الاثنين، يناير 26، 2009

Dear Mr President

إلا إذا

جمانة حداد

ليس عندي أحلامٌ كثيرة ولا مطالب كثيرة، يا عزيزي السيد الرئيس.
خلافاً للحالمين كثيراً ولأصحاب المطالب، سأكتفي بالقليل القليل.
الصيف صيفٌ، والشتاء شتاء. ومثلما تفعلون في بلادكم لتتّقوا قيظ الأول وتردّوا برد الثاني، إفعلوا هكذا في أيِّ مكانٍ من العالم. ليس لأن ذلك من حقوقكم، وإنما فقط لأنكم بحكم الأمر الواقع دولةً عظمى.
وكما تميّزون عندكم بين الحق والباطل، فتزهقون روح الثاني وتجعلون للأول المقام الاول، ميِّزوا عندنا بين الحق والباطل.
وكما تعاملون القاتل والقتيل، فتودعون الاول السجن وتمنحون الثاني عدالة الاستشهاد وكرامة الموت، نطالبكم بأن تفعلوا عندنا الشيء نفسه وتُعِزّوا القتيل وتقتصّوا من القاتل.
وكما صرتم لا تميّزون عندكم بين الأبيض والأسود أمام القانون، كفّوا عن التمييز بين من تعتقدونه إبن الستّ وتظنّونه إبن الجارية في بلادنا والمنطقة.
ويا عزيزي السيد الرئيس، أوصيكَ بأن لا تعبد ربّين.
لن يكون عندكَ الوقت الكافي لترضي هذا وذاك. من الآن، من هذه اللحظات الأولى لدخولكَ البيت الذي نأمل أن يكون إسماً على مسمّى، أخيّرك بين الأول والثاني، فلا تتردّد، ولا يغرّنكَ ما اغترّ به الكثيرون.
قبلك، قلائل جداً هم أسلافكَ الذين اختاروا، وأحسنوا الاختيار. وستظل الصلوات تنهمر على أرواحهم، وسيظل الناس يتذكرونهم بالخير. عندكم وعندنا وفي كل ركنٍ قصيّ من جهات العالم.
قبلك، كثرٌ جداً جداً هم أسلافكَ الذين لم يحسنوا الاختيار، فعبدوا ربّاً هو ربّ القتل والعنف والدمار والجور والظلم والتمييز والانتقام. استبعدوا الربّ الحقيقي بعدما أغمضوا قلوبهم عنه، وعبدوا ربّاً مضاداً للحبّ والسلام والحق والحرية. ثم لم يكتفوا بهذا الصنم الدموي وإنما جاؤوا بصنوٍ له ليعبدوه. هكذا، أقاموا حلفاً شريراً بين إله الشرّ وإله المال، وكلاهما واحد. ولا تزال اللعنات تنهال على قبورهم وأرواحهم، وستظل. والذين منهم لا يزالون أحياء، ستلاحقهم حتى مماتهم دعوات الثكالى والأيتام والمظلومين في كل كابوس من كوابيس العالم.
ويا عزيزي السيد الرئيس،
ليس عندي أحلامٌ كثيرة، ولا مطالب كثيرة.
أريد منكَ أن تكون وفيّاً لنفسك. أعرف أنك لن تستطيع أن تشيل الزير من البير، لكنكَ تستطيع في الأقل أن تعد نفسكَ بالوفاء لنفسكَ.
فلا تخن عهودك، يا عزيزي السيد الرئيس. ولا تنم على مخدة ملوثة بفكرة الدم.
بلادكَ، يسمّونها بلاد الحلم الأميركي، فلا تجعلها كابوساً للذين لا يزالون يتوهمون أن الأحلام يمكن أن تصير حقيقة على أيديكم.
شخصياً، لن أحمّلك أحلاماً كثيرة، ولا مطالب كثيرة. لكن البشر هم البشر، وهم لا يزالون يؤمنون بأن المعجزات يمكن أن تتحقق في بلاد الحلم الأميركي. فلا تبخل عليهم بمعجزة، وإن صغيرة.
... لا تخن أحلام هؤلاء، لئلا يلعنوك الى الأبد.

(joumana.haddad@annahar.com.lb)

ليست هناك تعليقات: