الثلاثاء، فبراير 17، 2009

الصعاب التي تواجه مصر حكومة وشعبا

أنطوني ولسن

المصريون في المهجر ينظرون الى ما يحدث على ارض وطنهم الأم مصر، بمنظار لاشك يختلف عن منظار المصريين المتواجدين على ارض الوطن.
وكما يقول المثل «الدخان القريب يعمي».. اي يخفي الرؤيا الحقيقية، كذلك لا ننسى التعود على رؤية الأشياء بنفس المنظار اليومي الذي يفقد مع التكرار قدرة التميز بين الجيد والسيء والعادي، وخاصة اذا كانت كل الاشياء التي تحيط به رؤيتها غير واضحة. فأصبح المواطن المصري يصدق كل ما يقال له ويؤمن بكل فكر يقدم له وخاصة الفكر المحرم عليه مناقشته وعليه ان يقول أمين.
تراكم الاشياء خلق أنواع من الصعاب بدأت ومنذ عقود تواجه مصر حكومة وشعبا.
وسأكتفي بوضع أهم النقاط، ثم سأتحدث عن كل نقطة على حدة.
* التزايد المستمر في تعداد السكان.
*مواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية وتاثيرها على الشعب في مصر.
*التزايد في عمليات نهب الأموال.
*الصراع المدمي في لعبة شد الحبل بين الحزب الحاكم والمعارضة المتمركزة في نواب جماعة الاخوان «المحظورة».
*ارتفاع اصوات المطالبين باخماد اصوات اقباط المهجر التي بدأت تقلق مضجع الحكومة المصرية والاعلام، ومحاولة استقطابهم واختراق صفوفهم.
هذه النقاط الخمس سأحاول ان اسلط عليها الاضواء من وجهة نظر قبطي اي مصري مسيحي يحب وطنه مصر ويريد له الرفعة والمكانة البارزة التي يستحقها لان مصر ام الدنيا وإن جار عليها الزمن واصبحت «ملطشة» لكل من هب ودب.
1- التزايد المستمر في تعداد السكان..
لا يكلف الله نفسا الا وسعها. لكن في مصر التي لبست عباءة الدين لا تطبق هذا الكلام وتنحى به جانبا وتختار كثرة الانجاب لان الله هو الرازق. ولا احد يعرف حقيقة تعداد الشعب المصري. الاحصائيات تقول انه 80 مليون نسمة قد تزيد قليلا. والتصريحات غير الرسمية تقول ان العدد قد تخطى المائة مليون نسمة وحجتهم في ذلك ان الزواج في الريف متعدد والانجاب يتضاعف ولا تسجيل للمواليد وخاصة الذكور حتى لا تعرف الحكومة عنهم شيئا ولا يجندون في الخدمة الوطنية ويحرمون اسرهم من ما يحصلون عليه من اجر. ولا يستطيع احد ان يناقش هذه المشكلة مع الناس، على الرغم من التوعيات المستمرة بضرورة تحديد عدد افراد الاسرة. الا ان كل المجهودات المبذولة يضرب بها عرض الحائط ولا امل في اقناع الناس بضرورة تحديد النسل. والحكومة لا تستطيع سن قوانين الزامية لتحديد النسل لانها سوف تتهم بالكفر والزندقة من قبل رجال الدين الذين اصبح لهم اليد العليا في تحريك الشارع المصري.
ولا يستطيع احد ان يناقش هذا الموضوع على المستويين الفردي او الجماعي.
وهذه مصيبة المصائب واحد اخطر الصعاب التي تواجه مصر حكومة وشعبا.
الحكومة عاجزة تماما عن توفير ما تحتاجه هذه الملايين من رعاية صحية او اجتماعية او معيشية.
والشعب لا يجد أبسط مطالب الحياة رغيف العيش (الخبز).
فكيف يكون التوافق بين لا يكلف الله نفسا الا وسعها، والله هو الرازق الذي يرزق كل دابة على الأرض حتى الدودة بين الحجر؟!!
2- مواجهة الازمة الاقتصادية العالمية وتاثيرها على الشعب في مصر.
الحقيقة هذه الازمة الاقتصادية العالمية تأثيرها على الغالبية العطمى من ابناء مصر ليست بالشكل المخيف لانه وببساطة كما يقول المثل الشعبي «ح يسخطوك يا قرد فرد عليهم وقال يعني ح يخلوني غزال».. والمعني واضح ولا يحتاج الى شرح.
التأثر الحقيقي سيصيب رجال الاعمال الذين نهبوا قوت الشعب ومعهم ما يكفيهم لسنين عديدة حتى لو وصلت الى سبع سنين عجاف.
ومع ذلك هذه الازمة الاقتصادية العالمية لها تأثيرها السلبي على الحكومة المصرية العاجزة تماما عن تحقيق ادنى مطالب الشعب المصري.
وبالفعل هي احد الصعاب التي تواجه مصر حكومة وشعبا التزايد في عمليات نهب الاموال.
تنهب مصر منذ فجر التاريخ.. تسرق اثارها سواء من لصوص اجانب او من الذين يعتقدون أن اثارها رمز الكفر ولا قيمة لها وبيعها لكفار هو مكسب للايمان والدين.
اما نهب الاموال فقد مرت بها مصر منذ احتلال الاسكندر الأكبر حتى الأن مع اختلاف المحتل وجنسيته واطماعه، وما آلت اليه احوال ابناء مصر من الخنوع والخضوع والايمان بالمقدر والمكتوب.
حديثا الناهبون يأخذون شكلا مختلفا.. انهم رجال اعمال درس الأولون منهم نقاط الضعف التي طرأت على المجتمع المصري الذي تركزت طموحاته في الكسب السريع. فأصبح مطمعا للطامعين فيه من رجال الاعمال الماكرين.
يكفي ان تشيع بين الناس ان من يستثمر امواله معك سيحصل على ربح حلال.. واضغط هنا على كلمة حلال التي اصبحت تستخدم حتى في بيع الادوية في الصيدليات والبسكوت في المحلات.
الارباح مضاعفة ومؤكدة، وتستمر اللعبة وتبيع المرأة مصاغها» من ذهب وفضة وتعطى بكل ثقة وامان للمستثمر كل ما تملك. ويصدق معها المستثمر المحتال ويمنحها ربحا لم تكن تحلم به، فتعيد اليه رأس المال والارباح طمعا في الضعف.
ويكفي استخدام كلمة طمعا.. لانها مربط الفرس عند المستثمر المحتال الذي تعلم من سابقيه ان يخلى نفسه من اية مسؤولية جنائية عن طريق تكوين شركات وهمية او ايداع اموالهم باسماء اخرى وغالبا ما تكون من الجنس الناعم..الحريم.. و «يفلسع» الزبون ويهرب خارج البلاد.. وان كنت جدع يا طماع تحصلني.
وتضيع اموال الشعب ويزداد الفقير فقرا ولا مكان للامناء والشرفاء، مما يزيد في الصعاب التي تواجه مصر حكومة وشعبا.
4- الصراع الدامي في لعبة شد الحبل بين الحزب الحاكم والمعارضة والمتمركزة في نواب جماعة الاخوان المحظورة».
الحزب الحاكم «الحزب الوطني الديمقراطي» حزب رجال الاعمال.. وفي الرأسمالية لا عيب في ذلك.. لانه بالعلم والمال يبني الناس ملكهم.. ولا يبني ملك علي جهل واقلال.
لكن العيب يكمن في ان الرأسمالية تؤمن بوجود معارضة. واذا ضعفت المعارضة يخشى على الحزب الحاكم من التحول الى حزب ديكتاتوري. وهذا ما يحدث في مصر.

المعارضة في مصر تكاد تكون معدومة إلا اذا استثنينا الاعضاء المستقلين من الاخوان المسلمين الذين اصبحوا وأمسوا القوى المعارضة الوحيدة القادرة في مصر.
لكن مع الأسف هذه القوة لا تؤمن بالوطن مصر «طوز في مصر».. «المسلم الماليزي اقرب إلي من القبطي في مصر».. هذه اقوال مرشد الاخوان نفسه وقالها وغيرها على الملأ.. لانه يؤمن ومعه الجماعة بالأمة الاسلامية التي تشمل العالم كله فـ «ألف طوز في مصر واقباط مصر واي مسلم لا يؤمن بتعاليمهم».
ولا يستفيد الشعب المصري من هذه الجماعة المحظورة غير عدم الاستقرار وضياع الحافز المثمر للنهضة بمصر.. لانهم يتطلعون الى الوطن الاكبر.
وتضاف هذه المأساة الى قائمة الصعاب التي تواجه مصر حكومة وشعبا.
5- ارتفاع اصوات المطالبين باخماد اصوات اقباط المهجر التي بدأت تقلق مضجع الحكومة المصرية والاعلام، ومحاولة استقطابهم واختراق صفوفهم في الخارج.
بكل صدق وامانة لا اعرف سببا واحدا يجعل الحكومة المصرية تقلق من اقباط المهجر. وذلك لان اقباط المهجر هم جزء لا يتجزأ من الكل المصري. كل الذي يحدث ان الزمن لم يعد هو الزمن والعبد صار سيدا وحاكما. ومن ضاعت حقوقهم على مر العصور، بدأوا يستشعرون اهمية السعي وراء استرداد آدميتهم عبر المطالبة بالتساوي في الحقوق والواجبات في معني كلمتين فقط المواطنة الكاملة.
لكن من يريدون لعجلة الزمن ان تتوقف.. بل ان تعود الى الوراء، فلا صفة يمكن لوصفهم بها غير انهم من أهل الكهف، بمعنى عليهم هم لا غيرهم ان يعودوا الى كهوفهم لان اعينهم لا تستطيع رؤية واقع الامور من شدة ضوء شمس الحرية الذي اخذ ينير الطريق الى من استعبدوهم عقود وقرون طويلة مظلمة. بل انهم (أهل الكهف) يحاولون بكل الطرق والوسائل اخفاء ضوء شمس الحرية المبهر عن اعين المظلومين اصحاب الحق في الوطن، تارة بالترغيب واخرى بالتهديد.
تارة يثيرون الشكوك حول اقباط المهجر ويسحبون منهم حق المطالبة او الكلام عن الحقوق والمساواة وما شابه ذلك، لانهم ليسوا مصريين فقد تجنسوا بجنسيات البلاد التي هاجروا اليها. وطبيعي هذا هراء في هراء وهم اول المتأكدين من ذلك. لكنهم استمرأوا السيطرة وحب الاضطهاد والنظرة المتعالية واعتبار انفسهم افضل خلق الله.. فهم ما زالوا يعيشون في ظلام الكهوف التي صنعوها لأنفسهم وعاشوا في داخلها. ولكي اكون اكثر دقة، فقد عيشوا عقولهم في ظلام كهوف الجهل والحرمان بالتهديد ان حاولوا مجرد معرفة الحقيقة.
اما عن استقطاب او اختراق صفوف اقباط المهجر، فهذه مخاطرة محكوم عليها بالفشل.. لان اقباط المهجر كما قلت هم جزء لا يتجزأ من الكل المصري. وهذا لا يمنع من وجود مرضي بين اقباط المهجر، ومهمتنا ان نصلي من اجلهم حتى يزيح رب المجد عنهم المرض، كما نصلي ايضا من اجل شعب مصر المبارك من الرب.. مبارك شعب مصر.. لأنه قال من مصر ناديت ابني.. نادى ابنه من مصر في العهد القديم.. ونادى ابنه يسوع من مصر في العهد الجديد.. وينادي على ابنه الذي خرج من مصر من اقباط المهجر الاكثر حبا لمصر عن اي متغطرس يقول «طوز في مصر».. والحقيقة المرة ان هذا الموضوع يعتبر من اهم الصعاب التي تواجه مصر حكومة وشعبا.
لأن اقباط مصر لهم حقوق ضائعة ولا بد من الحصول عليها. واقباط المهجر ليسوا بتنظيمات ارهابية اوتنظيمات سرية تعمل على هدم نظام الحكم، او حتى التفكير في تولي الحكم كما فعلت الجماعة المخظورة في عهدي ناصر والسادات وتفعل الآن.
واقباط المهجر ايضا لا يتأمرون مع اي كاره لمصر ورئيس مصر من حكام العرب المسلمين، وحكام المسلمين من غير العرب.
فهل يشكلون خطرا على مصر حكومة وشعبا؟!!
اترك الاجابة للحكماء والعقلاء من اخوة لنا في الوطن العزيز والغالي مصر.

ليست هناك تعليقات: