الجمعة، فبراير 27، 2009

رسالة غير خاصّة للشاعر يوسف بزّي

شوقي مسلماني

بعد مقالتي في الفساد وشراء ذمم الأستراليين اللبنانيين ببطاقة سفر مجّانية وبخشيش كمصروف جيب وقضاء "يومين" في ربوع الوطن لبنان بعث لي الشاعر اللبناني يوسف بزّي رسالة ألكترونيّة فيها إجحاف أنا أغفره له لأنّه شاعر وسبق أن قرأتُ له مجموعتين شعريتين أجاد فيهما ومن يومها وأنا أذكره بالخير وبعثتُ له رسالة ألكترونيّة مدافعاً عن نفسي وضمّنتُها إشارات تلمّح ولا تصرِّح وفي اليوم التالي خطر لي أن أُفصح عن رسالتي لاعتقادي أنّي لا أزال في الجوّ وهو جوّ تسليط ضوء على عفن وبالذات عفن بيع وشراء ذمم اللبنانيين المهاجرين في أربع أصقاع الأرض في سوق نخاسة الإنتخابات النيابيّة اللبنانيّة:

العزيز الشاعر يوسف بزّي

كلّ مرتشٍ هو "منباع" وهذه بديهة، والبديهة كانت في البدء. وأنا معك "فلا يجوز القول أن لبنانيي أستراليا الذين سيشاركون في الإنتخابات اللبنانيّة هم "منباعين" وظنّي بك أنّك لا تعتقد بأنّي يمكن أن أقبل بذلك، وعلى العكس فأنا أشجّع لبنانيي أستراليا أن يشاركوا في الإنتخابات اللبنانيّة إنّما بضميرهم وليس ببطاقة سفر.

وعدم المؤاخذة، فأنت لا تعلم أنّي أحببتُ شِعرَك ولا أزال، وشعرك بالذات جعلك عزيزاً عليّ، وأرجو ألاّ تكون قد تجنّيتَ عليّ بتقويلي ما لم أقلْ. عينك تشوف المسخرات والهرج والمرج ... والتكالب ... إنّ كرامة الجالية اللبنانيّة في أستراليا صارت في الحضيض أكثر فأكثر ... إنّهم يحتكّون بالناس هنا بالرموز والإشارات كعمل العصابات ... وليتك تسمع اللغة ... أكثر الأستراليين من أصل لبناني أبرياء، وشويّة كلام معسول مع شويّة كلام مسموم، و"حلوه النزله على لبنان" ... أنا أسمع بالفساد في لبنان، وخصوصاً في مواسم الإنتخابات، وأقرأ، إنّما حريّتي وسيادتي الحقيقيّة لا المزيّفة، وأنت تعلم أيّها العزيز أن التزييف ليس حكراً على المال، تحتّمان علي أن أنبذ الفساد والرشوة ولا أبرّرهما لمخلوق لا في 14 ولا في 8 ولا في 11 وكلّي ثقة أنّك أيضاً لا تبرّرهما لمخلوق لا في 14 ولا في 8 ولا في 11.

أمّا بخصوص الداون تاون فالمسألة بسيطة أيّها العزيز، فقط لقد "حَبَكتْ" كما يُقال، ولكن ليس من فراغ، فأنا قبل الحرب الأهليّة كنتُ، وأنا أمرّ خارجاً من سوق السمك القديم لجهة الشهداء، ألتفتُ فتخالطني مشاعر غريبة لرؤية تمثال الشهداء، إنّهم قوم غرباء ليسوا من لبنان، بدليلي أنا، فوجوههم غير وجهي وشُعورهم غير شَعري. وهذا شأن الداون تاون، فأنا لا أحبّ هذا الإسم، كنتُ سأشعر بإلفة أكثر لو كان الإسم هو "أشعب والكندي" أو "كليلة ودمنة". لا أعرف لماذا كلّما أذكر الداون تاون أذكر أفلام رعاة البقر؟ أو كلّما أقول دي تي يُخيّل إلي أنّي أقول تي أن تي؟ وشعوري هذا واحد، وأنا أحببتك أيّها العزيز يوسف عندما قرأتُ عن "الرجل السمين" و"الكرش" و"الجرّافات" و"الحفّارات"، وقد كتبتُ عن ذلك في حينه، وأنا لم أوجّه اللوم بل اعتبرتُ أنّها "حَبَكتْ" فلماذا هذه الحساسيّة أيّها العزيز إذا حَبَكتْ معي؟.

وإذا وافقتُ معك "إنّ مآل الإستهزاء من الحريّة والسيادة حتى ولو النوايا حسنة هو اللاسيادة واللاحريّة" فهل توافق معي أنّ مآل من يبيع صوته ببطاقة سفر حقيرة أن ينقلب إلى منباع؟.

وقد تكون مقالتي "غير صحافيّة" وقد "لا تليق بشاعر" ولكن صدّقني فإنّ أغلب ما يُكتب في صحافة لبنان هو "شُبّه لكم"، إنّه تعصّب أعمى وسيف يضرب، ويا عيب الشوم، بيد الأسخى والأكرم، وأنت تعرف ماذا أقصد، فيما أنا فأكتب من موقع الغضب لك لا عليك والأسف لك لا عليك وحبّاً لأبناء جلدتي وغيرة لهم وحمية من أجل سمعتهم وكرامتهم وعزّتهم وسيادتهم وحريّتهم. "ولا تليق بشاعر"؟ هذا موضوع طويل.

وعلى رغم ما سبق منك بحقّي فليس لك منّي إلاّ المودّة".

حبيس الغربة الطويلة:

شوقي.

ليست هناك تعليقات: