الأحد، فبراير 22، 2009

العلاقات الروسية الحمساوية



حسام الدجني

منذ فوز حركة المقاومة الإسلامية "حماس" بالانتخابات التشريعية في يناير 2006 , وتشكيلها الحكومة الفلسطينية العاشرة, سارع الكرملين بدعوة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس السيد خالد مشعل لزيارة موسكو, والتقى برئيسها السيد فلاديمير بوتين, ووزير خارجيتها سيرجى لافروف, وتواصلت اللقاءات والاتصالات بين روسيا وحركة حماس, حيث ترفض موسكو اعتبار حركة حماس حركة إرهابية, وترى روسيا بضرورة دمج حماس بالعملية السياسية حيث صرح وزير خارجيتها في أكتوبر 2006 الـ«الشرق الأوسط»: "حماس يجب أن تكون جزءا من المشكلة لا أن تكون المشكلة نفسها".

وتصر حركة حماس على ضرورة فهم وجهة نظرها في إدارة الصراع, وذلك بعد أن فرض العالم بأسره حصارا سياسيا واقتصاديا على حماس, على الرغم من فوزها وحصولها على (74) مقعدا في انتخابات تشريعية نزيهة شهد لها الجميع.

حاولت إستراتيجية حماس المتمثلة في اختراق الجبهة العالمية المناهضة لحركات الإسلام السياسي التي تتبنى من الكفاح المسلح منهجا لإدارة الصراع,
اللجوء إلى المحور المناهض للمحور الأمريكي, فوجدت مصالحها عند المحور الروسي الإيراني السوري, وبعد ذلك نما هذا المحور وترعرع بحيث أصبح يضم العديد من الدول والأحزاب والقوى.

حيث ترى حركة المقاومة الإسلامية حماس ومن خلال علاقة متوازنة مع الدب الروسي, محاولة منها من كسر الجمود وإذابة الجليد أمام أوروبا, وبعض أحرار العالم, فمن خلال علاقتها مع دولة مثل روسيا تستطيع التلويح بورقة مفادها, إذا لم يفتح العالم أبوابه أمام خيار الشعب الفلسطيني, فهناك أبواب ومحاور أخرى تستطيع حماس اختراقها.

وضمن لغة المصالح ماذا تريد روسيا من حماس؟ وماذا تريد حماس من روسيا؟ وما مستقبل العلاقات بينهما؟

ماذا تريد روسيا من حماس؟؟
1- تريد روسيا من حماس إعادة مجدها في منطقة الشرق الأوسط من خلال قناعتها المتمثلة بأهمية دور حركة حماس باستقرار إقليم الشرق الأوسط.
2- تحسين صورة روسيا أمام العالم الإسلامي, من خلال علاقتها بحركة إسلامية كبيرة تحوز على ثقة العالمين العربي والإسلامي وهي حركة حماس, مما قد يدفع المقاتلين العرب إلى العدول عن المشاركة في القتال ضد روسيا بالشيشان.
3- التلويح بورقة حماس أمام اللوبي اليهودي المسيطر على الاقتصاد الروسي والذي يعمل على إضعاف روسيا, والذي يعمل بالتنسيق مع الإدارة الأمريكية.
4- الأزمة الاقتصادية العالمية, والتي ضربت الولايات المتحدة بالتحديد, قد تعزز فرص انتهاء نظام القطب الواحد, وعودة النظام الدولي إلى نظام متعدد الأقطاب.
5- دعم حماس لموقف روسيا في قضية الصراع مع جورجيا, واعتبار حماس قضية الشيشان مسألة روسية داخلية لا يجوز لأحد التدخل بها.




ماذا تريد حماس من روسيا؟
1- اختراق الحصار الدولي المفروض على الشعب الفلسطيني بعد فوز حركة حماس بالانتخابات التشريعية في يناير (2006).
2- رؤية حماس الإستراتيجية المتمثلة في ضرورة الانفتاح على العالم, وتوضيح طبيعة وأدوات الصراع للعالم.
3- روسيا أحد أركان الرباعية الدولية, ومن خلال علاقات متينة مع روسيا ممكن أن تحدث اختراقا في تليين شروط الرباعية الدولية المطلوبة من حركة حماس.
4- الحصول على دعم سياسي واقتصادي ومالي وعسكري من روسيا.
5- توصيل رسائل لمحور الاعتدال أن محور روسيا وإيران في المنطقة في تصاعد, فعليكم إعادة النظر في إستراتيجيتكم من مقاطعة حكومة حماس.
6- استفادة حركة حماس من علاقتها مع روسيا, من تعزيز علاقاتها مع حلفاء روسيا, في الكاريبي, وآسيا الوسطى, مما قد يساعد الحركة في الاختراق السياسي وتعزيز جبهة الممانعة الرافضة للاحتلال الصهيوني, وموقف فنزويلا وبوليفيا من الحرب خير دليل.

مستقبل العلاقات الروسية الحمساوية:
نقلت صحيفة "معاريف" في عددها الصادر يوم الخميس عن مصدر سياسي روسي قوله " إن روسيا غيرت مواقفها من حركة حماس وأنه لن يتم عقد لقاءات سياسية مع قادة حماس بعد فشلها في إقناع الحركة بالموافقة على شروط الرباعية الدولية والاعتراف بإسرائيل".
صحيفة معاريف هي صحيفة صهيونية وطالما لم يخرج موقف رسمي من الخارجية الروسية في هذا الموضوع تبقى الأمور في أمنيات السياسة الإسرائيلية.
ومن وجهة نظري أن مستقبل العلاقات الروسية الحمساوية تتوقف على محورين رئيسيين:
1- العلاقات الروسية الإسرائيلية.
2- براجماتية حركة حماس.

** العلاقات الروسية الإسرائيلية:
من المتوقع أن تشهد العلاقات الإسرائيلية الروسية بعد تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة تطورا ملحوظا, بحيث سيكون لروسيا ومن خلال حزب إسرائيل بيتنا, والذي يترأسه السيد افيغدور ليبرمان, الروسي الأصل, والذي يعبر حزبه عن مشاكل اليهود الروس على (15 مقعد), والذي من المفترض أن يكون حزبه بيضة القبان في أي حكومة قادمة.
والعلاقة ستكون عكسية بمعنى كلما زادت مستوى العلاقات الإسرائيلية الروسية ستكون على حساب مستوى العلاقات الحمساوية الروسية والعكس صحيح.

** براجماتية حركة حماس:
أعتقد أن روسيا ترغب في أن تكون لاعبا رئيسا في عملية السلام في الشرق الأوسط, لذا ترغب من خلال علاقات مع حماس, إلى تطويع الأخيرة للاندماج في عملية سلام تنهي الصراع, لذل تتوقف العلاقات الروسية الحمساوية عند براجماتية حركة حماس في الأمور السياسية.

مما سبق أتوقع تخفيض مستوى العلاقات السياسية بين روسيا وحماس, ولكن هنا يجب على حماس تبني خطاب براجماتي لا يمس الثوابت الوطنية, والعمل على الانفتاح على الجميع, دون حسم خيارات الحركة مع أي محور, فالقضية الفلسطينية هي المحور الرئيس لحل الصراع, حيث سيكون تشكيل لمحاور وأحلاف جديدة في المنطقة, علينا كفلسطينيين معالجة ذلك من خلال الوحدة الوطنية, وتبني إستراتيجية موحدة للمقاومة وللمفاوضات.

كاتب وباحث فلسطيني
HOSSAM555@HOTMAIL.COM


ليست هناك تعليقات: