السبت، يوليو 11، 2009

حديقتنا وحديقة جيراننا

فوزي ناصر

حين تزور حديقة عامة في مدينة يهودية مجاورة، ستسمع حتماً عائلات تتكلّم العربية، وحين يأخذ بك الفضول للحديث مع هذه العائلات ستسمع حتماً انهم جاءوا لإمتاع أطفالهم بالعشب الأخضر والألعاب الحديثة الجميلة التي تفتقر لها مدينتهم أو قريتهم...يلعب أولادهم ثم يجلسون على العشب أو المقاعد يأكلون ما جاءوا به من البيت، يضعون الفضلات في كيس نايلون ويمشون حتى يصلوا إلى مكان تجميع النفايات فيلقوه هناك..ثم يعودون بالمواصلات العامة أو بسيارتهم الخاصة...

وإذا أخذك فضولك إلى اللحاق بهم ستجد في حيّهم حديقة نسيت أشجارها الخضرة منذ زمن بعيد ونسيت سيقانها القشور والفروع، وتجد بقايا أزهار في ركن وبقايا مقعد في ركن آخر..ستجد حتماً موقعاً تشير الأدلة أن كان فيه أرجوحة، وإلى جانبه عمود من الحديد لا يزيد ارتفاعه عن متر ثمّ ماسورة كانت يوماً ما صنبوراً..

وقد تجد غسالة انتهت صلاحيتها وعطاماً رماها آكلو اللحم، وأكياس نفايات محكمة الإغلاق مبقورة تعمل فيها القطط وقتاً إضافياً.

وتسأل نفسك إن كانت هذه الحديقة يوماً كما تلك في المدينة المجاورة، وأن ما حصل لها لم يكن ضربة سماء أو هزة أرضية..بل من يتمتع بحديقة المدينة المجاورة ويحافظ عليها، ربّما يكون ذاته من أتلف الألعاب وأيبس الأشجار ورمى النفايات في حديقة حارته.

وتسألهم عن ذلك لتسمع اجاباتهم المتشابهة وترى أفعالهم المتشابهة..يطنبون في المديح حين يذكرون حديقة المدينة المجاورة ويطنبون في شتم البلد والحي اللذين ينتمون لهما وسيقولون حتماً: لا يلبق للعرب شيء!! وينسون أنهم يتصرّفون بوجهين..يشخصيتين متناقضتين! سترك يا ربّ!

فوزي ناصر – كاتب ومرشد سياحي في معالم الوطن الفلسطيني

fauzi_hn@netvision.net.il

ليست هناك تعليقات: