الأحد، أبريل 19، 2009

العلاقات العربية – الإيرانية حاضراً ومستقبلاً

راسم عبيدات

........مما لاشك فيه أن العلاقات العربية الإيرانية على درجة من التشابك والتعقيد،والمأساة هنا أن العرب لا يتعاملون مع إيران،لا وفق منظار ديني ولا حتى مصلحي،بل في كثير من الأحيان ما يفرض طبيعة الموقف والعلاقة،هو اعتبارات خارجية،سببها ارتهان الكثير من أنظمة النظام الرسمي العربي في مواقفها وسياساتها إلى الموقف والإرادة الأمريكية،فأنظمة لا تملك قرارها السياسي،وتعتمد في وجودها وبقاءها على كراسيها في الحكم إلى أمريكا،وتخصي عن قصد الخيار العسكري والمقاوم،يستحيل عليها أن تنطلق وترسم علاقاتها مع إيران وفق المصالح القومية العربية،فنحن على سبيل المثال لا الحصر،ورغم أن إيران كانت تحتل الجزر الامارتية الثلاث منذ زمن الشاه،فلم نسمع عن إيران الفارسية والمجوسية والشيعية،ومع انتصار الثورة الخمينية في إيران،والتحول في الموقف الإيراني من أمريكا وإسرائيل،وجدنا تحولاً في الموقف الرسمي العربي من إيران،وفي الحرب العراقية- الإيرانية،والتي هدفت بالأساس إلى إضعاف إيران والعراق ومنع تحولهما إلى قوى إقليمية وبما يضمن استمرار سيطرة أمريكا على،المنطقة،وجدنا دول الخليج وما يسمى بمعسكر الاعتدال العربي تدعم العراق من أجل استمرار هذه الحرب،وما أن توقفت تلك الحرب بعد ثماني سنوات من الحرب المتواصلة،حتى أدارت تلك الدول وبقرار أمريكي ظهر المجن للعراق،لنرى لاحقاً الكثير من الدول العربية تصطف مع أمريكا ضد العراق،ولتساهم لاحقاً في احتلاله أمريكياً،وهناك محطات هامة لعبت الدور البارز في تحديد ورسم شكل وطبيعة العلاقات العربية- الإيرانية،فمن جهة بعد أحداث الحادي عشر من أيلول/2001 ،وما يسمى بالحرب على الإرهاب،صنفت أمريكا إيران وسوريا ومعها أيضاً كل قوى المقاومة العربية والفلسطينية بما فيها حزب الله وحماس ضمن خانة محور الشر،ومارست كل أشكال وأنواع العقوبات الاقتصادية والتجارية والمالية والدبلوماسية والعزل والحصار بحقها،وبالمقابل اصطفت إلى جانبها أغلب دول النظام الرسمي العربي،ولكن فشل السياسة الخارجية الأمريكية بدء من أفغانستان ومروراً بالعراق ولبنان وانتهاء بفلسطين،قاد الى عدد من التحولات والتبدلات الإقليمية،فإيران وحلف المقاومة والممانعة والمعارضة العربية،بدء بالتقدم على حساب تآكل في شعبية وحضور التيار المعتدل،فإيران لم تتراجع عن قرارها بامتلاك التكنولوجيا والسلاح النووي وغدت قوة إقليمية وسوريا لم تعزل ويسقط النظام،ودخول إيران كلاعب قوي على ملعب المصالح الأمريكية،قاد إلى دفع أمريكا لإسرائيل لكي تخوض عنها ولأول مرة حرباً بالوكالة من أجل الدفاع عن هذه المصالح وخلق ما يسمى بالشرق الأوسط الجديد،ولكن ثبت أن حزب الله ومعه حلفاءه إيران وسوريا أجهضوا هذه الولادة،وهذا عكس نفسه على محور الاعتدال العربي الذي زاد حضوره وشعبيته تأكلا ،ناهيك عن مصادرة إيران وقوى إقليمية أخرى الدور العربي والإقليمي لدول عربية كبرى مثل السعودية ومصر،هو الذي دفع بهذه الدول وأيضاً بقرار أمريكي،لشن حملة على إيران وقوى المقاومة العربية والخطر الإيراني على ما يسمى بالأمن القومي العربي المفقود،وشنت الحملة تحت يافطة وغطاء المذهبية نشر التشيع في الوطن العربي،ومع انكشاف دور النظام الرسمي العربي وفي المقدمة منه مصر والسعودية في التأمر والمشاركة في الحرب العدوانية التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة في كانون أول/ 2008 ،خلق نوع من الاصطفافات الجديدة ،حيث أن دولة بحجم دولة قطر لعبت دوراً إقليميا أكبر من قوتها وقدراتها،وأصبحت تقترب من المعسكر الإيراني – السوري وقوى المقاومة اللبنانية والفلسطينية،وبالمقابل وجدنا النظام المصري يشن حرباً غير مسبوقة على حزب الله حليف إيران القوي،وهذه التحالفات والاصطفافات العربية،تجعلنا نقول بأن هناك غياب كلي لمفهوم الأمن القومي العربي،وعدم امتلاك الكثير من أنظمة النظام الرسمي العربي لقرارها السياسي ورهن إرادتها للخارج،هو الذي يدفعها في سبيل حماية عروشها الى تضخيم المخاطر الإيرانية على المصالح العربية والأمن القومي العربي،الذي تذبحه هي ليل نهار وتتباكى عليه،وبغض النظر فلكل دولة مصالح وأهداف وأطماع،والأطماع الإيرانية والأهداف في العراق واحتلال الجزر الإماراتية الثلاث، بالإمكان حلها وتسويتها في إطار من التفاهم ،ولكن ما هو غير مفهوم أن إيران التي تساند العرب في الكثير من القضايا،وهي ليست لها أطماع في فلسطين ولا سوريا ولا حتى مصر ومن بعدها السعودية،نساوي بين خطرها وأطماعها والخطر الأمريكي والغربي والإسرائيلي على المنطقة العربية،فإيران لم تزرع إسرائيل في قلب الوطن العربي،ولا تدعم هيمنتها وسيطرتها على المنطقة العربية،ومن هنا أقول أن شكل العلاقات العربية- الإيرانية له علاقة بالتطورات والتغيرات الحاصلة إقليميا ودولياً،وما يفرضه هو طبيعة هذه التطورات والتغيرات وليس الواقع العربي نفسه وخاصة المعتدل منه،فأي انفراج أمريكي- إيراني سيعكس نفسه على علاقة إيران مع معسكر الاعتدال العربي،على اعتبار أن هناك علاقة تحالف وثبات ما بين سوريا وإيران وحلفائهما،وأي تصعيد أيضاً سيعكس نفسه بالاتجاه المعاكس على هذه العلاقات.

ومن هنا يجب القول أن إيران أضحت قوة إقليمية تلعب وتؤثر في أكثر من ساحة العراق وسوريا ولبنان وفلسطين والخليج نفسه،وهي جارة لكل الدول العربية ويربطها الكثير من الوشائج والعلاقات والمصالح بالعالم العربي،وهي تقف في موقع متصادم مع المشاريع الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة،ولذلك يجب العمل على صوغ تحالفات وعلاقات معها بما يضمن مصالحها والمصالح العربية،وعلى العرب أن يعوا جيداً ما قاله "تشرشل" الزعيم البريطاني ومن بعده "كوندليزا رايس" وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة،بأن الغرب وأمريكا ليس لهم أصدقاء دائمين،بل لديهم مصالح دائمة،وعليهم أن يتصرفوا مع الغرب وأمريكا وفق هذه القاعدة،بدلاً من إضاعة الوقت في عمليات التحريض على تفتيت وتفسيخ الموقف العربي،بالحديث عن المذهبية والخطر الفارسي والمجوسي،فالخطر القادم من إسرائيل وأمريكا والغرب،أخطر بمئات المرات من ما يسمى بالخطر الإيراني،فأمريكا هي من احتلت العراق بمشاركة عربية وإسرائيل هي من يحتل فلسطين أيضاً بمشاركة رسمية عربية،فإيران لا تحاصر شعب فلسطين ولا تمنع عنه الغذاء والدواء ولا تحتل لا الجولان ولا حتى سيناء التي لا يسمح للمصريين،بإدخال جندي إضافي إليها إلا بأمر أمريكي- إسرائيلي.

القدس- فلسطين

ليست هناك تعليقات: