الأحد، أغسطس 09، 2009

اللجوء الى السويد وميثاق الشرف العربي

د. محمد رحال
مملكة السويد من الدول التي اعتادت على استقبال اعداد سنوية من اللاجئين , وقبول اعداد كبيرة من طلاب اللجوء لايتم بصورة فوضوية , حيث يتم فصل قضايا اللجوء الى قضايا لجوء انساني او سياسي او قضايا لجوء الحاجات الخاصة والتي تتضمن الاعاقة الجسمية والعضوية او العقلية وغيرها وهناك قضايا لجوء لشرائح خاصة جدا للذين يعانوا من اضطهاد في مجتمعاتهم , وقد ارتفعت اعداد طالبي اللجوء الى السويد في الفترة الاخيرة وخاصة من اؤلئك الذين انضووا تحت اسم اللجوء الاقتصادي والذين جلبهم بريق ضوء الرفاهية في الدول الاوروبية , والمستوى الجيد الذي تعيشه هذه البلدان مقارنة بالوضع المزري الذي تعيشه غالبية ابناء الشعب العربي والذين استولى على ثرواتهم طبقة من الحكام قامروا بشعوبهم وثروات بلدانهم , وهذه الفئة من الناس هي في العادة اقل طالبي اللجوء حظا في نيل هذا اللجوء , ويعاني طلاب اللجوء في السنوات الاخيرة من فترات انتظار صعبة تطول لسنوات ومن حالات طبيعية لرفض طلباتهم خاصة تلك التي لاتنضوي تحت اسباب انسانية او سياسية معروفة فانهم يعانوا من حالات رفض لطلباتهم , هذا الرفض يعود لعدة اسباب ومن اهمها الحالة الاقتصادية السيئة التي تمر بها هذه البلدان في الايام الراهنة , مضافا اليها طوفان اليد العاملة الرخيصة القادمة من الدول الاشتراكية سابقا والتي سمحت لها قوانين الوحدة الاوروبية التنقل في كافة ارجاء الوطن الاوروبي الموحد كمواطنين لهم نفس الحقوق والمواطنين في وحدة اوروبية صامتة دخلتها الدول الاوروبية واحدة تلو الاخرى من اجل وطن اوروبي كبير لايجمعهم جامع سوى المواطنة الاوروبية , ويعاني الكثير من طلاب اللجوء في الدول الاوروبية وفي السويد خاصة من حالة عدم قبول طلباتهم حتى ولو كانت ضمن الشروط التي تعطيهم الحق في الحصول على هذا الحق , وخاصة لطلاب اللجوء من الدول العربية والاسلامية وذلك لان حكومة اليمين المتشدد هي التي تدير الحكم في السويد في هذه الدورة الاخيرة من الانتخابات السويدية , والضائقة المالية الاقتصادية هي من اهم العوامل التي تجبر الدول الاوروبية الى التفكير في الحد من تدفق المهاجرين الى البلدان الاوروبية .
وشهد هذا المد المتنامي من طالبي اللجوء الكثير من المعاملة السيئة , وهناك دول اوربية ساهمت باغراق عدد من قوارب اللجوء في عرض البحر ولم تسرع الى اسعاف هؤلاء الغرقى , وباعتبار ان اكثر طلاب اللجوء في السويد خاصة هم من الجالية العراقية فقد عقدت الدولة صفقة مع حكومة المالكي والذي كان فرحا للغاية للجلوس الى طاولة واحدة مع رئيس الوزراء السويدي , وعلى نفس الطاولة تنازل عن الدفاع عن طالبي اللجوء العراقيون في السويد مدعيا ان الحالة الامنية في العراق مستقرة وان العراق يعيش في حالة رخاء منقطعة النظير ولهذا فقد وقع المالكي على اتفاق يقضي بعودة طالب اللجوء بعد ان منحهم قانون اللجوء السويدي الحق في هذا اللجوء , وهذا الاصرار من حكومة المالكي والذي وجد له ترحيبا لدى السلطات السويدية بسبب وجود اعداد كبيرة فرت وهربي من العراق بجلدها عقب حرب تطهير عرقية شاملة يقودها مليشيات القتل الطائفي مضافا لها مليشيات البيشماركة المتآمرة على العراق وشعبه ووضعت نفسها اداة قتل وتشريد في خدمة المشروع الصهيوني والامريكي .
والرسائل الكثيرة جدا والتي ترد مستفسرة عن اللجوء الى البلدان الاوروبية والتي يعاني اصحابها من شح في الموارد المالية وضيق في ذات اليد وحرب من الانظمة المتخلفة والتي اطعمت شعوبها كما هائلا من غثاء الشعارات , حتى مات الحس القومي والوطني وتبلدت المشاعر واصبح احتلال هذه البلدان من محتل غربي افضل لهم من هذه الحكومات الوطنية والتي يتجرع ابناؤها الذل الاقتصادي والهوان المادي والانساني على يد حكومات انتشر التقدم والازدهار في خطابها على مدى اكثر من خمسين عاما , في الوقت الذي خلت هذه الدول من اي مظهر من مظاهر التقدم ماخلا بعض العمارات الاسمنتية والتي انتشرت بشكل فوضوي هنا وهناك , خلت هذه الدول من اي مظهر حقيقي من مظاهر هذا التقدم الاسطوري الذي يتحدث عنه من احتل كراسي السلطة السياسية في البلدان العربية في الوقت الذي تتكدس فيها اموالهم وتتنامى مقتنياتهم التي سرقوها من فم الجوعى من ابناء الاوطان العربية , وصارت الاخبار القادمة من البلدان العربية والتي تتحدث عن سيارات من الفضة والذهب اضافة الى القصور الخيالية صارت اخبارا عادية جدا مترافقة مع اعلام هابط يشيد بهذه الفئآت الحاكمة الغبية والتي تسورت بكم هائل من المستشارين الاكثر غباء والذين اقتصرت استشاراتهم على اشباع رغبات الحاكم ونزواته والتي لاتنتهي ابدا , وانعدم من حول هذه القيادات اي ضوء او ثقب من اضواء التطور والتقدم العلمي , وصارت حتى رسائل الشكاوى لاتصل الى هؤلاء القادة والذين افتقدوا وسط هذا الكم الهائل اي جانب من جوانب الا حساس , وهم الذين انعدمت لديهم القراءة او الثقافة , الا قراءة القصائد التي تمتدح كروشهم , وطول انوفهم .
الحالة الغريبة في اوطاننا العربية والتي افتقدتها الانظمة العربية تماما مع جملة مافقدته امتنا على يد هذه الانظمة هو ميثاق الشرف العربي , والذي من ضوابطه ان من يلجأ الى دولة عربية هاربا من دولة اخرى فانه وحسب قوانين الشرف العربي وميثاقه فان هذا المستجير يعتبر ضيفا في البلد الذي جاء اليه , ولكن وللاسف الشديد فقد تحولت هذه القضية لدى الانظمة العربية الى حالة من حالات المتاجرة بهؤلاء الضحايا للانظمة العربية , فلدى اي اتفاق بين نظام ونظام فان النخوة العربلية لدى هؤلاء الحكام تثور وتنقض على كل المعارضين لتلك الدولة فتجمعهم مخابرات الدولة المستضيفة وتشحنهم وفي ظروف شحن وجمع قاسية, وتسلمهم الى الدولة الاخرى وفق اتفاق لايهتم بتطوير التعاون والوحدة بين شعوب تلك البلدان , وانما يهتم بالاتفاقات الامنية بين هذه الانظمة والتي تصف المعارضين لها على انهم من خطاة البشر وعتاة المجرمين وفساق الامة ويساقوا الى سجون عربية انعدمت فيها الرحمة وعومل الداخلين اليهاوكأنهم حشرات او صراصير , ولهذا فان اجهزة الامن العربية تترصد هؤلاء وتتابعهم , ولنفس السبب فان الاجتماعات العربية الوحيدة والتي يكتب لها النجاح هي تلك الاجتماعات الخاصة بوزراء الداخلية العرب والذين يهبوا دفعة واحدة كأخوة متحابين من اجل الاتفاق على المواطن العربي المسكين والذي تخلى عن كل شروط الحرية والانسانية ولم يعد يطمح باكثر من رغيف خبز يسد به رمقه ورمق اطفاله الجوعى , وترى هذا المسكين وعينه على اطفاله والعين الاخرى تتطلع الى البلدان الاخرى ولو كانت في اقصى الكرة الارضية من اجل الهجرة اليها ومحاولة الوصول اليها من اجل تحسين وضع معيشي لاأمل في تحسينه في ظل انظمة تطعم سكان دولها الخطابات القومية , وتشربهم الاماني بمستقبل زاهر طال كثيرا انتظاره, وتحقنهم حقن التعاسة الابدية والافلاس الدائم والذي لايختلف عن حياة القبور بشيء الا ان حياة القبور اكثر اطمئنانا واوسع رحمة من قلوب الطبقة الحاكمة والتي نزع منها الضمير قبل ان ترتدي لباس البذلة الحكومي .
وفي ظل هذه الظروف السيئة التي يعيشها المواطن العربي , فانه يغامر بنفسه وحياته ومستقبله ويمتطي امواج الخطر ويسبح في اوهام الخيال عن مستقبل نجح في تحقيقه البعض ولايرى المواطن البائس ابدا اخفاقات الملايين ممن انتهت بهم حالات اللجوء الى تسجيل انفسهم ارقاما او مواطنين من الدرجات السفلى في اوطان اوروبية متقدمة لم تبن لهم , ولم تعد لابنائهم , وان سياسة هذه الدول مهما تقدمت وتطورت وتحضرت فانها بالقطع لن تكون ابدا من اجل تحسين مستوى المواطن العربي او المسلم وذلك لان العنصرية ضد العرب والمسلمين في البلدان الاوروبية شيء يجري مع الدماء في العروق في هذه الدول يغذيها ويزيد ضرامها فساد الانظمة العربية والمحسوبة على الامة ظلما وعدوانا , وهذه الانسانية التي يتحلى بها الغرب صنعت لهم ولشعوبهم ولاطفالهم ولكلابهم , ولم تصنع ابدا من اجل امتنا وجياعها , ومآسي ومناظر الدماء التي تسيل من ابناء امتنا تفرح الكثير منهم , وهذه ازمة فلسطين والعراق وافغانستان وغيرها شاهد حي على انسانية الغرب وهم الذين دفعوا بجيوشهم ورجالهم لتدمير ارضنا وقتل شعوبنا , وان الغرب ورغم انسانيته التي صنفتها مجموعات من القوانين قادر على وقف ارهاب الحكومات العربية بين يوم وليلة , ولكن هذا الغرب الذي بنى لنفسه تلك الحضارة المدنية الراقية والقوانين الاخلاقية المحترمة, فانه بنى لنا هذه الزعامات العربية والتي هي صنع يديه وتخطيط شياطينه واجهزة استخباراته واسرار دولنا كلها يتناقلها ساستهم بين يديه.

د.محمد رحال.السويد
globalrahhal@hotmail.com

ليست هناك تعليقات: