راسم عبيدات
يذكر التاريخ أن العرب في الجاهلية عبدوا الأصنام،وكانت تلك الأصنام تحظى بهالة عالية وحالة من القداسة،ويقال أن أكبر الأصنام القرشية يدعى هبل،وكان اعتقاد العرب أن تلك الأصنام تجلب لهم السعادة والسرور وحسن الطالع والخير وتحجب وتمنع عنهم الشرور وسوء الطالع،وكانوا يقدمون لها القرابين والهدايا،ومع بزوغ فجر الإسلام ورسالة التوحيد،شن النبي محمد(صلعم) ومن قبله أبونا ابراهيم عليه السلام حملة شعواء على عبدة هذه الأصنام،وعملوا على تحطيمها،على أساس أنها لا تغني ولا تسمن من جوع،بل أن القيام على عبادتها وخدمتها مضيعة للوقت،
وفي عالمنا العربي والذي هو عبارة عن إقطاعيات ومماليك للتوريث،فالملك يورث والرئيس يورث والأمير يورث وحتى القائد الثوري يورث،والتعليم والبحث العلمي فيه في أدنى سلم الأوليات،حيث أن معظم الدراسات تشير إلى أن ما يحظى به البحث العلمي عند العرب في أحسن حالته لا يتجاوز 1 % وفي أكثر دوله غنى وثراء والأمية فيه لا تقل عن 60 % عند نساءه،والتعليم في تدهور وتراجع مستمرين والمناهج في أغلبها لا تواكب التطورات العلمية والثورة المعلوماتية والتكنولوجية،بل هناك من يطرح العودة بها إلى عهد"الكتاتيب"،وتحريم تدريس العديد من العلوم،وهنا أسوق لكم مثالاً يبين لكم مدى تشربنا للجهل والتخلف والجمود العقائدي،فقد اتصلت بي مديرة إحدى المدارس الإعدادية،على اعتبار أنني ناشط في قضايا التعليم،بأن هناك عدد من مشايخ "الكتاتيب" والمتباكين على مجد خلافة،لم تجلب لنا ولأمتنا العربية سوى حقبة طويلة من الجهل والتخلف،وكذلك علقت على أعواد مشانقها الكثير من رقاب أحرار وقادة أمتنا،بأنهم يحتجون على صورة لكنيسة الجسمانية في القدس وردت في كتاب مادة التربية الوطنية مقابلة لصورة المسجد الأقصى،وهذا لا يجوز شرعاً من وجهة نظرهم،وهذا يذكرني بحال الذين يختزلون الدين إلى درجة الإسفاف لكل ما يتعلق بالمرأة، هل تقود سيارة بمفردها أم لا،تسافر بالطائرة مع محرم أو بدونه،تشارك في الانتخابات والترشح أم لا،في الوقت الذي تغتصب فيه أمة بأكملها وتستباح أوطان وتحتل بلدان،ولا يحرك أحداً ساكناً في مثل هذه القضايا الكبرى...الخ
والمشكلة عندما عربياً هو سيطرة الأبوية،وليس وجود عقول وطاقات إبداعية،بل تجد أن هناك معالجات ودراسات كثيرة على المستوى النظري،ولكن الحلول والتطبيقات،استناداً لتلك النظريات والدراسات لا تجد لها طريقاً للتنفيذ،ولا تجد من يعلق الجرس،لأنك في الكثير من الأحيان ،تجد من يطالب بإقامة الحد على دعاة التطوير والتغير أو تكفيرهم،وحتى اتهامهم بخدمة دول وأجندات خارجية،أو أن من هو معني باستمرار حالة التخلف والجهل،وحتى يضمن استمرار سيطرته على شعبه وقهره وإذلاله،معني بانتشار ثقافة الشعوذة والسحر والأساطير.
وإذا كان الحديث في الاقتصاد يجري عن صنمية البضاعة،فهو عندنا في الجوانب العلمية والأكاديمية يعني صنمية وجمود المناهج والامتحانات،ولكن مع فارق في المعنى والمضمون في الحالتين،ولا أعرف ولا أذكر من كان له من وزراء التربية والتعليم في الحقبة الأردنية شرف تحطيم صنمية امتحان السادس الابتدائي ومن بعده تحطيم صنمية "المترك" الثالث الإعدادي،أو ربما لم ينل أحد من الوزراء هذا الشرف،فربما صدر مرسوم ملكي به .
وعلى كل مشكور كل من كان له شرف تحطيم هاتين الصنميتين،أما الصنمية الكبرى امتحان الثانوية العامة"التوجيهي" فيبدو أن عملية التحطيم والتي لم ينل أحد شرفية تحطيمها حتى اللحظة الراهنة،فيبدو أنها على نحو أعقد وأصعب،وربما تكون بحاجة الى جراحة وعملية من نوع خاص،شبيهة بالعمليات الاستشهادية التي تنفذها قوى المقاومة،ضد قوات الاحتلال في أكثر من بلد ودولة.
فهذا الامتحان بالمعنى العام عندنا عربياً وفلسطينياً،يعد ويهيئ الطالب للجامعة وليس للواقع العملي،والجامعات تستقبل الخريجين فقط من الفرعين العلمي والأدبي،وبحدود ما تسمح به طاقاتها الاستيعابية،وبما لا يتعدى 40 % من إعداد الخريجين،والباقي من تسمج له إمكانياته المادية بالتعليم في الجامعات الأهلية أو الجامعات العربية وغيرها يلتحق بها،ومن تبقى يلقى به الى سوق البطالة أو العمل الأسود،على اعتبار أن السوق بحاجة إلى العامل الماهر أو التقني أو المهني،وهذه المهارات غير متوفرة عند الطالب المنهي لدراسته الثانوية حديثا.
وهنا علينا القول أن هناك نظرة دونية للفروع الأخرى للثانوية العامة،سواء الزراعي أو التجاري أو الصناعي،وتترسخ قناعات عند الأهل والشعب،بأن من يلتحق بهذه الفروع هم الطلبة غير الناجحين أو المتفوقين أكاديمياً،وهذه النظرة والثقافة هي التي تجعل الإقبال على هذه الفروع قليلة،وبالتالي تجعل هذه الفروع والتخصصات غير ناجحة ومجدية،وهذا يذكرنا بحال العمل الجماهيري في الأحزاب اليسارية،على رغم من أهميته وقيمته العالية،كان يجري تحويل الكادرات التي لها مشاكل مع الأحزاب أو ضعيفة الإنتاجية لهذا العمل،وذلك لكي تزيد المأساة مأساة والطينة بلة،وكذلك لمعالجة هذه الظاهرة،فالبضرورة أن يتم العمل على تغير الأفكار والرؤى تجاه التعليم المهني والتقني.
فاليوم في ظل الثورة المعلوماتية والتطورات العاصفة صناعياً،فهذا التعليم- أي المهني والتقني - له الأولية على أفرع التعليم الأخرى،وهذا يستدعي البحث عن حلول خلاقة،تتجاوز امتحان الشهادة الثانوية العامة،والذي أصبح قيد وكابوس،ليس على الطالب وحده،بل وعلى الأهل ووزارة التربية وإدارات المدارس والمدرسين أنفسهم،ولا تفيد الحلول الترقيعية من طراز تقديم الامتحان على فصلين،أو السماح للطالب المكمل بمادتين إعادة الامتحان والإكمال في تلك المواد،أو إعطاء فترة زمنية أطول للامتحانات،تصل إلى أكثر من عشرين يوم،حيث تبقى ليس أعصاب الطالب مشدودة،بل وتعلن حالة استنفار كاملة عند أهالي الطلبة الممتحنين،وأيضاً وزارة التربية وإدارات المدارس،حيث أن ذلك يحتاج إلى تجنيد الكثير من الجهد والطاقات،وتكون هناك عملية تشديد وتشدد في الامتحانات،مرافقة لهذا الامتحان وتعلن التربية عن أهمية وما يكتسبه هذا الامتحان من دور وتقرير مصير لمستقبل الطالب،أي يتم وضع الطالب في أجواء من الرهبة والخوف ..الخ.
هذا الامتحان أرى أن يستعاض عنه بتفكير ورؤى جديدة تتلائم مع الظروف والتطورات العملية،بحيث يجري التفكير بشكل جدي بالتعليم الشامل،الذي يدمج ما بين المواد الأكاديمية والعملية،وتحدد الخيارات والتخصصات بناء على رغبات الطالب،ووفق النظام الجامعي،مواد تخصص ومتطلبات تخصص ومواد اختيارية.
فالتحديات الكبرى تتطلب منا أن نغادر خط سير ووعينا القديم،نحو مواكبة التطورات الجديدة وخط سير ووعي جديد ،قادر على مواكبة التطورات وفق مناهج ودراسات وأبحاث علمية تتلائم وتستجيب للواقع،وقيادات مبدعة وخلاقة،قادرة على اتخاذ قرارات،قرارات بتحطيم الصنم الأكبر- امتحان الثانوية العامة- وبما يخدم طلبتنا وينقذ مستقبلهم ومستقبل شعوبنا وأمتنا.
يذكر التاريخ أن العرب في الجاهلية عبدوا الأصنام،وكانت تلك الأصنام تحظى بهالة عالية وحالة من القداسة،ويقال أن أكبر الأصنام القرشية يدعى هبل،وكان اعتقاد العرب أن تلك الأصنام تجلب لهم السعادة والسرور وحسن الطالع والخير وتحجب وتمنع عنهم الشرور وسوء الطالع،وكانوا يقدمون لها القرابين والهدايا،ومع بزوغ فجر الإسلام ورسالة التوحيد،شن النبي محمد(صلعم) ومن قبله أبونا ابراهيم عليه السلام حملة شعواء على عبدة هذه الأصنام،وعملوا على تحطيمها،على أساس أنها لا تغني ولا تسمن من جوع،بل أن القيام على عبادتها وخدمتها مضيعة للوقت،
وفي عالمنا العربي والذي هو عبارة عن إقطاعيات ومماليك للتوريث،فالملك يورث والرئيس يورث والأمير يورث وحتى القائد الثوري يورث،والتعليم والبحث العلمي فيه في أدنى سلم الأوليات،حيث أن معظم الدراسات تشير إلى أن ما يحظى به البحث العلمي عند العرب في أحسن حالته لا يتجاوز 1 % وفي أكثر دوله غنى وثراء والأمية فيه لا تقل عن 60 % عند نساءه،والتعليم في تدهور وتراجع مستمرين والمناهج في أغلبها لا تواكب التطورات العلمية والثورة المعلوماتية والتكنولوجية،بل هناك من يطرح العودة بها إلى عهد"الكتاتيب"،وتحريم تدريس العديد من العلوم،وهنا أسوق لكم مثالاً يبين لكم مدى تشربنا للجهل والتخلف والجمود العقائدي،فقد اتصلت بي مديرة إحدى المدارس الإعدادية،على اعتبار أنني ناشط في قضايا التعليم،بأن هناك عدد من مشايخ "الكتاتيب" والمتباكين على مجد خلافة،لم تجلب لنا ولأمتنا العربية سوى حقبة طويلة من الجهل والتخلف،وكذلك علقت على أعواد مشانقها الكثير من رقاب أحرار وقادة أمتنا،بأنهم يحتجون على صورة لكنيسة الجسمانية في القدس وردت في كتاب مادة التربية الوطنية مقابلة لصورة المسجد الأقصى،وهذا لا يجوز شرعاً من وجهة نظرهم،وهذا يذكرني بحال الذين يختزلون الدين إلى درجة الإسفاف لكل ما يتعلق بالمرأة، هل تقود سيارة بمفردها أم لا،تسافر بالطائرة مع محرم أو بدونه،تشارك في الانتخابات والترشح أم لا،في الوقت الذي تغتصب فيه أمة بأكملها وتستباح أوطان وتحتل بلدان،ولا يحرك أحداً ساكناً في مثل هذه القضايا الكبرى...الخ
والمشكلة عندما عربياً هو سيطرة الأبوية،وليس وجود عقول وطاقات إبداعية،بل تجد أن هناك معالجات ودراسات كثيرة على المستوى النظري،ولكن الحلول والتطبيقات،استناداً لتلك النظريات والدراسات لا تجد لها طريقاً للتنفيذ،ولا تجد من يعلق الجرس،لأنك في الكثير من الأحيان ،تجد من يطالب بإقامة الحد على دعاة التطوير والتغير أو تكفيرهم،وحتى اتهامهم بخدمة دول وأجندات خارجية،أو أن من هو معني باستمرار حالة التخلف والجهل،وحتى يضمن استمرار سيطرته على شعبه وقهره وإذلاله،معني بانتشار ثقافة الشعوذة والسحر والأساطير.
وإذا كان الحديث في الاقتصاد يجري عن صنمية البضاعة،فهو عندنا في الجوانب العلمية والأكاديمية يعني صنمية وجمود المناهج والامتحانات،ولكن مع فارق في المعنى والمضمون في الحالتين،ولا أعرف ولا أذكر من كان له من وزراء التربية والتعليم في الحقبة الأردنية شرف تحطيم صنمية امتحان السادس الابتدائي ومن بعده تحطيم صنمية "المترك" الثالث الإعدادي،أو ربما لم ينل أحد من الوزراء هذا الشرف،فربما صدر مرسوم ملكي به .
وعلى كل مشكور كل من كان له شرف تحطيم هاتين الصنميتين،أما الصنمية الكبرى امتحان الثانوية العامة"التوجيهي" فيبدو أن عملية التحطيم والتي لم ينل أحد شرفية تحطيمها حتى اللحظة الراهنة،فيبدو أنها على نحو أعقد وأصعب،وربما تكون بحاجة الى جراحة وعملية من نوع خاص،شبيهة بالعمليات الاستشهادية التي تنفذها قوى المقاومة،ضد قوات الاحتلال في أكثر من بلد ودولة.
فهذا الامتحان بالمعنى العام عندنا عربياً وفلسطينياً،يعد ويهيئ الطالب للجامعة وليس للواقع العملي،والجامعات تستقبل الخريجين فقط من الفرعين العلمي والأدبي،وبحدود ما تسمح به طاقاتها الاستيعابية،وبما لا يتعدى 40 % من إعداد الخريجين،والباقي من تسمج له إمكانياته المادية بالتعليم في الجامعات الأهلية أو الجامعات العربية وغيرها يلتحق بها،ومن تبقى يلقى به الى سوق البطالة أو العمل الأسود،على اعتبار أن السوق بحاجة إلى العامل الماهر أو التقني أو المهني،وهذه المهارات غير متوفرة عند الطالب المنهي لدراسته الثانوية حديثا.
وهنا علينا القول أن هناك نظرة دونية للفروع الأخرى للثانوية العامة،سواء الزراعي أو التجاري أو الصناعي،وتترسخ قناعات عند الأهل والشعب،بأن من يلتحق بهذه الفروع هم الطلبة غير الناجحين أو المتفوقين أكاديمياً،وهذه النظرة والثقافة هي التي تجعل الإقبال على هذه الفروع قليلة،وبالتالي تجعل هذه الفروع والتخصصات غير ناجحة ومجدية،وهذا يذكرنا بحال العمل الجماهيري في الأحزاب اليسارية،على رغم من أهميته وقيمته العالية،كان يجري تحويل الكادرات التي لها مشاكل مع الأحزاب أو ضعيفة الإنتاجية لهذا العمل،وذلك لكي تزيد المأساة مأساة والطينة بلة،وكذلك لمعالجة هذه الظاهرة،فالبضرورة أن يتم العمل على تغير الأفكار والرؤى تجاه التعليم المهني والتقني.
فاليوم في ظل الثورة المعلوماتية والتطورات العاصفة صناعياً،فهذا التعليم- أي المهني والتقني - له الأولية على أفرع التعليم الأخرى،وهذا يستدعي البحث عن حلول خلاقة،تتجاوز امتحان الشهادة الثانوية العامة،والذي أصبح قيد وكابوس،ليس على الطالب وحده،بل وعلى الأهل ووزارة التربية وإدارات المدارس والمدرسين أنفسهم،ولا تفيد الحلول الترقيعية من طراز تقديم الامتحان على فصلين،أو السماح للطالب المكمل بمادتين إعادة الامتحان والإكمال في تلك المواد،أو إعطاء فترة زمنية أطول للامتحانات،تصل إلى أكثر من عشرين يوم،حيث تبقى ليس أعصاب الطالب مشدودة،بل وتعلن حالة استنفار كاملة عند أهالي الطلبة الممتحنين،وأيضاً وزارة التربية وإدارات المدارس،حيث أن ذلك يحتاج إلى تجنيد الكثير من الجهد والطاقات،وتكون هناك عملية تشديد وتشدد في الامتحانات،مرافقة لهذا الامتحان وتعلن التربية عن أهمية وما يكتسبه هذا الامتحان من دور وتقرير مصير لمستقبل الطالب،أي يتم وضع الطالب في أجواء من الرهبة والخوف ..الخ.
هذا الامتحان أرى أن يستعاض عنه بتفكير ورؤى جديدة تتلائم مع الظروف والتطورات العملية،بحيث يجري التفكير بشكل جدي بالتعليم الشامل،الذي يدمج ما بين المواد الأكاديمية والعملية،وتحدد الخيارات والتخصصات بناء على رغبات الطالب،ووفق النظام الجامعي،مواد تخصص ومتطلبات تخصص ومواد اختيارية.
فالتحديات الكبرى تتطلب منا أن نغادر خط سير ووعينا القديم،نحو مواكبة التطورات الجديدة وخط سير ووعي جديد ،قادر على مواكبة التطورات وفق مناهج ودراسات وأبحاث علمية تتلائم وتستجيب للواقع،وقيادات مبدعة وخلاقة،قادرة على اتخاذ قرارات،قرارات بتحطيم الصنم الأكبر- امتحان الثانوية العامة- وبما يخدم طلبتنا وينقذ مستقبلهم ومستقبل شعوبنا وأمتنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق