د. فايز أبو شمالة
قلتُ: أن الذي يقطع الرواتب مَحْضُ لِصٍّ، ومع ذلك لا بد أن أشكرك يا من قطعت راتبي، فقد أعدتني إلى فلسطينيتي دون خوف منك أو وجل، وأجبرتني أن أتحرر من قيود رواتبك، ومن تسلّط توقيعك، ومن قوة قرارك على حياتي اليومية، أشكرك فقد كشفت عن بصري غطاء الحاجة إليك، فإذا بي صاحب عزمٍ حديد.
ساترك إليك راتبي، تتزيّن فيه، وتتجمّل، وتمشّط فيه شعرك، وتدهنه بالأصباغ، فقد شاهدتك على الفضائيات وقد تجاوزت الشباب، والكهولة، والشيخوخة، ومع ذلك ما زال يبدو شعرك أسود!. فكيف تسنَّى إليك ذلك؟، أي تشويه تتعرضون له؟ وكيف تهونون على أنفسكم، وتخادعونها، وأنتم تُلوِّنُون مساوئكم بالأصباغ لتبدو محاسن؟ وأنتم تَلْوُون عنق التنسيق الأمني مع الإسرائيليين ليبدو عملاً وطنياً! إن في التجميل الزائف لوجوهكم، وصبغة شعركم خداع للناس في الجوهر لا في المظهر فقط، ويكشف عن سلوك عام يتميز بالتزييف لمواقفكم السياسية التي تسعون لأن تظهر شابة، وقوية، وصلبة، وجملية، ومخلصة، وأمينة، ومعطاءة، ووفية للشهداء والأسرى، والحقيقة تخفيها الصبغة اللفظية.
تجمّل يا قاطع الرواتب، واكتمل بفجورك، وتكحل بالدنيا من راتب أمثالي، فأنت لم تعش على هذه الأرض مثلنا، ولم تعاني شظفها، ولم تضرس من حمضها، أنت زائر لها، ووافد عليها، وفي جيبك جواز سفر لدولة أخرى، ولا تعرف مخزون هذا الوطن من الوجع والصبر، وتخاف من الغد، ويفزعك الجوع، أما نحن المقطوعة رواتبهم فإننا ملح هذا التراب، ونؤمن أن في هذه الأرض المباركة؛ كوز الزيت لا يفرغ، وخابية القمح لا تنضب. ونحمد الله الذي أطعمنا من جوعٍ، وآمننا من خوفٍ، ولم تتقطع بنا السبل يا قُطَّاعَ الرواتب.
فاقطعْ، إن القاطعَ يقطعُ، وإن القاطعَ مقطوعٌ، وإن القاطعَ منقطعٌ عن هذا الشعب، ومستقطعٌ منه، اقطعْ، فدم الأستاذ "عمر شقورة أبو وائل" مدير مدرسة رفح الثانوية للبنين في رقبتكم؛ لأنكم حرمتموه من العمل، واشترطتم عليها الراتب بالقعود، فقعد في بيته كسيراً حزيناً خشية إملاقٍ من قطعكم لراتبه، وبعد أن اختنق باللحظة قعيداً في بيته بكى، ولما فاض ضجراً سار، وصار يقف يومياً على ناصية المدرسة يراقب الطلاب، ويتحسر مشفقاً على نفسه وعلى طلابه، إلى أن مات كمداً بسبب قراركم محاربة العمل في غزة يا قطاع الرواتب.
لقد أكدت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في فلسطين "ديوان المظالم" في بيان أصدرته بتاريخ 6 ـ 7 ـ 2009 أنها تلقت خلال هذا الشهر شكاوى ضد وزارة التربية والتعليم في حكومة سلام فياض بهذا الصدد، ليرتفع عدد الشكاوى إلى ما يزيد على 226 شكوى خلال الأشهر الأولى من عام 2009 الجاري. واعتبرت الهيئة، أن ذلك الإجراء مخالف لقانون الخدمة المدنية والقانون الأساسي الفلسطيني، وانتهاك لحق المواطن في تولي الوظائف العامة في الدولة على قدم المساواة، ودون أي تمييز.
أما آن للأرض أن تنشقَّ، وتبتلع قُطّاعَ الرواتب!؟
.fshamala@yahoo.com
قلتُ: أن الذي يقطع الرواتب مَحْضُ لِصٍّ، ومع ذلك لا بد أن أشكرك يا من قطعت راتبي، فقد أعدتني إلى فلسطينيتي دون خوف منك أو وجل، وأجبرتني أن أتحرر من قيود رواتبك، ومن تسلّط توقيعك، ومن قوة قرارك على حياتي اليومية، أشكرك فقد كشفت عن بصري غطاء الحاجة إليك، فإذا بي صاحب عزمٍ حديد.
ساترك إليك راتبي، تتزيّن فيه، وتتجمّل، وتمشّط فيه شعرك، وتدهنه بالأصباغ، فقد شاهدتك على الفضائيات وقد تجاوزت الشباب، والكهولة، والشيخوخة، ومع ذلك ما زال يبدو شعرك أسود!. فكيف تسنَّى إليك ذلك؟، أي تشويه تتعرضون له؟ وكيف تهونون على أنفسكم، وتخادعونها، وأنتم تُلوِّنُون مساوئكم بالأصباغ لتبدو محاسن؟ وأنتم تَلْوُون عنق التنسيق الأمني مع الإسرائيليين ليبدو عملاً وطنياً! إن في التجميل الزائف لوجوهكم، وصبغة شعركم خداع للناس في الجوهر لا في المظهر فقط، ويكشف عن سلوك عام يتميز بالتزييف لمواقفكم السياسية التي تسعون لأن تظهر شابة، وقوية، وصلبة، وجملية، ومخلصة، وأمينة، ومعطاءة، ووفية للشهداء والأسرى، والحقيقة تخفيها الصبغة اللفظية.
تجمّل يا قاطع الرواتب، واكتمل بفجورك، وتكحل بالدنيا من راتب أمثالي، فأنت لم تعش على هذه الأرض مثلنا، ولم تعاني شظفها، ولم تضرس من حمضها، أنت زائر لها، ووافد عليها، وفي جيبك جواز سفر لدولة أخرى، ولا تعرف مخزون هذا الوطن من الوجع والصبر، وتخاف من الغد، ويفزعك الجوع، أما نحن المقطوعة رواتبهم فإننا ملح هذا التراب، ونؤمن أن في هذه الأرض المباركة؛ كوز الزيت لا يفرغ، وخابية القمح لا تنضب. ونحمد الله الذي أطعمنا من جوعٍ، وآمننا من خوفٍ، ولم تتقطع بنا السبل يا قُطَّاعَ الرواتب.
فاقطعْ، إن القاطعَ يقطعُ، وإن القاطعَ مقطوعٌ، وإن القاطعَ منقطعٌ عن هذا الشعب، ومستقطعٌ منه، اقطعْ، فدم الأستاذ "عمر شقورة أبو وائل" مدير مدرسة رفح الثانوية للبنين في رقبتكم؛ لأنكم حرمتموه من العمل، واشترطتم عليها الراتب بالقعود، فقعد في بيته كسيراً حزيناً خشية إملاقٍ من قطعكم لراتبه، وبعد أن اختنق باللحظة قعيداً في بيته بكى، ولما فاض ضجراً سار، وصار يقف يومياً على ناصية المدرسة يراقب الطلاب، ويتحسر مشفقاً على نفسه وعلى طلابه، إلى أن مات كمداً بسبب قراركم محاربة العمل في غزة يا قطاع الرواتب.
لقد أكدت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في فلسطين "ديوان المظالم" في بيان أصدرته بتاريخ 6 ـ 7 ـ 2009 أنها تلقت خلال هذا الشهر شكاوى ضد وزارة التربية والتعليم في حكومة سلام فياض بهذا الصدد، ليرتفع عدد الشكاوى إلى ما يزيد على 226 شكوى خلال الأشهر الأولى من عام 2009 الجاري. واعتبرت الهيئة، أن ذلك الإجراء مخالف لقانون الخدمة المدنية والقانون الأساسي الفلسطيني، وانتهاك لحق المواطن في تولي الوظائف العامة في الدولة على قدم المساواة، ودون أي تمييز.
أما آن للأرض أن تنشقَّ، وتبتلع قُطّاعَ الرواتب!؟
.fshamala@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق