الأحد، فبراير 15، 2009

رئيس المباحث لمتهم قبطي: هات المدام وتعالى

انطوني ولسن

رئيس المباحث لمتهم قبطي: «هات المدام وتعالي.. المخبرين عندي بقالهم كتير ما روحوش بيوتهم، هذا عنوان ما جاء في جريدة «الفجر» المصرية التي تصدر في القاهرة.
هات المدام وتعالي..
يا حلاوة.. والله عشنا وسمعنا وقرأنا عن رجال المباحث في مصر تحولوا الى «قوادين» يهتمون بشؤون المخبرين الجنسية والعاطفية الذين يعملون معهم.
اسأل سيادة وزير الداخلية اللواء حبيب العادلي اطال الله في عمره، والترقي ليصل الى رتبة مشير، وتكون هذه الترقية هي الاولى من نوعها لضابط شرطة مصري وصل الى كرسي الوزارة.. لكفاءته وحسن ادارته والرعاية التي يولي بها رجاله المخلصين من ضباط وامناء شرطة وعساكر ومخبرين.
اقول اسأل سيادته.. هل هذا الخبر الذي نشر بتاريخ يوم الاثنين 26 يناير عام 2009 بجريدة «الفجر» التي تصدر في القاهرة حقا وصدقا.. صحيح؟!!
فإذا كانت اجابة سيادته بنعم.. أعود وأسأل: وماذا فعلتم برئيس المباحث صاحب هذا القول؟!!
واذا كانت إجابة سيادته بـ «لا».. أعود وأسأل: ما الذي منع سيادتكم من التحقيق والتأكد من صدق او عدم صدق الخبر؟!!
ونحن في انتظار اجابة معالي الوزير.. مع العلم اننا واثقون من ان هذا الأمر لا يعنيكم لا من قريب او بعيد لان مهمة الشرطة لا تدخل مثل هذه الاحداث ضمن اختصاصاتها، على الرغم من ان المتهم (المفروض فيه انه برئ حتى تثبت ادانته) مصري أبا عن جد واجداد حتى النخاع.. و»المدام» مصرية ابا عن جد وأجداد حتى النخاع.
وتبدو شهامة المصري هذه الايام اصابتها فيروسات ابطلت مفعولها.. ولربما مع بعض من المواطنين المصريين فقط!!
اتوجه الى سيادة الرئيس محمد حسني مبارك اطال الله لنا في عمره وحفظه من كل شر وشبه شر اقول اتوجه الى سيادته برجاء اعطاء هذا الخبر اهتماما خاصا، لأن المواطن مصري والمدام مواطنة مصرية وانتم سيادتكم رئيس لكل المصريين، وليس من المعقول ان يهان احد رعاياكم بهذه الطريقة اللااخلاقية او انسانية.
نحن نعلم سيادة الرئيس العبء الثقيل الذي تحملونه علىاكتافكم تجاه القضية الفلسطينية وقضايا العرب.
لكن سيادتكم رئيسا وأبا لكل المصريين امام الله وضميركم الحي. واذا تعرض اي مواطن مصري لأي اساءة او ظلم وعلمتم بالأمر وتقاعستم عن معرفة الحقيقة ومسح الاساءة ورد الظلم عن المظلوم، فهذا يغضب الله ورسوله والمؤمنين. وحاشى ان تغضبوا الله ورسوله والمؤمنين لانكم الرئيس المؤمن خائف الله، ومن يخاف الله.. لا يغضبه ويرعى ابناء وطنه دون تفرقة.
سيادة الرئيس املنا في الله وفي شخصكم المحبوب كبير، ونأمل ان يجد هذا الموضوع استجابة عملية من سيادتكم، لان الكيل قد زاد وطفح.
كما انني اتوجه الى السيدة الفاضلة المبجلة المحترمة سوزان مبارك سيدة مصر الاولى، برجاء اعطاء هذا الموضوع اهمية خاصة.
لأنني واثق سيدتي الفاضلة لرفضك ما حدث لهذه المرأة المصرية ان يمر هكذا مرور الكرام دون معاقبة المسؤول، لأن هذا الخبر يمس شرف وعرض كل المصريات اللواتي اتت بحكم موقعك سيدة مصر الاولى مسؤولة عنههم.
وتحضرني الأن قصتان.. الاولى حدثت في القاهرة عام 1945 بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية واجتماع رؤساء الحكومات الغربية والعربية لمناقشة ماذا سيحدث بعد الحرب. وطبيعي كان رئيس وزراء بريطانيا في ذلك الوقت ونستون تشرشل على رأس الحضور ونعرف ان بريطانيا كانت محتلة لمصر.
لكن ما حدث في ذلك الوقت له دلالات هامة جدا لموضوعنا اليوم.
ذهب احد الضباط المصريين الى حيث عقد المؤتمر وطلب مقابلة مستر تشرشل، فنقلوا الى مستر تشرشل الامر، اوقف الاجتماع وانتحى بالضابط المصري جانبا يسأله عن سبب مجيئه اليه في هذا الوقت العصيب، اخبره الضابط المصري باستيلاء احد الجنرالات البريطانيين على «فيلته» بدون وجه حق.
فما كان من تشرشل الا ان أرسل في استدعاء الجنرال البريطاني للتأكد من الامر. وعندما عرف الحقيقة أمر الجنرال باعادة «الفيلا» الى الضابط المصري في الحال.
والقصة الثانية عن العماد ميشال عون اثناء الحرب الاهلية اللبنانية التي اندلعت في منتصف السبعينات من القرن الماضي.
وصل الى علم العماد عون خبر ضرب احد الضباط اللبنانيين لعامل مصري يعمل في محطة بنزين، ارسل العماد عون مساعده الخاص ليتأكد من صحة الخبر، وعندما تأكد من صحته امر بمعاقبة الضابط اللبناني والاعتذار للعامل المصري.
في القصة الاولى لم يتأخر ونستون تشرشل المحتل لأرض مصر من التحقيق في الأمر بنفسه واعادة الحق الى صاحبه، على الرغم ان صاحب الحق مجرد ضابط في دولة هي اصلا محتلة وتحت الحكم والسيطرة البريطانية.
ولم يحدث ان الانتصار الذي حققته دول التحالف الاوروبي والذي كانت تتزعمه بريطانيا أن يبعد مستر ونستون تشرشل عن القضية وتنحيتها جانبا أو عدم الالتفات لها للمسؤولية الملقاة على عاتقه. ولكنه ترك اهم اجتماع واعاد الحق الى صاحبه.
وفي قصة العماد عون نرى تصرفه ينم عن شخصية تاريخية غير عادية. رجل مسؤول عن وطن يمزق.. حرب اهلية لم ترى المنطقة العربية مثلها من قبل ونرجو من الله ان يعفي المنطقة حدوث مثلها، ومع ذلك عندما يعرف الخبر والذي ليس له صلة بما يحدث على ارض الواقع.. مجرد خبر ضابط يضرب عاملا مصريا في محطة بنزين، فيبادر العماد عون الى تقصي الحقيقة، حقيقة ضرب عامل مصري.. اي ضيف على لبنان.. وعلى الرغم ان الضيف مجرد عامل كان ممكن التغاضي عن ما حدث، ويكفي العماد ما هو فيه. ولكنه اصر على معرفة الحقيقة ليجازي المخطئ حتى لو كان ضابطا لبنانيا ويعتذر للمظلوم الضيف على البلاد والعامل الأجير البسيط.
هكذا يكون الرجال.. وهكذا تكون الرئاسات التي تعمل على اقرار الحق وانصاف المظلوم حتى لو لم يكن من نفس جنسية المسؤول الذي بيده الأمر.
لكني اخشى ما اخشاه على مصر انها وصلت او قريبة الوصول الى طريق مسدود، طريق الألام المنتهي الى ضياع مصر وخراب مصر بسبب الفوضى التي تعيشها مصر والتخبط في كل شيء ولا يعرف احد من هو على حق ومن هو على باطل.
التيار الاسلامي المتشدد والكاره للغير.. الغير المسيحي، الغير البهائي، الغير المسلم غير الموافق على اسلوب وفكر هذا التيار الاسلامي، هذا التيار اصبح متغلغلا في جميع نواحي الحياة في مصر، واخطرها القضاءالمصري الذي تحول الى قضاء خاص جدا.. قضاء لا يرى الا ما يوافق التيار الاسلامي المتشدد والكاره ورمي بكل مايتعلق بالقانون والعدالة والحق عرض الحائط. ونرى حكما قضائيا يقرر «أن المسلم هو الشخص الشريف، وان من ليس مسلما فهو يفتقر الى الشرف.
ولربما يكون هذا الحكم القضائي هو الذي شجع رئيس المباحث على التصرف المشين الذي تصرفه مع المتهم القبطي وزوجته التي طلب منه احضارها معه «هات المدام وتعالى.. المخبرين عندي بقالهم كتير... ما روحوش بيوتهم». لان المتهم وزجته ليسا مسلمين. بمعنى انهما ليسا شريفين والمدام حلال للمخبرين.
شيء مقزز وما كان يجب ان يصدر من رئيس مباحث مصري، لكن وأسفاه.. هذه هي مصر الان.
والشيء المؤسف حقا اننا لم نشاهد من خلال القنوات الفضائية اي برنامج من البرامج التلفزيونية التي تقدم في مصر بث اي شيء عن هذا الخبر ، وكأن الحدث لا يهم المشاهدين لا في مصر ولا خارج مصر.
ولكننا نشكر الاستاذ الصحفي المخضرم عادل حموده رئيس تحرير جريدة «الفجر» الغراء التي نشرت الخبر وبكل شجاعة. وقد سبق لهذه الجريدة ان سلطت الاضواء على قضية نهب الاموال الذي قام به احد المواطنين المصريين وقبض عليه في دبي.
ويبدو ان نهب الاموال اهم بكثير من اهدار العرض وكرامة الانسان وآدميته. وإلا لكان الاعلامي اللامع عمرو أديب مقدم برنامج «القاهرة اليوم» عبر قناة «اليوم» الفضائية قام بتسليط الاضواء على ما نشر في جريدة «الفجر» كما حدث مع قضية نهب الاموال الذي اخذ هو ومعه الاستاذ احمد موسى الصحفي المرموق يتحدثان على مدى يومين في هذا الموضوع.
وفعل نفس الشيء مع موضوع المهندس احمد عز العضو البارز في الحزب الوطني وعضو فاعل في مجلس الشعب وشاركه في اليوم الاول الاستاذ احمد موسى، وفي اليوم الثاني الاستاذ مفيد فوزي الصحفي والاعلامي المخضرم الذي لم يتعرض للموضوع لا من بعيد ولا من قريب لانه بالفعل لا يهمه ان طلب رئيس المباحث من متهم قبطي «هات المدام وتعالى...» الاستاذ مفيد قبطي مصري، أما المتهم ومدامته اقباط غير مصريين.. غير شريفين كما جاء في قرار احد القضاة.
وحكم قضائي آخر يقرر فيه القاضي إلغاء وصاية أب قبطي عندما اسلمت الأم. لان يتعين ان يتبع الاولاد الدين الاصلح والاسلام هو اصلح الاديان.
وحكم قضائي ثالث يقرر القاضي انهاء حضانة أم قبطية بعد أن اسلم زوجها لانه يخشى ان يتأثر الطفل بعادات الكفر ان بقي مع الأم. وتهديد القاضي للمنتصرة زينب سعيد اثناء الجلسة قائلا لها.. اذا كان معي سكين لقتلتك به الأن.
با الله عليكم اين الأمان في بلد كان الملجأ والملاذ لكل مضطهد ومظلوم، واصبح الآن بلد الخوف والرعب لكل من لا يتبع الحكام الجدد.. حكام يريدون الغاء اسم مصر لانه اسم قبطي فرعوني كافر. ويجب اطلاق اسم اسلامي.. ناسين او متناسين ان اسم مصر ذكر في جميع الكتب السماوية ولو كان اسما لكفار، ما كان الله ذكره في الكتب السماوية.
اقول لهم ان فعلتم هذا تكونون قد ارحتم مصر الحضارة والثقافة والمحبة من انتماءكم لها.. فأنتم لا تستحقون شرف الانتماء لمصر.
لانكم فعلا غرباء.. ولستم الفاتحين الذين غزو مصر وظلوا طوال السنين يتكلمون عن سماحة الاسلام وقبوله للآخر على الرغم من احداث كثيرة كانت تثبت عكس ذلك ولكنها لم تصل الى ما وصلوا اليه هذه الأيام، وما يمكن ان يصلوا اليه من سيء الى الأسوأ.
والضحية اقباط مصر ومسلميها الرافضين لاي تغيب لانسانيتهم ووجودهم، حذاري .. حذاري يا ابناء مصر.

ليست هناك تعليقات: