الثلاثاء، أبريل 07، 2009

قراءة في شخصية المقاوم الفلسطيني

حسام الدجني

المقاوم هو احد أفراد المجتمع, رفض الذل والهوان والخضوع والاحتلال, وقرر أن يقدم ما يملك ابتداء من الروح وليس انتهاء بالمال.
كفلت كل الشرائع السماوية والدنيوية للمقاوم الحق في مقاومته, ابتداء من قوله تعالى:" ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون .", وصولا إلى القوانين والشرائع الدولية التي كفلت للشعب المحتل أن يقاوم الاحتلال بشتى الوسائل المتاحة.
المقاوم الفلسطيني نشأ مع نشأة الحركة الصهيونية في فلسطين, وكان يعبر عن الشخصية الفلسطينية البسيطة, التي كانت تقاتل عصابات الأرجون والهاجاناة بالوسائل المتاحة, ومع إعلان قيام دولة إسرائيل, ونكبة الشعب الفلسطيني, وبعد العدوان الثلاثي على مصر, وقصف قطاع غزة بالطيران, دفع العديد من الفلسطينيين إلى العمل الفدائي, وتشكلت بعض الخلايا التي كونت فيما بعد فصائل وأحزاب وحركات تتبنى المقاومة, حتى تم إنشاء منظمة التحرير عام 1964.
بعد هزيمة الجيوش العربية في حرب الأيام الستة 1967, ودخول الفصائل المسلحة إلى منظمة التحرير والتي أصبحت فيما بعد كيانا جبهويا, يضم آلاف المقاومين من حركة فتح وغيرها من فصائل العمل الوطني.
وأبرز ما خاض المقاوم الفلسطيني معركة الكرامة, والذي بصموده حقق انتصارا رائعا, حيث كان الفدائي أو ما يصطلح عليه اليوم "المقاوم" يعيش في خيام متواضعة, ويأكل وجبة واحدة في اليوم, ويعيش بدون راتب, ويسلك الطرق الوعرة على قدميه للوصول إلى القاعدة التي يوجد بها.
والحوادث والشواهد التي مر بها المقاوم الفلسطيني عبر حياته كثيرة, والتقاطع الملفت للنظر فيها أن الفدائي أو المقاوم كلما توفرت له عوامل الرفاهية كلما تراجع دوره النضالي, وطغت الشخصانية وحب الذات والتملك, على حساب العمل الفدائي الوطني والعقائدي.
وليس بعيدا نموذج الانتفاضة الأولى 1987, حيث كان المقاوم الفلسطيني يعيش في الكهوف والخنادق ووسط زقاق المخيم, ويركب السيارات المتواضعة التي يركبها أي فلسطيني, ويبيع صيغة زوجته من اجل شراء الرصاص أو البندقية.
والهدف الأسمى له تحرير الوطن من دنس الاحتلال أو الشهادة.
سطر المقاوم الفلسطيني أروع معالم النصر, وخاض العديد من المعارك ضد الاحتلال وأوقع الخسائر تلو الخسائر, حتى دفع رابين "أن يتمنى أن يصحوا من نومه ويرى غزة قد ابتلعها البحر".
أما على صعيد الفصائل حيث تعتبر حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" وجناحها المسلح العاصفة, من أولى الفصائل التي مارست العمل المسلح, وضمت مئات المقاومين في صفوفها, حيث اغتال الموساد العشرات من قادتها وكوادرها العسكريين, ولم تتزحزح حركة فتح قيد أنمله, بل استمر العمل المقاوم, وسطر فدائيو فتح أروع ملاحم البطولة في الكرامة وبيروت والضفة الغربية وقطاع غزة.
وبعد توقيع أوسلو, وإنشاء السلطة الفلسطينية, عملت حركة فتح على ضم فدائيوها للعمل في الأجهزة الأمنية والشرطية والمؤسسات المدنية, ووزعت السيارات الفاخرة, والرتب العالية, والشقق الفاخرة, والتسهيلات البنكية, حتى تم تفريغ الشخصية المقاومة من محتواها, واستبدال ثقافة المقاومة بمقاومة الثقافة, ولكنها ثقافة الذات وحب التملك, فأصبح الهم الأكبر لرجالات صقور فتح والفهد الأسود هو كيفية تحقيق المكاسب الشخصية والجهوية, وتناسوا المصالح الوطنية, حتى وصلت حركة فتح بمقاوميها إلى ما وصلت إليه, وخرج جيل لا يعرف سوى كيفية الحصول على درجة مدير C أو رتبة نقيب أو غير ذلك.
أما حركة حماس فحدث ولا حرج, فهي تمر في نفس المراحل التي مر بها مقاتلو فتح والفصائل الوطنية, حيث بدأ العمل المقاوم عند حماس منذ تأسيسها عام 1988, وكان الشخص الذي يلتحق في كتائب الشهيد عز الدين القسام متطوعا بدون أجر ولا راتب ولا رتبه, فالأجر عند الله, والمرتبة في جنان الخالق.
أما اليوم أصبح المقاوم في الكتائب وهو يجلس في داخل سيارته المكيفة الفاخرة والتي تقدر بعشرات الآلاف من الدولارات, ويحمل مرتبة عسكرية عالية وبراتب كبير نسبيا, حتى أصبحت إمكانية التوافق بين السيارة الفاخرة, وبين العمل داخل الخنادق تكاد تكون معدومة, وهناك الكثير الكثير الذي يحتاج من فصائلنا المقاومة إلى نقد ذاتي معمق, والى العودة إلى التربية العقائدية الوطنية للمقاوم الفلسطيني, تربيته على حب وطنه ودينه وأن العمل المقاوم هو عمل تطوعي, وواجب وطني وديني وأخلاقي لكل فلسطيني عربي مسلم.

كاتب وباحث فلسطيني
Hossam555@hotmail.com

ليست هناك تعليقات: