الجمعة، أغسطس 28، 2009

زعماؤكم في الجاهلية زعماؤكم في الإسلام

راسم عبيدات

.......لا أعرف ولا أدري ما هي الجدوى من العملية الانتخابية،إذا كانت هذه العملية،لا تحترم نتائجها،وإذا كان البعض يرى في نفسه،أنه هو الوحيد القادر على قيادة هذا الشعب،سواء اختاره الشعب أو لم يختاره،على اعتبار أنه جهبذ زمانه والشعب الفلسطيني لم ينجب وغير قادر على إنجاب شبيه أو بديل له،فالمناصب القيادية في السلطة الفلسطينية بشقيها تصريف الأعمال والمقالة أو منظمة التحرير الفلسطينية أو حتى الأحزاب والفصائل الفلسطينية،هي حكر على مجموعة معينة من الأفراد،ترى في نفسها الصفوة،أو قل هم الأمناء الوحيدون على المشروع الوطني الفلسطيني،لهم الحق فيه نجحوا في الانتخابات أو سقطوا فيها،فهم أصحاب الماركة الحصيرة الوحيدة في هذا المشروع الاستثماري.وما جرى ويجري في الساحة الفلسطينية،هو مخجل ومعيب ويثبت أن لغة المصالح والمناصب والامتيازات،هي فوق لغة الوطن والمصالح العليا للشعب الفلسطيني،فالعامل الأول والأساس في استمرار الانقسام وتعمقه واستفحاله،ليس لا خلافاً سياسياً ولا خلافاً حول المقاومة،فلا مقاومة في الضفة ولا في غزة،وسلطتي غزة ورام الله كل منهما تسعى إلى ترتيب أوراقها وتثبيت سلطتها،وإن اختلفت الشعارات والطرائق،والجميع يلمس أنه لا كرامة للمواطن لا في غزة ولا في رام الله.

وقد يقول البعض مال هذا الرجل يلقي التهم جزافاً ويتطاول على قادة هذا الشعب،الذين "لا هم لهم سوى المحافظة على كرامة الوطن والمواطن وحماية المشروع الوطني من التبدد والضياع"،ويكيل التهم والسباب والشتائم،دون حجة أو دليل أو برهان،وإذا كان صادفاً فيما يقوله فليأتي لنا بالحجج والبراهين،هذه الحجج والبراهين لو كانت نسبة الصدفية فيها 105% ،فالبعض يقول أنها تأتي من باب المزاودة والحسد وكما يقول المأثور الشعبي"قصر ذيل فيك يا أزعر".أو كما يقول المأثور الشعبي أيضاً" اللي ما بطول قطف العنب بيقول عنه حصرم".

ولعله من المهم أن ننتقل من إطار العموميات إلى إطار التخصيص والتفاصيل،فلربما يصحا ضمير البعض أو من لديهم صحوة ضمير،يثورا ويتمردوا على هذا الواقع المرير.

فالجميع يعرف أن الانتخابات التشريعية الفلسطينية في كانون/2006، ترشح فيها المئات وفاز من فاز وسقط من سقط ،والأصل فيها احترام النتائج والتسليم بها،ولكن ما وجدناه ولمسناه أن الكثير ممن لم ينجحوا في هذه الانتخابات،قالوا بالحرف الواحد أن مناصبنا مضمونة،في السلطة أو هيئات المنظمة أو غيرها،فمنهم من عين وكيل وزارة ومنهم من عين مدير عام،ومنهم من عين عقيد او عميد أو لواء،ومنهم من عين سفير،وهذه التعيينات هي قصراً على لون سياسي واحد مع بعض الرتوش والبهارات لهذا الفصيل أو ذاك،وأبدؤها من سفارتنا في مصر وانتهاءً بالسعودية.

وأيضاً بعدما جرت انتخابات حركة فتح للجنة المركزية والمجلس الثوري،والتي ترشح لها أيضاً المئات وفاز بها من فاز وسقط من سقط أيضاً،ومع ظهور النتائج بدأت عملية الطعن والتشكيك ممن لم يحالفهم الحظ في هذه الانتخابات،وحتى يتم استمالتهم وعدم إثارتهم للجلبة والضوضاء ولغة التشكيك بصحة الانتخابات والطعن بها فلا بد من ضمان مصالحهم ومواقعهم،لأنه من العيب أن يخرجوا من المولد بلا حمص،وبالفعل وبعد أن توفي أمين عام جبهة النضال الشعبي سمير غوشه،وأصبحت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير غير شرعية ولا دستورية،رغم أنها فاقدة لهما منذ زمان بعيد،تداعى الأخوة في الأحزاب والفصائل إلى عقد جلسة طارئة للمجلس الوطني الفلسطيني بمن حضر لاستكمال النصاب،حتى تشرعن هذه اللجنة ،والغريب هنا أن تجد من لم يحوز على ثقة حزبه أو تنظيمه كان أول المعينين لهذه اللجنة،والتي هي أعلى هيئة تمثيلية للشعب الفلسطيني،وكذلك بقي في هذه اللجنة ممن يفتقرون الى أي وجود حزبي أو جماهيري،وأضيف اليها بالاستبدال من فصائل أخرى من يحمل ثلاث أو أربع مسميات أمين عام ووزير وعضو لجنة تنفيذية وعضو مجلس وطني وعضو مجلس مركزي....الخ .

وما أن انتهت الجلسة الطارئة للمجلس الوطني الفلسطيني،وأصبحت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير" شرعية وقادرة على اتخاذ القرارات وتطبيقها وتنفيذها"،حتى زينت صفحات الجرائد بالتهاني لعدد من هؤلاء القادة،على اعتبار أنهم ظلموا في الانتخابات،وها هم يستعيدون دورهم ومكانتهم الطبيعية ويقفوا على رأس هرم قيادة الشعب الفلسطيني،وسيقودونه من نصر إلى آخر.؟

أي انحطاط وصلنا إليه،وأي تغير نتحدث عنه وأي ديمقراطية هذه،وأين موقف اليسار الفلسطيني وبالذات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مما جرى؟،ومن باب أولى كان يجب أن يراعى في الإضافة والاستبدال معايير تمثيل معينة،من طراز كون المرشح لهذه الهيئة يمثل حزباً له حضوره ووجوده الجماهيري أو تجاوز حزبه نسبة الحسم في الانتخابات التشريعية الأخيرة،وأنا أسأل كل الفصائل المنضوية تحت إطار هذه اللجنة التنفيذية،من حق بالتمثيل شخص كمصطفى البرغوثي على سبيل المثال اجتاز نسبة الحسم في الانتخابات التشريعية الأخيرة،وله دور وحضور في الساحتين الفلسطينية والدولية،أم ياسر عبدربه،والذي لا هم له سوى تقديم التنازل تلو التنازل،والبحث عن حلول واتفاقيات،تضرب البرنامج الوطني الفلسطيني في جوهره ،ألا وهو التنازل عن حق العودة،فمن باب أولى بالجبهة الشعبية وغيرها من الفصائل الإصرار على خروج ياسر عبدربه من اللجنة التنفيذية مقابل وجود صالح رأفت فيها،وليس هذا فقط بل كان من الضروري أن يكون هناك إصرار على أن تكون لجنة تنفيذية مؤقتة بعام والشروع في إجراء انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني وباقي هيئات منظمة التحرير الفلسطينية،فهناك أشخاص في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير يجب أن يحاسبوا على ما ارتكبوه بحق الشعب الفلسطيني،لا أن يقفوا على رأس أعلى مؤسسة قيادية له.

ومن هنا واضح جداً أن المصالح والامتيازات والمراكز وغيرها،هي فوق كل الاعتبارات،والحديث عن الديمقراطية والانتخابات والمساءلة والمحاسبة،هي مجرد جمل وعبارات للاستهلاك المحلي ليس أكثر،فحتى الدول الأكثر تخلفاً لم نسمع بأن من يخوضون الانتخابات ويخسرونها يخرجون من الباب لكي يعودوا من الشباك،بل وفي مواقع ومراكز أعلى من التي ترشحوا اليها.

وأيضاً فالواقع يقول بأن زعماءنا في الجاهلية هم زعماءنا في الإسلام وغير الإسلام، فأي قيادة لهذا الشعب يقف على رأسها أناس لا يريدهم الشعب،بل هم يغتصبون إرادة هذا الشعب وتمثيله عنوة.؟

ليست هناك تعليقات: