الأربعاء، أغسطس 19، 2009

المجلس الاسلامي العربي أصبح المرجعية العربية للشيعة

السيد محمد علي الحسيني
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. والصلاة والسلام على اشرف الخلائق واعز المرسلين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.
أما بعد ، ونحن على أعتاب شهر الرحمة والمغفرة، شهر الله المبارك رمضان، نستذكر وإياكم خطبة النبي (ص)، في استقبال شهر رمضان. حيث يروى عن مولانا أمير المؤمنين علي(ع) انه قال خرج إلينا رسول الله في آخر شعبان فقال:
{أيها الناس انه قد اقبل إليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة، شهر هو عند الله أفضل الشهور وأيامه أفضل الأيام ولياليه أفضل الليالي وساعاته أفضل الساعات، هو شهر دعيتم فيه إلى ضيافة الله وجعلتم فيه من أهل كرامة الله. أنفاسكم فيه تسبيح ونومكم فيه عبادة وعملكم فيه مقبول ودعائكم فيه مستجاب، فاسألوا الله ربّكم بنيات صادقة وقلوب طاهرة أن يوفقكم لصيامه وتلاوة كتابه، فإن الشقي من حرم غفران الله في هذا الشهر العظيم }.

نبارك للمسلمين جميعا حلول شهر رمضان المبارك، هذا الشهر الذي كرمنا الله فيه فدعانا فيه إلى ضيافته. حيث اصبح لنفس فيه تسبيحا، والنوم فيه عبادة والعمل مقبول والدعاء مستجاب.
هذا الشهر الذي فتحت فيه أبواب الجنان وأغلقت أبواب النيران، وغلت أيدي الشيطان.
هذا الشهر الذي تضاعف فيه الحسنات: فمن قرأ فيه آية من القرآن كأنما ختم القرآن، في باقي الشهور، ومن وصل فيه رحمه وصله الله برحمته يوم يلقاه، ومن حسن فيه خلقه كان له جواز على الصراط، ومن تطوع فيه بصلاة كتب له براءة من النار.
فلهذا الشهر أهمية روحية من جهة فهو كالمحطة التعبوية يشحن منها النفحات والبركات والعادات التي سوف يمر بها الصائم وخصوصا في سحره حيث يقوم للخالق الجبار ويصلي ويدعو، ومن جهة دينية فانه اطاعة لأمر الله وإسقاطا لواجب وتثبيت للإخلاص.

وجاء في الحديث: الصوم جنة من نار. وفائدة الصوم الجسدية فهي كثيرة منها اراحة الكبد فانه يحتاج لهذه الراحة من الهضم. وجاء: صوموا تصحوا. على أي حال الصوم فيه الخير في الدنيا والثواب في الآخرة، وهناك الفوز الحقيقي.
أيها المسلم: إن كنت نائما فاستيقظ، وقم من غفلتك ونومك واجتهد في العبادة والعمل الصالح ليصبح عادة في باقي الشهور، وان كنت ناسيا فتذكر فان هذا الشهر محل الاستذكار، وإن كنت مذنبا فتب ، فهذا شهر التوبة والمغفرة. قد جاء حاملا معه الخير والبركة والمغفرة، فعجل فان الفرصة موجودة، ومن يضمن نفسه بعد ذلك الشهر، وتزود من هذا الشهر من النفحات الروحية والربانية، ولا تبخل في هذا الشهر فانه شهر العطاء، واغتنم ضيافة الرحمن لك ووجودك على سفرته الكريمة، فان ضيافة النوم تسبيحا وضيافة العمل القبول والدعاء مستجاب وحسن الخلق والصلاة والصدقة، والتحنن على الأيتام، ولا ننسى القرآن في هذا الشهر انزله الله وقراءة آية منه كختمه في باقي الشهور، ما اجمل هذه الضيافة والاهم ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر.
انتبه ولا تغفل: ان الصوم ثلاث مراتب:
صوم العام: وهو الامتناع عن المفطرات الشرعية كالأكل والشرب والنكاح تعمد الكذب على الله ورسوله وايصال الغبار الغليظ إلى الحلق وغيرها من المفطرات، فهذا النوع من الصوم يكون عاما ، كل الناس يصومونه بل لا يتحقق الصوم الشرعي إلا به .
صوم الخاص: وهو امتناع الحواس عن الحرام كعدم النظر إلى الأشياء المحرمة .
واللسان عدم الكذب والغيبة والنميمة وكل محرم والامتناع عنه سوى في الصوم وغيره .
وهذا الصوم يمكن للإنسان فعله مع مراقبة أعماله ومحاسبة نفسه والالتزام به .
صوم الخاص الخاص: وهو امتناع القلب عن الحرام وفعل المعصية، وهذا أفضل الصيام كما جاء عن سيدنا ومولانا أمير المؤمنين علي (ع): (صوم الجسد الإمساك عن ألاغذية بإرادة واختيار خوفا من العقاب ورغبة في الثواب والأجر. صوم النفس إمساك الحواس الخمس عن سائر المآثم وخلو القلب من جميع أسباب الشر. وصوم القلب خير من صوم اللسان وصيام اللسان خير من صيام البطن.

أيها الصائم اعلم جيدا إن هذا الشهر هو ليقظتك ولتدريبك ولمساعدتك وللثبات على الطاعة والابتعاد عن المعصية، وحفظ اللسان والبطن والفرج عن الحرام والمعصية، فهذا تاديب من الله، لتكون غدا من الفرحين والفائزين، كما جاء إن للصائم فرحتان: فرحة عند إفطاره وفرحة عند لقاء ربه .ان الله اختار من ألسنة شهر وهو شهر رمضان، ومن الليالي ليلة وهي ليلة القدر فلا تتم فيها وفي الليالي العشر الأخيرة.

أيها المسلمون يا أبناء أمتنا العربية

يطل علينا الشهر الفضيل هذا العام في وقت تواجه أمتنا أخطر التحديات والازمات ، من فلسطين السليبة الى العراق الجريح الى لبنان القلق على المصير ، وامتدادا الى الامة الاسلامية التي تتعرض منذ سنوات وعقود الى هجمة خارجية تتمثل بمحاولة احياء المشاريع الاستعمارية ، والى هجمة داخلية من فئة ضالة توهمت أنها تستطيع النيل من منعة المجتمع الاسلامي بالعنف والارهاب .

ان الامة تحتاج في مواجهة هذه الظروف الخاصة الى الوحدة ، ولا شيء غير الوحدة يمكن المسلمين والعرب من الانتصار على المؤامرات الخارجية ومحاولات اشعال الفتن المذهبية .

وفي هذا المجال نحيي قادة الامة الكبار في دول الخليج العربي ، ومشرق الامة ومغربها ، الذين يعملون على تحقيق منعتها من خلال رعاية مبادرات المصالحات العربية العربية ، وقطع الطريق على المتربصين بالامة شرا . ونؤكد أن المسلمين الشيعة العرب وقد بلغوا سن الرشد ، باتوا أكثر معرفة بمصالحهم الدينية والقومية من خلال التصاقهم بقضايا أوطانهم ، والاندماج في مجتمعاتهم العربية والاسلامية مع سائر اخوتهم كالبنيان المرصوص ، والابتعاد عن المشاريع غير العربية التي تريد استخدامهم واستثمارهم . واختاروا الالتزام التام بمرجعية عربية ، أمنها لهم تأسيس المجلس الاسلامي العربي قبل ثلاث سنوات .

اننا نشد على أيدي القادة العرب في كل الدول وندعوهم الى المتابعة والمثابرة على طريقين ، طريق المصالحة والوحدة ، وطريق تشجيع الشيعة على خط الالتزام بمرجعيتهم العربية . وذلك يكون بدعم هذه المرجعية ومساندتها بكل السبل .

ان شهر رمضان المبارك هو شهر الخير ، ونغتنمها مناسبة للدعاء بطول العمر الى كل الخيرين العرب ، قادة وحكومات وهيئات و شخصيات ، ونحثهم جميعا على بذل المزيد من الدعم لاخوتهم المحتاجين في لبنان وسائر الدول العربية ، والذين أخذ المجلس الاسلامي العربي في لبنان على عاتقه رعايتهم وتأمين احتياجاتهم .

الهي ربح الصائمون، وفاز القائمون، ونحن عبيدك المذنبون.
تقبل الله أعمالكم، وغفر الله ذنبكم، واستجاب دعائكم .

الأمين العام للمجلس الاسلامي العربي في لبنان
19/8/2009
لبنان / بيروت

ليست هناك تعليقات: