الأحد، يناير 24، 2010

اخلعوا وجوهكم اخلعوا رؤوسكم

د. أفنان القاسم

نحو مؤتمر بال فلسطيني (25)

كيف ننظر إلى آخر تصريحات ومواقف البيت الأبيض من القضية المحور القضية الفلسطينية؟ كيف نتعامل مع فريق من سياسيين ومنظرين يقولون عن أنفسهم أسياد العالم؟ كيف نحلل خطابهم السياسي من خلال العلاقات التي تربطهم بالعالم؟ هذه الأسئلة يمكن طرحها أيضا على مستوى آخر يخص كل الأشكال اللغوية تحت شرط ربطها بقيم الواقع لا كما يقول جاكوبسون، فالواقع جوهر لغوي، وشأن ألسني. لهذا عندما يقول أوباما بأنه أخطأ في الحكم على قدرة الفلسطينيين والإسرائيليين في التوصل إلى سلام ما بينهم، ومنذ يومين في القاهرة كان واثقا من قدرة كل الأطراف على تحقيق ذلك، اللغة هنا هي الحاكم وليس حاكم أميركا، واللغة هنا هي الانعكاس للشرط السياسي، والشرط السياسي في نظام الإشارات هو الشيء الأساسي. وما تشي به اللغة المتقلبة بين ليلة وضحاها أخطر بكثير من الفعل الذي تعبر عنه، فهي تضعنا في قلب صورة حسية لشيزوفرينيا الخطاب، لفُصام لغوي ليس من الضرورة أن يكون فُصاما لمريض، ولكن في أبعاده السياسية نميز الانطواء على النفس، وهذه هي الحال مع الأمريكان، والتحليق في عالم الخيال والوهم وعدم الاتساق بين المزاج والفكر، وهذه هي حال الإسرائيليين، والبلاهة المبكرة البلاهة الخُلقية والخِلقية، وهذه هي حال السعوديين والأردنيين والباقين من الحكام العرب. ولشيزوفرينيا الخطاب دلالات في غاية الخطورة عندما تذهب كلينتون مثلا إلى حد التهديد بقطع المساعدات الأمريكية عن الفلسطينيين، فهم المحتلون لإسرائيل، وهم المعتدون، أو عندما يصرح نتنياهو أنه لن ولن ولن ولن، فهو صاحب الحق في كل شيء، أو عندما يردد عبد الله بن الحسين ما ليس هو نفسه به مقتنعا عن الشراكة والمنافسة والتساوي بين الحظوظ، فهو يطل برأسه علينا من كوكب آخر، أو عندما يرفض عبد الله بن عبد العزيز ما تحاول أمريكا إملاءه عليه، وفي الوقت نفسه تصل البضائع الإسرائيلية إلى أسواق مكة والمدينة والطائف من دون جمارك، فهو يتقن دور النعامة تمام الإتقان.

خطة أفنان القاسم في أنظمة الإشارات لها لغة خاصة بها هذا صحيح ولكنها تشترك مع غيرها من لغات وتؤثر فيها لتصل إلى معاني عديدة يمكن تنفيذها لتعطي على الأرض:

1) سياسة واضحة للأمريكان ليست متقلبة أو متوقفة على الظرف ومشروطة بحقها وبالحق العام.
2) سياسة عقلانية للإسرائيليين ليست متعنتة أو متمنعة بظرف مؤقت اليوم هو في صالحها وغدا في طالحها وإن طال الزمان.
3) سياسة واقعية للأردنيين والسعوديين (هم من نريد لتطبيق المرحلة الأولى من الإتحاد المشرقي) ليست متقوقعة أو متفرجة ورهينة بظرف هو غير ظرفها وشرط هو غير شرطها.

خطة أفنان القاسم هي خطة للخطاب السالم والفعل السالم، وهي خطة قادرة على جمع كل الأطراف من أجل تحقيق السلام، وإنهاء مشاكل فلسطين الفعلية، ومشاكل الأردن الفعلية، ومشاكل السعودية الفعلية، ومشاكل إسرائيل الفعلية، ومشاكل أمريكا الفعلية، وأبسط ما فيها مد يد العون للجميع من أجل خلع وجوههم وإن أمكن رؤوسهم: الطريقة الوحيدة لوضع حد لشيزوفرينيا الخطاب.
www.parisjerusalem.net

ليست هناك تعليقات: