الجمعة، يوليو 03، 2009

مواقع الكترونية، وتعليقات

د. فايز أبو شمالة
كان يجب أن أحذف الرسالة التي وصلتني عبر البريد الالكتروني، ولاسيما أن مرسلها يمتعض من مقالي السابق "لماذا نكتب؟"، ولكن لغة الرسالة تدل على أن المرسل ليس عربياً، والأخطاء الإملائية الواردة لا يقع فيها تلميذ مدرسة ابتدائي، فكيف بمن ينتقد مقالاً سياسياً، ويعترض على موقف فكري؟ لقد أثارت ريبتي ركاكة الرسالة، وضعف الصياغة اللغوية، وتذكرت إن هذه الطريقة في التعبير ليست بعيدة عن مسامعي، ولا عن مسامع كل عربي عاش تحت الاحتلال الإسرائيلي، واحتك باليهود، ولمزيد من التأكيد سأنقل الرسالة كما وصلتني، وهي التالية: "انا بقلك ليش بتكتب يا استاز فايز بختصار الاختصار علشان الدولارات علشان لفلوس فقط". هذه الطريقة في الرد لا ينطق فيها لسان عربي، وإنما هي لغة أجنبي يتعلم العربية، ومن مهماته متابعة ما ينشر في الصحف، وفي المواقع الالكترونية، واستقراء واقع المجتمع العربي الفكري والسياسي، وردة فعل كتاب الرأي تجاه المستجدات، ولا غرابة هنا أن يستثار هذا الغريب مما أكتب، وأن يغضب مني على طريقته.
لقد حفزني المرسل لأن ألجأ إلى محرك البحث "جوجل" لأتابع التعليقات على مقال "لماذا نكتب؟" وقلبت عدة صفحات، وفتحت عدداً من المواقع التي تسمح للقراء بالتعليق، فقرأت عشرات التعليقات التي تشير إلى أن كاتبها عربي، فيقول أحدهم: نكتب لأن الكتابة هي أحد أشكال التعبير عن الذات، والكاتب كالشاعر لا يستطيع إلا أن يكتب عندما يستثار من أحداث بعينها. وقرأت تعليقاً أخر يقول: نكتب لأن الكتابة تعمل على استقامة الفكر، وإذا استقام الفكر استقام السلوك. وتعليق آخر يقول لي: أكتب يا أبا شمالة، فخفقات أبجدياتك تكاد أن تلامس السماء، أكتب يا أخي وفضفض، فثرثرتك رمز لعبق وانتماء، همساتك آهات أرعدت، فأمطرت آمالاً أرقاً، وعناء، سنظل نقرأ، ونقرأ، ونقرأ حتى يعود المجد إلى وطن الأوفياء. وتعليق آخر يقول: الكتابة نوع من البوح بين الكاتب وبين نفسه. وقرأت تعليقاً يقول: نكتب لأن في الكتابة بيان وتبيين لحقائق ربما غيبت، وربما زورت، أو ربما استبدلت برذائل، ولا تصدق أن أمه أقرأ لا تقرأ، وأحد المعلقين يقول لي: كن كما الجبال كما البحر، كما شجر البرتقال. ولكن هنالك تعليق وحيد في أحد المواقع ضدي، ويقول لي كاتبه: "لا تكتب دخيل الله، لا تكتب، أو أكتب بلغة أخرى (إذا كنت تعرف) حتى تستطيع أن تقدم شيئاً مفيداً لقضيتك، لأنك حين تكتب بالعربية لا تكتب إلا نفاقاً يا فايز أبو شمالة.
مهما يكن، فإنني أحمد الله لأن مقالاتي لا تنشر في المواقع التي قد تخالفني الرأي، وإلا لكان بعض القراء قد علّق موقفي السياسي على أعواد المشانق.

ليست هناك تعليقات: