الثلاثاء، أغسطس 18، 2009

بلا رؤيا يجنح الشعب ـ امثال 29/18

انطوني ولسن

ينشر هذا المقال ويكون قد اجتمع الرئيس الاميركي اوباما مع الرئيس المصري مبارك. على الرغم من وجود فترة زمنية يكون قد عرف ماد ار بين الرئيسين من تبادل الاراء حول اهم القضايا العالمية عامة، وما يهم البلدين بصفة خاصة. ونعرف ايضا ردات فعل التجمعات القبطية التي لم تجد مكانا لها حول البيت الابيض لشغل التنظيمات المصرية المتواجدة في امريكا. لكن عناية الله دبرت كل شيء ووجدوا مكانا في حديقة البيت الابيض. فشكرا للرب على ترتيبه، لانه قد آن الأوان ليسمع العالم مطالب الاقباط التي سيعرضها نشطاء اقباط المهجر من المسيحيين يساندهم نشطاء أقباط المهجرمن المسلمين.

الرئيس الاميركي لا أعرف وانا اكتب الآن ان كان سيولي مطالب الاقباط المصريين المسيحيين اهتماما عند لقاءه بالرئيس القبطي المصري محمد حسني مبارك ام لا!!.. لكني اتمنى ان يتسع الوقت ليسمح بعرض هذه المطالب. وقد ارسلنا نحن الاقباط المصريين المسيحيين في المهجر الى الرئيس اوباما والادارة الامريكية نناشدهم ان يضعوا هذه المطالب ضمن اجندة اللقاء. وكما اقول دائما ان التقنية الحديثة ازاحت العوائق وقربت المسافات وفي خلال دقائق معدودات يصل الصوت او الرسالة ويتم الرد عليها بالاستلام والاهتمام. وهذا ماحدث معي.. وبالتأكيد مع عشرات الآلاف من الاقباط المسلمين والمسيحيين. وعندما اذكر المسلمين في كتابتي لا للتملق او مجرد كلام.. ولكني واثق كل الثقة بوجود الملايين منهم ان كان في داخل مصر او خارجها المتضامنين معنا والعارفين بعد اله مطالبنا والمقتنعين بها تمام الاقتناع.

مهما كانت النتائج احب ان اؤكد ان الطريق امامنا طويل ومليء بالمخاطر. لاننا لا نواجه الحكم في مصر.. لكننا والحكم في مصر نواجه قوات الظلام التي تسعى الى اظلام العالم كله معتقدين ان ظلامهم هو نور جديد للعالم، منتهزين فرحة العالم الغربي الذي عانى من حربين عالميتين دمرتا كل شيء مما اضطر الشعوب الغربية ان تضحي وتشقي من اجل بناء ما تم تدميره واحلال العمران واعادة الحياة الى ما كانت عليه وافضل في ظل حرية يساندها القانون وتحافظ عليها مؤسسات حقوق الانسان.. اقول منتهزين هذه الفرصة للتغلغل واستخدام كل الوسائل للسيطرة والهيمنة على هذا الانسان وتخديره باكاذيب يلبسونها اثواب مختلفة لتناسب كل شعب وكل فرد ظاهرها جميل وبراق وباطنها استعباد واراقة دماء لان «اهل الدماء يبغضون الكامل» «امثال 20/10، ولان ايضا حكامهم ينطبق عليهم قول الكتاب المقدس في نفس السفر امثال 29/12 الحاكم المصغي الى كلام كذب كل خدامه اشرار». وما اسهل ان يضحك الشرير على الجاهل للتاريخ.

من اجل هذا كان اختياري لهذا العنوان «بلا رؤيا يجنح الشعب» ايضا في سفر امثال 29/18، مدخلا لرؤيانا نحن الاقباط المسيحيين مع ما يساندنا من الاقباط المسلمين واضع هذا التساءل: هل حقيقة لدينا رؤيا لما نريده؟!!.. وايضا هل يجمعنا حلم واحد يحلم به الشاب والشابة، الرجل والمرأة والكهل والمرأة العجوز؟ لانه ان لم يكن لدينا رؤيا او لا يجمعنا حلم واحد.. فباطل هو كل مطلب نطالب به. لانه «بلا رؤيا يجنح الشعب».. اي لا يكون له خطا مستقيما يمشي عليه، ولا فكر مستنير يهتدي به.. وتجنح خطوطنا التي نسير عليها، يقفز كل خط على الآخر، او يبتعد كل خط عن الآخر مثل الحصان الجانح الذي يقفز ذات اليمين وذات اليسار وقد رأينا على شاشات التلفزة منظر الحصان الجامح الذي قفز على مقدمة سيارة مسرعة وضرب سقفها وهبط مسرعا في اتجاه آخر. وما أجمل التشبيه الذي شبه به القس حمدي عوض في عظته وعن هذه الآية بالذات» زرع بدون حصاد.. ان كان فيه زرع». وأستأذنه واستشهد ببعض مما قاله في عظته.

سفر يوئيل2/ 28«ويكون بعد ذلك أني أسكب روحي على بشر فيتنبأ بنوكم وبناتكم ويحلم شيوخكم احلاما ويرى شبابكم رؤى».

وفي العهد الجديد سفر اعمال الرسل 2/17 «ويكون في الايام الأخيرة أني أسكب من روحي على كل بشر فيتنبأ بنوكم وبناتكم ويرى شبابكم رؤى ويحلم شيوخكم احلاما».

اليس في هذا تأكيداً على وحدة الكتاب المقدس بعهديه!!.. وتأكديا على ضرورة ان يكون لنا رؤي وان تكون لنا احلاما هذا من ناحية الايمان والانسان الفرد والجماعة «الشعب» والاسرة ايضا.

وعندما نريد مدى تطابق هذا الكلام الايماني عن أهمية الرؤيا والحلم نجد احد الكتاب المعاصرين يقول "الرؤيا هي عدم رضى عميق لما هو كائن، وادراك واضح لما يمكن ان يكون.. انها تبدأ بالسخط على الوضع الراهن وتنمو لتصبح مطلبا جديدا لبديل ".

لو نظرنا الى هذا القول بفكر واع وعقل مستنير نجد انه ينطبق تمام الانطباق على وضع العالم اجمع عامة، وعلى الوضع المصري خاصة.

جميع شعوب العالم لها رؤيا واحدة وهي عدم رضى عميق لما هو كائن. هل توجد دولة من دول هذا العالم الذي نعيش فيه راضي عن ما هو كائن على ارض بلده؟!! الاجابة لا.. عدم رضى عميق لما هو كائن.. وهذا ينطبق على الشعب المصري بكامله.. لن تجد مصريا واحدا ذكرا أو انثى شابا أو شيخ، غني او فقير، وزير او خفير راضي عن ما هو كائن.

اما الجزء التالي من القول.. وادراك واضح لما يمكن ان يكون بالنسبة للعالم هناك دول لديها هذا الادراك الواضح لمايمكن ان يكون.. ودول كثيرة خاصة دول العالم الثالث ليس لديها هذا الادراك الواضح لما يمكن ان يكون.. وينطبق عليها ما جاء في الكتاب المقدس امثال 29/18 بلا رؤيا يجنح الشعب». وما اصدق هذا القول والذي ينطبق علينا كمصريين حكومة وشعبا بصفة عامة، وكأقباط بصفة خاصة.

اننا غير راضيين لما هو كائن.. وينقصنا الادراك الواضح لما يمكن ان يكون لعدم وضوح الرؤيا، وعدم وحدة الحلم..

واذا أتينا الى الشق الأخير من القول.. انها تبدأ بالسخط على الوضع الراهن وتنمو لتصبح مطلبا جديدا لبديل..

وهذا ما يحدث مع الدول المتقدمة.. سخط على الوضع الراهن وتنمو لتصبح الرؤيا مطلبا جديدا لبديل، اما دول العالم الثالث ومصر واحدة منه.. فلا امل.. يوجد سخط.. ولكن بلا رؤيا واضحة او حتى حلم يحلم به الناس.. لان كوابيس الحياة ازاحت وحلت محل الأحلام. ومن يحلم يخاف ان يتذكر حلمه فيعاقب عليه ، فيدفنه فى أعماق نفسه ويكتفى بالقول " خير الله يجعله خير" ... ونحن اقباط مصر ما زالت الرؤيا عندنا يحجبها ضباب كثيف من تخلفات ورثناها على مدى اربعة عشر قرنا من خوف واذلال واستعباد. اما احلامنا اختصرناها داخل كل واحد منا الذي اصبح يظن انه هو وحده المخلص او من على شاكلته وغيره لا يفهم ولا يعرف ولا يؤمن. كفر بعضنا البعض ولم نتعلم بعد أهمية الرؤيا الواحدة والحلم الواحد.. اخذنا الشق الأول «الرؤيا هي عدم رضى عميق لما هو كائن».. والجزء الاول من الشق الاخير «.. انها تبدأ بالسخط على الوضع الراهن..». وينقصنا حقيقة فهم الشق الثاني.. «.. وادراك واضح لما يمكن ان يكون..» والجزء الأخير من الشق الاخير.. «.. وتنمو لتصبح مطلبا جديدا لبديل».

لان حكيم آخر قال: التوتر الخلاق خير من القناعة القاتلة..

وقال آخر: الرؤيا هي الغضب الاخلاقي الذي يحثنا على القيام بفعل ايجابي لعلاج ما اثار غضبنا.

فهل ينطبق علينا نحن اقباط مصر المسيحيين مثل هذا القول؟!! هل عندنا رؤيا واضحة لمطالبنا؟!!.. وهل الرؤيا التي لدينا الآن حقا ينطبق عليها هذا القول.. «الغضب الاخلاقى الذي يحثنا على القيام بفعل ايجابي لعلاج ما اثار غضبنا..؟ ام اننا حقيقة لا مجرد قول ما زال عالق بأفكارنا كل شوائب القهر والظلم والاضطهاد مما يعوقنا لمعرفة الطريق الصحيح الذي اذا سرنا فيه نصل الى تحقيق الحلم الكبير والرؤيا العظيمة التي تجعل الشعب المصري يعيش في سلام ومحبة رافضا البغض والكره والأحقاد.

وأختم بهذا التعبير لفيلسوف الماني:

لا يمكن ان يحدث شيء عظيم بدون حلم. ولكي يحدث شيء عظيم ينبغي ان يكون هناك حلم عظيم. فوراء كل انجاز عظيم من يحلم احلاما عظيمة.

وهذا ما فعله من تمسح بهم وتشدق اننا من سلالتهم واعني بهم المصريون القدماء الذين بنوا الحضارة الخالدة كانت لديهم احلاما عظيمة. هل بناء الهرم مجرد حجارة ترص فوق بعضها البعض فقط؟!! ام كان وراء تشيد هذا الصرح العظيم حلم ورؤيا عظيمة آمن بها الشعب المصري فبنوا الهرم والحضارة بالحب المتبادل بين الشعب وراعيه لا سيده الملك الفرعون الذي يعني العظيم ولا ينطبق عليه القول العربي «سألوا فرعون ايه اللي فرعنك.. فرد لم اجد من يقف في وجهي».

وفي هذاالزمان هل يرسم مهندس مباني رسومات اي مبنى دون ان تكون له رؤيا لما يريد للمبنى ان يكون؟!!، ودون ان يحدد الخامات والمواد التي يستخدمها للبناء؟!.. لا أظن.

فما بالنا بمستقبل امة ومستقبل شعب سُلبت منه حقوقه لقرون طويلة. فهل آن الآوان ونترك المزايدات الفردية والشخصية ونبدأ بالتكاتف والتضامن ويكون لنا حلم واحد ورؤيا واحدة وقلب واحد من اجل مصر اولاً وأخيراً؟!!

أم سنستمر الشعب الجانح لانه بلا رؤيا!!

ليست هناك تعليقات: