الأحد، يوليو 12، 2009

يا الأردنُّ، اتركْ لغزةَ أصبعَ موزٍ

د. فايز أبو شمالة
بعيداً عن حقل السياسة المتفجر، ربما أكون قد عثرت هذا الأسبوع على جواب لسؤال حيّر الناس في غزة؛ لماذا ارتفعت أسعار الفاكهة إلى هذا الحد الفاحش؟ بحيث وصل سعر كيلو الخوخ، أو الأجاص في غزة إلى دولارين تقريباً، ووصل كيلو الموز، والتفاح إلى دينار أردني، وبالمقارنة إلى الفترة التي لم تكن فيها اتفاقية وادي عربة الموقعة بين الحكومة الإسرائيلية والأردن سنة 1994 قد شقت طريقها للتأثير، حين كان سعر كل خمسة كيلو موز بدينار أردني، فهل أثرت الاتفاقية على الأسعار؟ وهل كان تدفق المنتجات الزراعية الإسرائيلية إلى الأردن سبباً في شح السوق بالفاكهة، وبالتالي ارتفاع الأسعار في غزة؟
ظننت أن الارتفاع الجنوني لأسعار الفاكهة في غزة يعود إلى الحصار، فإذا بالفاكهة عابرة للحصار، ودخولها غزة مصلحة للتاجر اليهودي، وتصل بشكل يومي، ثم ظننت أن السبب يعود إلى صعوبة المواصلات، والنقل، فإذا بالمواصلات ميسّرة كالسابق، ولا مشكلة في تنقل الفاكهة، ثم ظننت أن السبب يعود إلى ضرائب تفرضها حركة حماس، فإذا بحكومة حماس مع تسهيل دخول أي بضائع دون حسيب، وأخيراً حسبت أن جشع التجار وراء ارتفاع الأسعار، فإذا بهم يشترون الفاكهة بسعر مرتفع من إسرائيل، ويبكون على أيام الرخاء قبل أكثر من عشر سنوات، في تلك الأيام التي لم تكن فيها البضائع الإسرائيلية تعبر إلى الأردن، ولم يكن أمام التاجر اليهودي إلا قطاع غزة والضفة الغربية لتسويق منتجاته، وليس أمامه إلا قطاع غزة لشراء الطماطم، والخيار، الذي صار لا يساوي زراعته، إذ بلغ سعر صندوق الطماطم الذي يزن عشرة كيلو جرامات بسعر كيلو خوخ واحد! لأن إسرائيل لا تشتري من غزة، ولا تسمح لها بالتصدير إلى الخارج، لتتكدس الخضروات، وتباع بسعر التراب.
الإحصائية الصادرة عن وزارة الزراعة الأردنية تقول: أن تجار الخضار والفواكه استوردوا من إسرائيل خضار وفواكه، بكميات كبيرة، وتم ضخها للأسواق المحلية في الأردن. وقد اضطر بعض التجار إلى إيهام المستهلكين أن بعض المنتجات قدمت من مصر! وتظهر الإحصائية أن نحو 91% من فاكهة "الكاكا" التي يستهلكها الأردنيون مصدرها إسرائيل، فيما بلغت نسبة الفلفل الحلو 88.6% ، وقائمة الفاكهة طويلة جداً، وعريضة.
لو قلنا لإخواننا في الأردن: تبرعوا بالفاكهة لأهل غزة المحاصرة، التي لا سبيل لها للحصول على أي بضائع إلا من خلال المعبر الواصل بالدولة العبرية التي تتحكم بالأشياء، أما أنتم في الأردن، فأمامكم أسواق الدول العربية، والأجنبية لتشتروا منها ما طاب لكم من الفاكهة، وغيرها، إن عدم شراءكم الفاكهة الإسرائيلية يعني تكدسها لتكون من نصيب أهل غزة، وبأسعار يقدر عليها عامة الشعب كما السابق، إذ ليس أمام إسرائيل من مكان في العالم لتسويق الدرجة الثانية من منتجاتها الزراعية غير الأردن، وقطاع غزة.
إن حصل ذلك، وعاد سعر الفاكهة إلى ما كان عليه قبل اتفاقية وادي عربة، وصار الناس يشترون كل خمسة كيلو موز بدينار، سيرفع أهل غزة، والضفة الغربية أيديهم إلى السماء، ويدعون الله أن يمد في عمر جلالة الملك عبد الله الذي أطعمهم الفاكهة من جوعٍ.

ليست هناك تعليقات: