الأحد، أبريل 12، 2009

حاسبوهم

سعيد علم الدين

حاسبوهم على الأربع سنوات التي مضت، وليس لما يعدونكم به اليوم من عسل الكلام الانتخابي الكاذب، ليغدروا بكم لأربع سنوات قادمة.
وكما غدر بكم جماعة النصر الإيراني دون أن يشعروا بآلامكم، ويحسوا بأوجاعكم، ويسمعوا حتى لأنات نسائكم وصراخ أطفالكم في قانا والضاحية وطرابلس وتعلبايا وسعدنايل ومروحين وصور وكل مناطق لبنان.
لبنان هذا البلد الديمقراطي العصري المنفتح المتحضر الذي زرعوه بالمستعمرات والأفكار الإيرانية المستوردة القادمة من عصور ما قبل التاريخ، ليخنع لإرهابهم وينصاع لثقافتهم القمعية السوداء.
حاسبوهم على ثعابينهم وأفاعيهم التي لدغتكم بسموم فتنتها، خطف الزيادين وغيرها من الفتن، لجركم إلى آتون الحرب الأهلية القاتلة، والمؤمن والذكي والنبيه واللبناني الشاطر "الحربوق" لن يلدغ من جحرهم مرتين!
حاسبوهم على الاعيبهم المكشوفة الشيطانية وأساليبهم الدموية العنفية في رفض المحكمة الدولية، ليستمر القتل بأحرار لبنان وينجوا المجرم من العقاب.
دماء الشهداء الأحرار تستصرخ ضمائركم!
استجيبوا لصرختها ففيها حريتكم وخلاصكم!
يَعِدُ اليوم جماعة الحزب اللاهي في كل مناسبة انتخابية من نصر الله الى قاسم الى رعد ببناء الدولة القوية والقادرة، ولو كان هذا صحيحا، لما عطلوا قيامها طيلة السنوات الأربع الماضية، ولانضموا اليها بجيوشهم الجرارة واسلحتهم المكدسة، وما شكلوا في قلبها دويلة تسعى للهيمنة عليها بقوة السلاح.
ويا للسخرية يجلسون بوجاهة او وقاحة على مقاعد الحكومة والنيابة من ناحية، ومن ناحية أخرى يطبخون المؤامرات ويفبركون الأكاذيب ويبثون الشائعات، ويعطلون العدالة، ويحرضون الناس طائفيا على بعضها من خلال أبواقهم، ويشنون الحروب المذهبية على إخوانهم بأيدي ميليشياتهم لإرهاب الشعب اللبناني وشل دولته المستباحة عن القيام بواجباتها في حماية مواطنيها.
حاسبوهم على الأربع سنوات التي مضت، وليس لما يعدونكم به اليوم من عسل الكلام الانتخابي في التغيير والاصلاح ومحاربة الفساد والإقطاع السياسي، ليغشوكم به لأربع سنوات قادمة.
وكما غشكم ميشال عون الذي نقل البندقية من كتف الى كتف وبوقاحة وعنصرية وحقد على اللبنانيين والحرية والسيادة والاستقلال لا يمكن بالكلمات ان توصف.
هو يريد التغيير والاصلاح ومحاربة الفساد ولم يقدم خلال السنوات الاربع الماضية من رابيته الشمطاء، نسبة اليه وليس الى الرابية العزيزة، الا التصاريح الاعلامية الجوفاء والاتهامات الفارغة بحق الشرفاء، دون ان يجرؤ على تشكيل لجنة في المكان الصحيح، أي في مجلس النواب وتقديم مشاريع قوانين ليرفق القول بالفعل.
هو يريد محاربة الاقطاع الساسي بعد ان حول تياره الحر الى عشيره اقطاعية عونية من الصهر الى البنت الى ابن العم والخال.
حاسبوهم على ما ارتكبوه بحقكم من اعتداءات وتهديدات وتحديات واستفزازات وأكاذيب وغش وتلفيق وافتراءات فقط لكي يسيطروا على بلدكم وليصبح لبنان تابعا لمحورهم المخرب لكل المنطقة العربية، وفي تسلل إيراني خبيث الأهداف من البوابة اللبنانية للسيطرة على العالم العربي وباعتراف نصر الله الذي أرسل مقاتليه الى العراق لخرابها وضرب دولتها، والى مصر لزعزعة استقرارها كما فعل بكم خلال السنوات الأربع العجاف، والى غزة المنكوبة لشق الصف الفلسطيني وضرب مشروعه الوطني في الخلاص من مآسيه التي تؤججها ملالي إيران على حساب أطفاله الأبرياء.
حاسبوهم ولا ترحموهم، كما لم يرحموكم خلال السنوات الأربع السابقة، انتهكوا بها البلاد في حريتها ووحدتها وخلاصها وديمقراطيتها وسلمها وتقدمها ومستقبلها وأحلام أطفالها.
حاسبوهم على ما تسببوا به من تهديم للدولة وتعطيل لاقتصادها، واغلاق لبرلمانها، وتشويه لدستورها، وإرهاب وحصار لمؤسساتها الشرعية، واعتداءات على الجيش لضرب هيبتها كما حدث في الشياح واحتلال بيروت وغزو الجبل براجماتهم الصاروخية.
حاسبوهم على حرب تموز الكارثية، التي تسببوا بها وجرَّت الويلات والمآسي والدمار ومليارات الخسائر والديون على لبنان دون أن تستطيع الدولة المنتهكة محاسبتهم.
وكما حاسبت إسرائيل مسؤوليها بلجنة فينو غراد، حاسبوهم أنتم بصوتكم المتحضر في صناديق الاقتراع، وأنتم الأقوى به على شراذم الشمولية الرعاع!
في السابع من حزيران القادم الشعب اللبناني على موعد حاسم مع الانتخابات. فهذا اليوم هو يوم الحساب المميز في تاريخ الديمقراطية الذي يملكه الشعب لمحاسبة القوى السياسية والحزبية على ما حققته للشعب والوطن من تقدم وعمار ورخاء، او ما اقترفته بحقه من تأخر وتعطيل ودمار، وجلبته من مصائب وبلاء.
يأتي هذا الموعد بعد اربع سنوات فظيعة عجاف، دموية أليمة، ومرة مريرة، ومصيرية صعبة أطلت فيها الفتنة عشرات بل مئات المرات لتجر البلد الى التدمير والخراب والشعب المنهك الى حمل السلاح من جديد وقتل الأخ لأخيه خدمة لمصالح الآخرين من وراء الحدود.
وفقط حكمة وصبر قوى 14 اذار المستهدفة، وعضهم في كل مرة على الجراح هو الذي افشل الفتنة مرة تلو الأخرى.
دول وراء الحدود لا يريدون لهذا اللبنان ان يرتاح، بل ليبقى ساحة مستباحة من قبل طوابيرهم الخامسة والعملاء وهم في قصورهم البعيدة يتلذذون على آلامه سعداء، وفي مطابخ مخابراتهم يطبخون له السم الزعاف ك "فتح الاسلام" وغيرها من المؤامرات بخبث وشيطنة ودهاء.
الأمور واضحة جدا ولا تحتاج الى تحليل، واصبحت جلية للشعب الصابر النبيل الذي عاني من عمليات الخطف والقتل والاغتيال والتفجير والاعتداءات المتكررة منذ أربع سنوات على المواطنين المسالمين الآمنين.
والمستهدف دائما ومنذ اربع سنوات هم فقط وبالتحديد سياسيي وجماهير ومناصري ومحازبي ومناطق قوى 14 اذار. ومنذ محاولة اغتيال الوزير النائب مروان حمادة الى اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه الى باقي الاغتيالات لمفكري وقادة ونواب وزراء هذه القوى المستهدفة في وضح النهار الى خطف الزياديين وقتلهما بوحشية وبشاعة. والزيادان الشابان هم من مناصري ومحازبي المستقبل والتقدمي الاشتراكي.
ارتكبت جماعات وشلل وزعران 8 اذار خلال السنوات الاربع الماضية ممارسات ارهابية لا يمكن ان يتقبلها أي نظام ديمقراطي، واعتصامات غير ديمقراطية تحولت الى احتلالات لوسط العاصمة.
الأجهزة الأمنية اللبنانية ليست عاجزة في مواجهة هذه القوى والدويلات المسلحة الفلتانة الا ان القرار السياسي لم يصدر بعد.
القرار السياسي بحاجة ماسة الى صوتكم الهادر في 7 حزيران.
ليُبْني على الشيء مقتضاه!
فاحزاب وشلل 8 اذار اتباع المحور الإيراني السوري لا يمكن ان يردعها الا صوت الناخب اللبناني الحر الأبي الشجاع.
الفرصة سانحة في 7 حزيران لتزلزلوا الأرض حضاريا من تحت أقدام العصابات والزعران!
أعظم ما في الديمقراطية هي ساعة الحساب، التي يكرم فيها الحزب او المرشح الفلاني من الناخب الحر فيعطيه صوته لينجح او يخذله فيفشل .
أحلى ما في الديمقراطية هو التغيير بالدم الجديد الذي تجدده الإرادة الشعبية الحرة النزيهة في شرايين النظام السياسي كل اربع سنوات.
أروع ما في الديمقراطية ان ليس فيها قتال وقرقعة سيوف وصهيل خيل وقصف مدفعي عشوائي وأعداء، بل اشتباك سلمي بالكلام والحجة والمنطق والذكاء لأخصام سياسيين في قول كلمة الحق على بعضهم ألداء.
أعظم واحلى واروع ما في الديمقراطية ان يمارسها ديمقراطيون عصاميون مخلصون لشعبهم يحترمون خياراته السياسية ويؤمنون بحق إنسانه في التعبير عن ارادته الحرة دون ضغط وعنف وارهاب وسفك دماء.

ليست هناك تعليقات: