الخميس، يوليو 23، 2009

شركة الطاقة الفلسطينية .. تستحق وسام مصنوع من جلد الأحذية البالية

سامي الأخرس
اقل شيء يمكن أن يقدمه الإنسان في حالتنا المعاشة يومياً التي نصحو بها الساعة الثامنة صباحاً بلا كهرباء في مناخ تموز اللاهب حتى الساعة الثامنة مساءً، ثم التقطع في التيار الكهربائي كل خمس دقائق يدفع به المرء من أعصابه الكثير الكثير بعد يوم حار يلهب جسده وعقله، على العطل الذي يصيب حياته، وأجهزته الكهربائية التي لو أراد إصلاحها أو استبدالها يحتاج لثروة يرضى بها لعاب تجار الأنفاق، وجشع أشباه الرجال في جنة عدن القابعة تحت رحمة شركات الخصخصة والاستثمار بالبشر وبالخدمات، أمام هذه الحالة لا يسعني سوى الاقتراح بأن يكلل عنق القائمين على شركة الطاقة الفلسطينية من مديرها حتى غفيرها بوسام ولكن من نوع الجلد المصنوع من الأحذية البالية لأنه اقل ما يستحق هؤلاء اللصوص.
يعتقدون أن شعب غزة يقيم بفنادق خمسة نجوم، أو بفيلل وقصور بها مولدات كهربائية ضخمة لا تقف على مدار الساعة ومكيفات آخر طراز لا يبحثون عن كهرباء أو ضروريات وكلهم قادة ووزراء وأبناء أحزاب مدللون، فيتلاعبون بنا كيفما شاؤوا وهم محقين ولما لا وهم يدركون أن هذا الشعب مسدوح على قفاه ملكت منه البلادة حد اللامبالاة سوى بملء الأمعاء والاستلقاء بلحظة انتعاش بجوار هذه الزوجة يفرغ بها ما يضجره من شهوات، معتقداً إنه ملك كل ما يشبعه ويشبع عقلة وتفكيره الصغير، وإنه قهر الغيظ متناسياً إنه افرغ بوعاء مجرد من أي معاني الشعور والحياة.
أُدرك أن العديد سيتأفف من هذا المقال، ويخلق المبررات لشركة الطاقة الفلسطينية وكل شركات الاستثمار مرتدياً ثوب الوقار والعقلانية الأكذوبة التي يتجملون بها، ويرتدون شكلها الجمالي، ولكنها عفنة بداخلها يتكور بها جسد مجرد سوى من ألوان المكياج الزاهية اللامعة، البراقة، يعيش في خداعها كما تعيش الأنعام.
لست غاضباً وأنا أكتب تلك الكلمات، ولست في ثورة غضب وهيجان ولكنها نتاج حالة ترصد لأكثر من عام، أراقب بها ساعات استقبال الضيف العزيز" التيار الكهربائي"، فأحياناً أمنحهم العذر في فعل ما يشاؤوا لأنهم أمام شعب ارتضى الخضوع والخنوع والاستسلام، لا يقوى سوى على التصفيق كلما قطع التيار وأعيد مرة أخرى، مهرجين في حفلات ساخرة على أنغام الوجع والاه، وفي الختام يقولون لنا إصلاحات، هذه الإصلاحات اليومية لأكثر من ثلاثة أعوام كانت كفيلة بأن يقوم مبتدئين لا يفقهون بأعمال الصيانة من إمداد دولة جديدة في صحراء بشبكة كهرباء ، ولكنهم يتلاعبون بهذا الشعب لصالح كروشهم العفنة، ويتلاعبون بهذا الفقير الذي بالكاد يستحصل على قوته اليومي، ورغم ذلك فهو يستحق لأنه يدفن رأسه في وحل الخضوع والاستسلام، وهنا صدق رفيقنا المفكر " غازي الصوراني" وهو يحدثني بشجون عند سؤاله عن هؤلاء الفقراء، فيقول عن تجربة له في اقبية التحقيق بالأردن" في زمن السبعينات وأنا أعذب بالسوط بوضع اسماه الدجاجة" أي جعلوا من جسده دجاجة أرجلها عند رأسها" نظرت إلى الوجوه التي تضربني بالسوط فإذ هي عسكريان فقيران، فقلت بيني وبين نفسي يعذباني لأنني أدافع عنهم، وعن قضاياهم، هل ما افعله صواب؟!!
وهل نحن ما نفعله صواب في الدفاع عن هؤلاء وباسمهم "الفقراء" الذين دفنوا رؤوسهم في التراب واستلقوا في جهنم العذابات كأدوات تنفيذ؟
لست ميقناً أن النهاية ستكون هنا، بل هي ما ستمليه علينا الأيام عندما ننحدر لمزيداً من نار جهنم الحياة والاستزلام على نسائنا فقط إن كانت هذه النسوة في داخلها تنظر إلينا كرجال.
وآخر كلماتي وبكل قناعة وإصرار أتمني أن يأتي يوماً ونكلل أعناق شركة الطاقة الفلسطينية فعلاًُ أوسمة ولكنها مصنوعة من جلد الأحذية البالية لأنهم لا يستحقون أكثر من ذلك.

ليست هناك تعليقات: