 12، 2009

وزارة الداخلية والهيئة المستقلة لحقوق الإنسان

حسام الدجني

أصدرت وزارة الداخلية والأمن الوطني الفلسطيني في قطاع غزة بياناً شديد اللهجة ضد الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان على خلفية بيان الأخيرة والتي اتهمت أجهزة الأمن الفلسطينية في قطاع غزة بانتهاك حقوق الإنسان في مراكز التوقيف التابعة لها, ومنع محامي الهيئة من زيارة الموقوفين, وقلة الأطعمة وسوء المعاملة وغير ذلك.

أنشئت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان بقرارٍ/ مرسوم صادر عن الرئيس الراحل ياسر عرفات رحمه الله، بتاريخ 30/9/1993, وهي مؤسسة تعنى بحقوق الإنسان في أراضي السلطة الفلسطينية.

يسجل للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان العديد من المواقف البطولية في مجال حقوق الإنسان, واستمرت على نهجها هذا إلى أن سيطرة حركة حماس على قطاع غزة في يونيو 2007, فانقسم المجتمع الفلسطيني إلى نصفين فتح وحماس, وانقسمت الجغرافيا الفلسطينية إلى شطرين الضفة الغربية والذي تسيطر عليها حركة فتح, وقطاع غزة والذي تسيطر عليه حركة حماس, حيث شملت تداعيات الانقسام بين الإخوة كل مناحي الحياة العامة والخاصة في فلسطين.

والهيئة المستقلة حالها كحال باقي المؤسسات الفلسطينية تأثرت من الانقسام, حيث تأثرت مواقفها مع الواقع المعاش, حيث حسم المجتمع الفلسطيني خياراته السياسية مع فتح أو حماس, وحال موظفي الهيئة المستقلة لحقوق المواطن كحال باقي أفراد المجتمع الفلسطيني والذين هم جزء أصيل من النسيج المجتمعي الفلسطيني, على الرغم من أن فرص اليسار الفلسطيني حاضرة بين موظفي الهيئة, إلا أن التمويل المالي يلعب دوراً كبيراً في صياغة البيانات والقرارات والادعاءات.

وهنا ينبغي على وزارة الداخلية والأمن الوطني أن تعمل أقصى ما تستطيع من أجل الحفاظ على كرامة المواطن الفلسطيني, من خلال إتباع تعاليم ديننا الحنيف, فيجب احترام مبادئ حقوق الإنسان والتعاون مع كل مؤسسات حقوق الإنسان العاملة في فلسطين, ولكن يجب التنويه هنا أن الوطن ليس قطاع غزة فقط, فهناك الضفة الغربية, والسجون مليئة بالمعتقلين السياسيين, وحالات الوفاة تزداد يوماً بعد يوم, والتعذيب تزداد حدته وأساليبه, ولن نسمع بيانا إلا القليل القليل, وبلهجة ناعمة وبصوت خجول, يجب على مؤسسات حقوق الإنسان وضع حقوق الإنسان بالصدارة دون التأثر باللون السياسي أو الدعم المالي.

ما دفعني لكتابة هذا المقال ما حصل معي شخصيا مع الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم", والتي خرجت بانطباع أن الهيئة غير مستقلة, وأتمنى أن أكون مخطئاً, واترك قرائي يقيمون من خلال القصة الحقيقية التي حصلت معي, حيث أنني أعمل في وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية "وفا", وبعد الحرب الشرسة على قطاع غزة ذهبت إلى البنك لأتقاضى راتبي, وإذ بي أتفاجأ بقطع الراتب من قبل الحكومة الفلسطينية في رام الله, وبعد الاتصال مع إدارة وكالة وفا في رام الله تبين أنني مفصولاً من قبل مجلس الوزراء الفلسطيني, فكانت بمثابة صدمة لي, وأثناء مغادرتي البنك متوجهاً إلى بيتي, سمعت في مذياع السيارة دعاية لديوان المظالم في الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان, فتوجهت فورا إلى مقرها في مدينة غزة وتقدمت بشكوى رسمية إلى الهيئة, وكل شهر تقريبا كنت أراجع الأستاذ صلاح عبد العاطي مدير مكتب غزة والشمال, ولا حياة لمن تنادي, فكان في كل مرة يقول لي أن رام الله لا تقبل التعامل معنا في ملفك, ومنذ الحرب وحتى اللحظة لم أتقاضى أي راتب, فطلبت من الأستاذ صلاح استصدار بيان صحفي أو حتى الخروج في مؤتمر صحفي لعله يضغط على الحكومة في رام الله لإلغاء قرار الفصل التعسفي ضدي, فكان يخرج بدبلوماسية عالية احسده عليها, حتى وصلت إلى مرحلة اليأس وأيقنت أن المجتمع الفلسطيني بكل مؤسساته ومكوناته لا وجود للاستقلالية فيه, وهذا ليس تجني فالاصطفاف أصبح حاداً, حتى الفصائل الفلسطينية الأخرى قد حسمت خيارها مع الطرفين الكبيرين فتح وحماس.

أتمنى على الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان, ومعها كل مؤسسات حقوق الإنسان في فلسطين, أن تعمل بنزاهة وشفافية حتى تنال ثقة المواطن, فقطع الأرزاق والرواتب ليس بالقضية السهلة ولا يقل عن التعذيب والقتل, فأشكال القتل تتعدد ولكن الموت واحد.

كاتب وباحث فلسطيني
Hossam555@hotmail.com

ليست هناك تعليقات: