الأربعاء، يناير 28، 2009

صورة الضحية

سعيد الشيخ

منذ ان انتصرت "اوروبا" على وحشيتها وأطبقت كتاب محارقها بحق يهودها الذين لاقوا اهوال "الهولوكست".. ظلت صورة الضحية مجمدة في العقل الاوروبي الى حد المبالغة. الى حد سن قوانين تلاحق من يشكك بحيثيات واحصائيات المحرقة ، الى حد وصولنا الى هذا الزمن الذي نرى فيه هذه الضحية "المؤطرة" ترتكب أبشع جرائم العصر وبما يفوق جرائم النازية.
ان الرقي الذي لحق اوروربا وبطبيعة الحال الولايات المتحدة الامريكية لم يكن شاملا، ويشوبه النقص والعارفي كل المعايير الانسانية عندما تظل صورة الضحية على حالها من التحجر في العقل الغربي بأن لا ضحية سوى ضحايا النازية. وفي حين ترتكب "اسرائيل" بما هو طبق صورة الاعمال النازية من مجازر وحشية ومماسات ضد الحضارة والانسانية بحق ابناء الشعب الفلسطيني.
تاريخ من العدوان والمجازر هو تاريخ دولة "اسرائيل" منذ تأسيسها على الوطن الفلسطيني، وما زال المجتمع الدولي على تخلفه العقلي في عدم فهم معاناة الشعب الفلسطيني نتيجة الفظائع الوحشية التي يأتي بها قادة وجنرالات هذه الدولة العسكرية المنافية للحياة المدنية بأمتياز، والممارسات التي اقل ما يقال فيها انها جرائم حرب منافية للقانون الدولي. وليس من العدل ان تظل صورة الضحية خاضعة للمعايير السياسية دون المعايير الانسانية.
وطالما منطق القوة هو الذي سيظل يحدد المعايير ، فأن هذا المجتمع الذي تقودة الولايات المتحدة الامريكية هو مجتمع مهزوم من داخله بأهتراءاته وتعفنه مهما امتدت أذرعته الحديدية عبر المحيطات والبحار.
كما كانت النازية مجرمة، فأن الصهيونية مجرمة بالمثل. فالنازية والصهيونية صنوان لا يختلفان في قتل البشرية. واذا لاقت النازية من يحاكمها في القرن الماضي الى اليوم ، فلماذا هذه الحضارة اليوم لا تستطيع محاكمة الصهيونية على جرائمها المتمثلة في الاحتلال والعنصرية والابادة؟
هذا لأنه وبأختصار: عالم تقوده الولايات المتحدة هو عالم مهزوم... وللشعب الفلسطيني المسقبل في مجتمع اكثر عدلا لينصفه في وطنه وضحاياه.
وكلمة أخيرة: لقد ذكرت الوكالات الاخبارية ان القاتل اولمرت قد بكى عند مشاهدته على التلقاز مواطن فلسطيني يبكي فقدان بناته الثلاث في العدوان الاخير على غزة.. فهل يا ترى بكى الحاكم العربي كما بكى العدو؟
وذكرت الانباء ان مذيعة اخبار القناة الثانية في التلفزيون الاسرائيلي قد أدمعت على الهواء مباشرة عند تقديمها للاخبار لمشاهدتها ضحايا قصف مدرسة الاونروا في عزة.. فهل تمنّعت المذيعة العربية عن تبرجها وارسال ابتساماتها العريضة امام حضرة الموت الفلسطيني العربي؟!

كاتب وشاعر فلسطيني

ليست هناك تعليقات: