الثلاثاء، يوليو 14، 2009

المؤامرة على حركة فتح تشتد

محمد داود

منذ أن تفجرت الثورة الفلسطينية في الأول من يناير عام 1965، أعلنت حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" كبرى الفصائل الفلسطينية عن مشروعها الثوري المقاوم نحو تحرير فلسطين من براثن الاحتلال الإسرائيلي، وسرعان حتى تولت زمام قيادة "م.ت.ف" وانضمت العديد من الفصائل الفلسطينية لحركة فتح وللمنظمة، وتبنوا أفكارها، على أن تكون رائدة المشروع الوطني الكفاحي.



فقد أرادت فتح من خلال انخراطها في المنظمة بهذه القوة إلى تطويعها للسير في ركاب إستراتيجية الحركة التي قامت على الاستقلال المطلق للتنظيم وصنع القرار الفلسطيني بعيداً عن الحكومات العربية وأولوية الكفاح المسلح كوسيلة لتحرير فلسطين.



ولكن ما أصاب المنظمة أصاب فتح أيضاً، فهي تعرضت لمحاولات الاحتواء والنيل من بعض النظم الإقليمية والدولية، والتي أخذت أشكالاً مختلفة ربما طغى الدعم المادي والسياسي والعسكري على تلك الأدوات، بهدف الاستحواذ على قراراها، رغم ذلك أفشلت المنظمة وحركة فتح التي يترأسهما الرئيس الشهيد "ياسر عرفات" كل محاولات السيطرة والتجيير، فشنت المقاطعة والحصار عليهم ووصلت لحد حرب الإبادة والاغتيالات بحق فصائل منظمة التحرير وحركة فتح، كانت أشدها حرب لبنان وحصار بيروت الشهير عام 1982، ولكن حركة فتح بقيت صامدة، وأسقطت الرهان بفضل الالتفاف الشعب الفلسطيني الواسع حولها في الداخل والشتات، فازدادت قوة وقبول واهتمام عربي ودولي ومد ودعم جماهيري عربي.



وفي محاولة ثانية لشطب الحركة التاريخية عن الخارطة الفلسطينية السياسية ومن قيادة الشعب الفلسطيني، ذهبت بعض النظم إلى خلق انشقاقات وتمردات داخل صفوف الحركة الرائدة بهدف تمزيقها، لكن الواقع أثبت في كل مرة صحة المثل الذي يقال بأن الضربة التي لا تميتني فهي تقويني.

ونسوا أن الفلسطينيين تحرروا نسبياً من ضغوط التبعية والوصاية التي فرضها النظام العربي الرسمي وكانت المفاجأة أنه بدلاً من أن تعارض الأنظمة العمل المسلح بأكمله راحت تتنافس على دعمه، وهي حنكة وقدرة من الشهيد ياسر عرفات.

ومع كل هذا الاستقطاب استمرت الحرب على حركة فتح ولن تنتهي لاسيما بعد أن دخلت الحركة "غمار عملية التسوية"، فنجحت في الجمع بين الثنائيتين "المقاومة والتفاوض" بقيادة الشهيد ياسر عرفات، الذي حافظ على الثوابت الوطنية للشعب الفلسطيني، وهذا ما لمسناه في خطابه الإعلامي الثوري التعبوي، حتى أثناء حصاره في مقر المقاطعة.



وهكذا لم يفلح الاحتلال الإسرائيلي في استئصال أو تصفية وتفكيك حركة فتح منذ نصف قرن وهو أمراً صعباً للغاية على غيره، رغم استشهاد الرئيس عرفات وما تعرضت له فتح من ضربة أخرى، فكان الرئيس عباس المنقذ والمسعف لها، وفي لملمة جراح الحركة ورص صفوفها من جديدة، رغم المحن والشدائد.



وفي محاولة رابعة أو خامسة، تعرضت حركة فتح لضربة جديدة عقب سيطرة حركة حماس على قطاع غزة منتصف يونيو 2007، إلا أن حركة فتح بقيت محافظة على كيانها ووجودها رغم إجراءات المنع والاعتقال والحظر، وصلت الجرأة عند البعض باستغلال الاسم الحركي وبدعم خارجي بهدف تفتيتها، وذلك باصطناع مسميات فصائلية جديدة قريبة منها أبرزها "المجلس الثوري-فتح الانتفاضة- فتح الياسر و..)

هذا يعني أن الحركة تتعرض لمحاولات تدمير من الداخل، إذ أن المؤامرات المدبرة والمهلكة التي تحاك في العادة تأتي من الداخل، ومن هنا تأتي الهزيمة والإحباط، وما تصريحات السيد أبو اللطف إلا جزءاً من محاولات التدمير والمس بالقيادات الوطنية، في اللحظة التي نجح الرئيس عباس وقيادات فتح من وضع اللمسات الأخيرة لانعقاد مؤتمر فتح السادس الذي طال انتظاره.

ونتساءل هنا، هل يستند تصريح السيد أبو اللطف بعد سنواتٍ مضت على استشهاد الرئيس إلى دليل مادي، أم أن تصريحه عابر يندرج في إطار الاختلاف مع الرئيس حول مكان انعقاد المؤتمر والأشخاص المشاركة ..؟ وهل تصمد حركة فتح أمام كل هذه المؤامرات كما عودتنا؟

كاتب وباحث

ليست هناك تعليقات: